بمناسبة الذكرى السادسة عشر لتأسيسه، نظّم الحزب الديمقراطي اللبناني حفل قسم يمين مركزي لـ 243 منتسباً جديداً إلى صفوف الحزب، في مسرح مدينة الشويفات – مؤسسة الأمير مجيد أرسلان، بحضور رئيس الحزب وزير المهجرين الأمير طلال أرسلان، أعضاء المجلس السياسي والهيئة التنفيذية في الحزب، بالإضافة إلى ضيف الشرف رئيس بلدية مدينة الشويفات زياد حيدر ورؤساء الدوائر والوحدات وأعضاء هيئات الدوائر الحزبية والكشّاف الديمقراطي.
بعد النشيد الوطني اللبناني ونشيد الحزب، ألقى مدير الإعلام في الحزب جاد حيدر كلمة تعريف قدّم فيها المعايدة والتهنئة لرئيس الحزب وجميع الحاضرين بمناسبة ذكرى التأسيس، ثمّ دعا كل من أرسلان ومدير الداخلية لواء جابر لتلاوة القسم الحزبي ورفع التحية الحزبية على المنتسبين الجدد.
وألقى أرسلان بعدها كلمة بالمناسبة، قال فيها: “إن دربَ حزبنا هو دربٌ وطنيٌ قويم.. هو دربٌ وطني لأننا نُغلّبُ … من خلال مبادئنا وسلوكنا البُعد الوطني الجامع بين اللبنانيين على أيّ بعدٍ آخر، وخصوصاً البعد الطائفي الذي هو علّة العلل ومصدر الضعف والإنقسام بين اللبنانيين بقدر ما هو عدوُّ الوطنية.. أي بقدر ما هو مصدرُ ضعفٍ للبنان وتهديدٍ لوجوده ككيان حرٍّ سيدٍ مستقلْ، ولقد أثبتت التجارب أن العصبيّة الطائفيّة هي العدوّ الأوّل للطوائف نفسها… والعصبية الطائفية هي عدوُّ الدين… ولأن العصبية الطائفية هي الغطاء الكريه للفساد وللمفسدين… ولأن العصبيّة الطائفية هي المسؤول الأوّل عن تهميش الدستور وإبطال فعاليّة القانون وتكريس شريعة الغاب… ولأن العصبية الطائفية هي نقيض الوطنية والمواطنة… ولأن العصبية الطائفية هي التي باتت تشكّل الغطاء للنظام العرفي المناقض للدستور والذي يُقيم تمييزاً عنصرياً بين اللبنانيين.. وهو التمييز العنصري المسؤول عن تهجير اللبنانيين من أرضهم وتضييق فرص العمل أمام الأجيال الصاعدة بحيث أصبحنا للأسف… نضطّرُ إلى الهجرة بحثاً عن لقمة العيش…
لذا أركّزُ باستمرار على التنديد بهذا التمييز العنصري.. وأستخدم عن قصد تسميته المتعارف عليها دولياً أي الـ Apartheid…”.
وأضاف: “يستغربُ الكثيرون لماذا ألفظ هذه التسمية التاريخية للتمييز العُنصري…
الجواب واضيح، وهو الآتي: نظام الُـ Apartheid… كان موجوداً في جنوب إفريقيا… ودُرجَ على اعتباره دولياً أنّهُ نظامٌ ظالمٌ، مجرمٌ، عديمُ الأخلاق، متعصّبٌ برجعيته، عدوٌّ للتطوّر… يرمي أكثريّة الشّعب خارجَ دورة الحياة والعُمران، نظامٌ لا يتوفّر فيه الحدُّ الأدنى من القيم الإنسانية، لأنه يتناقض مع أبسط مقوّمات العدالة والمساواة بين الناس… وإذا كانت هذه التفرقة العنصريّة قائمة في الماضي في جنوب إفريقيا على أساسٍ عُرقي وعلى التمييز ما بين ما أسماهُ الإستعمار… الرجل الأبيض وما بين الإنسان ذي البشرة الملوّنة… فإنه في لبنان.. وللأسف الشديد قائمٌ على التمييز ما بين الناس على قاعدة طائفية ومذهبية… ومنذ أكثر من رُبعِ قرنٍ سقطَ نظامُ الـ Apartheid هذا… في جنوب إفريقيا بفعلِ نضال الشعب وطلائعه المتنوّرة وعلى رأسها.. المناضل الإنساني والأخلاقي الكبير “نيلسون مانديلا”… فمن العار أن يستمرَّ التمييز العُنصري في وطنٍ مثل لبنان إنطلقت منهُ النهضة العربيّة في أواسط القرن التاسع عشرَ…”.
