عقد رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني الأمير طلال أرسلان مؤتمراً صحافياً مباشراً من دارته في خلدة، تناول فيه عدّة ملفات، ابرزها زيارته الاخيرة إلى موسكو، والشق السياسي اللبناني، كما توجه برسالة إلى أبناء جبل العرب وسورية بشكل عام.
وقال أرسلان: “أودّ أولاً أن أتقدّم من الأخوة في روسيا الاتحادية بالشكر والتقدير على كل ما قدّموه ويقدّموه لنصرة العالم بأسره وليس لبنان وسوريا فقط، بمحاربتهم للإرهاب التكفيري بشتى أشكاله وأنواعه، مؤكدين على التعاون المستمر وتعزيز تماسكنا والتزامنا بكل المبادىء الإقليمية والدولية التي يطرحها فخامة الرئيس فلاديمير بوتين من أجل التحرّر العالمي من الآحادية التي أثبتت في كل مراحلها اتباع سياسة القمع والغطرسة وسفك الدماء ولجم الحريات واستبعاد الشعوب ومصالحها وتسخيرها بالمطلق لخدمة مشاريعها المشبوهة التي أصبحت تهدد السلم العالمي بأسره… وأودّ أن أخص بالذكر الصديق ميخائيل بوغدانوف على حسن الضيافة كما أشكر المسؤولين في وزارة الدفاع الروسية على استقبالهم المميز الذي ترك أثراً في قلوبنا مقدرين كل التضحيات التي قدّموها لنصرة أوطاننا وقضايانا المحقّة والعادلة”.
وأضاف: “ثانياً، أود أن أوجّه تحيّة خاصة لأهلنا في جبل العرب والجولان السوري المحتل وجبل الشيخ، بتمسكهم بهويتهم الوطنية والقومية في الدفاع عن الهويّة العربية السورية بقيادة سيادة الأخ الرئيس الدكتور بشار الأسد، والجيش العربي السوري الحافظ لكرامتنا وعزتنا وشرفنا في أمّة ضاعت فيها الكرامة والعزة والشرف والتضحية، وأقول للجميع بأننا لن نسمح لأحد من الذين يدّعون الإلتزام بالخط من جهة والذين يراهنون على تحويلنا إلى حرس حدود لإسرائيل، وبأن أهل سوريا بوصلتهم قومية ووطنية وكل مخاطبة أو مقاربة مبنية على روح مذهبية أو طائفية مع أهلنا في سوريا مرفوضة بالشكل والمضمون عن حسن نيّة أو عن سوء نية… فشعارنا واحد وتوجهنا واحد والشعار رفعه المقاوم المجاهد البطل سلطان باشا الاطرش في الثورة العربية السورية الكبرى عام 1925… “الدين لله والوطن للجميع”، وأهلنا مسؤولون عن كل ذرّة تراب سورية من شمالها إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها ولن نسمح لأي كان تشويه هذه الصورة الناصعة البياض”.
وتابع: “كل من يريد أن يتعلّم معنى الروح الوطنية والقومية المناضلة والمقاومة، لينظر إلى الجولان العربي السوري المحتل، ولينظر إلى أهلنا في حضر وجبل الشيخ ليعلم أن أهل جبل العرب جزء لا يتجزأ من هذه المنظومة التوحيدية المقاومة الوطنية بامتياز، وجزء لا يتجزأ من الشعب السوري البطل. وإلى بعض أهالينا في جبل العرب أقول بكل صراحة هنالك عمل دؤوب ومشبوه لتشويه صورتكم في الإعلام وفي غير الاعلام، وكلنا نعلم بأنها محاولات بائسة لن تصل إلى أي مكان، فالوضع في سوريا انتهى والدولة باتت تبسط سيادتها على كافة الأراضي المحرّرة من الارهاب التكفيري وداعميه، وعليكم مسؤولية وطنية كبرى لتعزيز هذه الروحية المتعاونة بإخلاصٍ وتفانٍ وصدق وآمانة بعيداً عن المزايدات..”.
وأردف بالقول: “ضمانتكم الدولة، ضمانتكم النظام، ضمانتكم القوانين، ضمانتكم الجيش العربي السوري، ضمانتكم كما ضمانتنا الرئيس الأخ الدكتور بشّار الأسد، وكل من يعتبر غير ذلك هو متواطئ عليكم وعلينا ويهدر دمكم ودمنا خدمة لإسرائيل وأعوانها وداعميها من الداخل والخارج”.
