بالذكرى الـ 34 لرحيله… هكذا خاطب الأمير طلال أرسلان والده الأمير مجيد

في كلمة وجدانيّة له بالذكرى الـ 34 لرحيل والده بطل الإستقلال المغفور له الأمير مجيد أرسلان، توجّه الأمير طلال أرسلان إليه بالقول: “في مثل هذا الْيَوْم ١٨ أيلول ١٩٨٣ وفي تمام الساعة السادسة والنصف إلا خمسة دقائق من صباحه، غيّب الموت الزعيم العربي الإستقلالي الحرّ الامير مجيد ارسلان، كنت آنذاك في سن الثامنة عشر من العمر، شاب لم يكن طموحه إلا أن يكتب له القدر العيش بدفء عباءة والده العظيم، لكن الموت حقٌّ والرضى والتسليم بقضاء الله عزّ وجل والحمدُ الدائم للباري تعالى خفّف الكثير من ألم الفراق وكبر المصاب، كيف لا ونحن مؤمنون وعقيدتنا ثابتة بإذن الله العلي القدير الذي لا يحمد على مكروه سواه.
صحيح مضى على غيابك الْيَوْم أربعةٌ وثلاثون عاماً … لم يمضي عليّ يومٌ فيهم إلا وذكرتك داعياً إلى ربي أن تكون روحك الطاهرة النقيّة معي في كل خطوة أخطوها وفي كل موقف أواجهه والسبب هو ليس فقط من موقع الابن اتجاه أبيه، بل لأنك كنت وما زلت وستبقى المثل الأعلى لابنك الذي تأثّر بأخلاقك وشجاعتك ورجولتك وعنفوانك وطيبتك وتواضعك وتفانيك بخدمة وطنك وشعبك وأمتك، فلم تتأثّر يوماً الا بقناعاتك النابعة من عظمة ضميرك الحي وإحساسك المرهف بوجع وألم الناس.

كنت المدرسة في الصدق كنت المدرسة في الأخلاق كنت المدرسة في الوطنية الصادقة المخلصة الشفافة … كنت إن نطقت صدقت وإن وعدت وفيت وإن إئتمنت تؤدي الأمانة بإخلاص وتفانٍ قلَّ نظيرهما، كيف لنا أن ننسى بأن أوّل وعكة صحيّة حصلت لك ولم تخرج منها حتى اليوم الاليم الذي رحلت عنّا فيه كانت نتيجة انفعالك وتأثّرك لتهجير أبناء شبعا عام ١٩٧٠ الى حاصبيا، وهذا إن دلّ على شيء يدل على الأخلاق العالية وعلى احساسك مع الانسان كإنسان وعن المواطن اللبناني كمواطن، كيف لا وانت صاحب الشعار القائل “أنا للجميع، لا أميّز بين لبناني ولبناني آخر”، هذا هو الكبر والتواضع والكرامة وعزة النفس والشجاعة والعنفوان والشرف المرفقين مع بياض قلبك النقي الصافي، وكيف ولا وانت الذي كنت تردّد دائماً على مسامعنا “طيبة وبياض القلوب من صفات الرجال الرجال والحقد والضغينة والأنانية والتكبّر من صفات الجبناء.
أيّها الحبيب أيّها الزعيم أيّها القائد أيّها الأب الحنون صاحب القلب الكبير والعاطفة النبيلة المترافقة مع الفروسية والرجولة في كل مواقفك ماذا أقول لك بعد أربعة وثلاثين عاماً على رحيلك ؟؟؟ الانانية العاطفية الشخصية لابن أحبّ والده الى حد لا يستطيع وصفه او ابن يحزن على غياب والده، أقول لك لحد الآن لم أستطع تخطي فراقك ورحيلك عنا، ذكراك لم يفارقني في يوم من الأيام، ففي الأيام الحلوة والمرة أترحم عليك في كل ما حصل ويحصل معي وأرفق مع الرحمة عليك كلمة الحمدلله في كل الأحوال، وينتابني شعورٌ غريبٌ لا أستطيع وصفه بأننا سنلتقي…، أين وكيف ومتى لا ادري بل هذا الشعور خفّف علي كثيراً ألم المصاب.
وختم أرسلان قائلاً: “أما أصعب ما يكون عليّ اتجاهك ان أقول الحمدلله انك رحلت ولَم ترى ما وصلنا اليه في هذا البلد او في هذه الأمة من انحطاط وتخاذل وتكاذب وتآمر وفتن وانقسامات مذهبية وطائفية وتمييز عنصري وحقد وضغينة وكراهية باسم الدين، كثر الدين وقل الإيمان، وصحّ قولك المأثور الذي كنت تردده دائما ” اللي ما بتتعب عليه الايادي ما بتحزن عليه القلوب”، وستبقى مسيرتك بوصلة الإنقاذ والوحدة الوطنية … رحمة الله عليك “.