وأردف أرسلان: “نحن نرفض نظام التفرقة العنصريّة لأنه المسؤول المباشر عن الإنحطاط الذي وصلنا إليه، وأودّ أن أسألكم… وأخاطبُ ضمائركم ووجدانَكُم: هل تعتبرون أن هذا النظام القائم فيه عدالة ؟؟ هل تعتبرون أن هذا النظام القائم بريءٌ من منظومة الفساد والإفساد التي تسمّمُ حياتنا العامّة وتنشر اليأس والخيبة في صفوف الشباب… إننا نرفض هذا النظام… لأنه يناقضُ بالكامل الدستور اللبناني الذي نطالبُ باحترامه وبالعودة إليه وإلى مواده التي تعترف بأنّ اللبنانيين متساوون في الحقوق وفي الواجبات… ولأن الدستور يُقرُّ باحترام الأديان ولا يعاديها أبداً… ولأن كل النكبات التي نعيشها، هي ناتجة قبل كلّ شيء عن عدم احترام الدستور… وعن تسخير القانون لمصالح بعض المتنفّذين الذين أوصلوا وطننا الحبيب إلى الهاوية التي نتخبّطُ فيها الآن… ولأنّ لبنان بات معرّضاً لخطر الزوال نتيجة هذه الثنائية الغريبة العجيبة القائمة على نظام عُرفي يعمّم الفساد والمظالم.. ويلغي الحياة الدستورية، الكفيلة لوحدها في حماية حقوق الناس ومصالحهم…”.
وتابع: “ولهذه الأسباب مجتمعة أطلقنا ناقوس الخطر منذ تسع سنوات، أي قبل أن يعمَّ الخراب في محيطنا القومي وفي العالم العربي… ونبّهنا إلى أن الإستمرار في إدارة الحياة العامّة من خارج الدستور… وخدمة لمصالح تجّار الطوائف والمذاهب لن توصِل إلاّ إلى الكارثة… وطليعة الكارثة تتمثّل أمامنا بمأزق النظام… لقد استشرفنا الوضع الذي وصلنا إليه اليوم ونبّهنا إلى أننا أمام أزمة نظام… إن لم نبادر فوراً إلى وضع حدٍّ له… فإنه سيُطيح بالدولة ثمّ بالكيان.. من هنا، سبب طرحنا ودعوتنا إلى عقد مؤتمرٍ تأسيسي مهمّته القضاء على النظام العرفي الفاسد المفسد.. والمخرّب الجائر. ولا يكون العلاج إلا بإعادة الدولة إلى الحياة الدستورية.. ولمن اتهمنا وردّ علينا بالقول أننا نريد تكريس المثالثة بدلاً من المناصفة في الطوائف من خلال هذا المؤتمر، نقول له، أننا في مدرسة الأمير مجيد ونهجنا لا نعرف ولن نعترف لا بمثالثة ولا برباعية ولا بخماسية فلا قيامة لهذا الوطن سوى بوحدة شعبه، لذلك نن نصر على طرحنا هذا، ولقد أثبتت الوقائع بما لا يقبل الشك بأننا كنا على حقٍّ فيما طرحناه وبأنّ توقعاتِنا كانت هي الصحيحة… والأدلّة على ذلك كثيرة وهي لا تحصى ولا تُعَد…”.
وأكدّ أرسلان أنّه لقد تعلّمنا من النهج الذي أرساهُ بطل الإستقلال المغفور له الأمير مجيد أرسلان، أن اللبنانيين عائلة واحدة.. وأن التجربة اللبنانية، كتجربة إنسانية، وطنية، راقية.. هي تجربةٌ تستحقُّ الحياة، وهي نقيضٌ للتحارُب، والتقاتل، والتوحّش… الذي يعمُّ بيئتَنا القومية… وعالمَنا العربي اليوم… فلا يكونُ لنا إنقاذٌ منها إلا بتحكيم العقل والمنطق والأخوّة الوطنيّة. وطريقُنا إلى ذلك تكون بفرض العودة إلى الحياة الدستورية التي.. لوحدِها، تكفَلُ حماية المواطنين وصيانة حقوقهم.. وضمان العيش الكريم لكلّ أبناء المجتمع اللبناني. حين نطرح هذه المبادىء… فإننا لا ندعو إلى ثورة.. ولا إلى شغب، لأن الشغب موجودٌ وقائم اليوم… وهو الذي أوصلنا.. إلى الإنحطاط الذي نحن فيه…
وأضاف قائلاً “من هنا يا رفاقي الأعزاء، إنّ طرحَنا السياسي هذا، يمثلُّ درب النهوض الوطني العام، لأن الخير لا يكون ولا يأتي إلاّ بإقامة الدولة الدستورية العادلة، إنّ الكفاحَ الذي ندعو الشباب إليه يهدف إلى وضع حدٍّ للنزيف الحاصل… نتيجة البحث عن الهجرة، بدلاً من البقاء في الوطن داخل دولة تُعنى بإيجاد فرص عملٍ للبنانيين… وتصونُ حقوقهم من خلال القانون والإنتظام العام، فيبقى الشاب اللبناني والشابة اللبنانية في أرضهم، بين عائلاتهم وأهلهم، فيسترزقون في وطنهم ولا يتركوه بحثاً عن لُقمة العيش في المغتربات والمهاجر… هذا هو الطموح الممكن والقابل لأن يتحقّق.. بتوفُّر العزيمة… والصمودِ في أرضِنا، وعدم الخضوع لنظامِ الفسادِ والإفساد. إن الكفاح السياسي هذا، وهو واضحُ المعالم، يُسقطُ كل النظريات والمزاعم التي تهبّط العزائم… وتزعمُ بأن الإنحطاط والمظالم هما قدرُنا المحتوم”.
وتابع: “لا يا رفاقَ الدرب… لا وألفِ لا، إن الكفاحِ لبناء الدولة وإصلاح الحياة العامّة، هو نقيض المستحيل، لأن هذا النهج هو الذي يجعل من الفساد والإستباحة… قدراً محسوماً. إن حزبَكم… الحزب الديمقراطي اللبناني يؤمن بالإنسان اللبناني، وبقدرته على تحقيق المعجزات، إذ ما من قوّة يمكنها أن تتصدّى لإرادة الشعب، لأن الشعب إذا أراد الحياة ينتصر في نهاية المطاف، وعليكم أن تختاروا ما بين الحريّة والأمل وما بين العبودية المقنّعة والزوال. فلقد حسمتم خيارَكم بإرادة الحياة من خلال انتسابكم اليوم إلى الحزب الديمقراطي اللبناني، المؤمن بالوحدة المعنوية للشعب اللبناني، وبأن الدين لله والوطن للجميع… كما تقول مبادىءُ الحزب… هذا الحزب الذي سيتابع مسيرته ولا يمكن أن يتأثر بمن يتعب من مسيرة النضال فيتركه… ولا يتأثّر بالضغوطات التي يتعرّض لها… لأنّه حزبٌ لا يقومَ على مكاسب شخصيّة يحصَل عليها من السلطة أو من غير السلطة، ولأنّه حزبٌ لا يقوم تماسُكُهُ الداخلي على مغريات ماديّة أو وظائفيّة… ولأنه حزبٌ يقوم على صمود أعضائه وتحمّلهم لا على ضعفهم وهوانهم…”.
واعتبر أرسلان أنّ عضوية الحزب الديمقراطي اللبناني هي عضويةُ الإيمان بصُدق الحزب وتمسُّكه بحقوق الشعب.. وبطروحاته السياسية والإجتماعية الواضحة، لا بالمغريات والوعود الفرديّة. مؤكداً أنه حزبٌ يشكّلُ الإنتماءِ إليه، فعلَ إيمانٍ بالحريّة والوطنية، وليس لإرضاء طموحاتٍ فردية… إن تحققت للفرد استمرّ في صفوفه، وإن لم تتحقق للفرد… تركهُ ومضى… فالذي ينتمي إليه، ينطلقُ من حرصه على كرامته الإنسانية والوطنية، وليس أملاً بالحصول على مكسب فردي.
وقال: “إن الحزب الديمقراطي اللبناني، هو حزبُ نضال وليس حزب وظائف.. إنه حزبُ كفاح، وليس حزب مكافآت.. إنه حزبٌ يعملُ للشعب، ولا يسخّر الشعب لمصالح فردية.. فلو كان الأمر هكذا.. لأخذ حزبُنا دربَ الغرائز الطائفية والمذهبية، ولما انفردَ في المطالبة بإصلاح النظام السياسي… إن دربَ هذا الحزب… دربٌ وطنيٌ قويم وأنتم اخترتم أن تكونوا رفاقَ هذا الدرب… إنه ليس حزبُ سلطة، ولا هو حزبٌ سلطوي، ولا يرتبطُ مصيره بالمال وبالتسلّط… ان النضال في صفوف الحزب الديمقراطي اللبناني ليس رحلة سياحية ترفيهية بل هو درب يتطلب كفاحاً و صموداً و تضحية لاننا :
اولا – لن نستسلم امام منظومة الفساد و التسلط.
ثانيا – لن نستسلم امام منظومة التمييز العنصري الجاءره .
ثالثا – لن نساوم على قناعاتنا التي كلفتنا الكثير في السابق . فلو كان طلال ارسلان من الذين يبيعون مواقفهم لقاء مكاسب ظرفيه لكنت ثابتا في معادلة و التسلط . لكنني لا أُخضع مواقفي لمعيار الربح والخسارة على حساب حفوق الناس ومصالحهم… ومن اختار ان يكون رفيقاً لدربي عليه ان يضحي معي.
رابعا – لن نتخلى عن درب الحرية والتحرر. لان درب التحرر هو درب الكرامة الانسانيه.
خامسا – لن نتراجع عن المطالبة بالدولة المدنيه التي تصون كرامة الوطن وشرف المواطن وتدعم ركائز الوطن اللبناني الذي وصفه قداسة الحبر الاعظم يوحنا بولس الثاني بانه رسالة للانسانية بتنوعه وبوحدة عيش ابنائه.
وختم أرسلان بالقول: “في مسيرة النضال أيها الرفاق، ثمّة دائماً من يسقط في الطريق… لأنه لم يتمكن من تحقيق هدفه الفردي… لكن الحزب يستمر… طالما أن مبادئَه واضحة… فلا يتوقع منا أحد أن نصبحَ ذات يومٍ… تجّارَ طوائفٍ ومذاهب… ولا يتوقع منا أحد، أن نتنكّر لقناعاتنا لقاء مكاسب صغيرة… لذلك كانت دربُنا باستمرار… درباً صعبةً وشاقّة، ولم ننحني ولم نتواطأ ولم نخضع… عاش وطننا لبنان… وعشتم خيرَ مناضلين في مسيرة الحريّة والوطنيّة…”.