وأضاف: “ثالثاً، سأنتقل إلى الشق اللبناني المأسور في آتون المصالح الإقليمية المشبوهة بتواطئها على الأمة جمعاء.. كفى مزايدات وذرّ الرماد في العيون، الشعب اللبناني بحاجة إلى متطلبات معيشية في أبعادها الاجتماعية والاقتصادية والمالية.. كيف يمكن حل موضوع اللاجئين من دون التعاطي مع الدولة السورية ؟!، نحن نشكر ونثمّن وندعم الدور الروسي في محاولاته الدؤوبة لحل مشكلة النازحين، مؤكدين أن روسيا هي الدولة الوحيدة التي تعمل وتجاهر رسمياً بوجوب عودة النازحين السوريين من كل العالم وخصوصاً من لبنان إلى ديارهم، لكن أليس علينا مسؤولية أن نسهّل ونواكب ونعمل بدون مواربة وتذاكٍ لندخل البيوت من أبوابها ؟؟!، هذا الارتهان لمصالح الاخرين لم يعد باستطاعتنا كلبنانيين تحمله على كافة المستويات”.
وقال أرسلان: “طبعاً هناك مسائل أخرى يجب حلّها وبسرعة، تتعلّق بالصادرات اللبنانية من زراعية وصناعية عبر خط الترانزيت البرّي مع سوريا لكافة الدول العربية..، كفى مكابرة وتعاطي غير مسؤول في كلّ الأمور، نحن حريصون على أطيب العلاقات مع الجميع لكن ليس على حساب مصالحنا كدولة وشعب.. وصلت الأمور إلى مكان لا نحسد عليه على الإطلاق..”.
وختم قائلاً: “رابعاً وأخيراً أود أن أعتذر من الجميع عن استقبال المعايدات والتهاني في هذا العيد المبارك احتراماً وتماسكاً مع أهلنا في جبل العرب، مع كل عائلة شهيد وأسير، سائلاً الله عزّ وجل الرحمة لكل الشهداء وداعياً إلى تحرير جميع الأسرى، داعمين لكل المساعي التي تبذل من قبل الجمهورية العربية السورية في هذا الصدد”.
ورداً على سؤال عن الحكومة وما يسمى بالعقدة الدرزية، أجاب أرسلان: “فرق كبير وشاسع بين موضوع مؤتمري اليوم وبين موضوع سؤالك، اذ أعتبر مضمون السؤال سخيف جداً أمام أهمية ما يجري، وأعيد ما قلته في الشق اللبناني، فلنخرج أولاً لبنان من اسره، وفي حينها كل شيء يصبح قابل للبحث، إنما مع الاسف البترودولار عامل شغلو بهل بلد، وأتمنى أن نتحرر، وليس جسدياً بل عقلياً وروحياً من الاسر، ولا مبرر للتأخير في الحكومة والشروط التي توضع وهذا امر مؤسف لا يليق بنا كلبنانيين وكمسؤولين، وعليك ان تبحث اين نقاط الضعف، فيا إما يتحملها المسؤول عن تشكيل هذه الحكومة ويجاهر امام اللبنانيين ويصارحهم بكل ما لديه، أو سنضع علامات استفهام كبيرة اقليمية ودولية، هي وراء عرقلة تشكيل الحكومة، تماماً كمسألة التعاطي بخفة بملف النازحين، وكما قال أحدهم: أن قضية النازحين السوريين في لبنان ليست عبئاً على الاقتصاد اللبناني والخدمات، وهذا يدل على سخرية وعلى استخفاف بعقول الناس، فعندما ترى احجام النازحين واعدادهم، والمدارس الرسمية والكهرباء والمياه والخدمات العامة التي يعاني منها اللبناني، وتسمع في الوقت ذاته من يعتبر نفسه زعيماً في البلد يقول ان تشكيل النازحين عبئاً على لبنان هو كذبة، فهذه خفّة في التعاطي السياسي بأمور ومصالح الناس، لذلك وضع البلد المعيشي والمالي والاقتصادي سيء، ووضع الفساد في الدولة يستشري نتيجة هذه السياسات والارتهان الى البترودولا”.
وعن العلاقة مع سوريا وإن كانت تؤثر في مسألة تشكيل الحكومة، قال ارسلان: “أنا مع العلاقة مع سوريا في الحكومة هذه قبل الحكومة العتيدة، فهذه بديهيات وكل من يعمل عكس الجغرافيا والتاريخ، سيصبح خارج الجغرافيا وخارج التاريخ، لا يمكن ان نخترع من عندنا، هناك ارتباط مباشر اجتماعي وعائلي وتاريخي وجغرافي واقتصادي وانمائي ومالي وزراعي وصناعي بكل جوانبه بين البلدين، والتاريخ والجغرافيا تفرض العلاقة مع سورية، هذه المسألة ليست نزوة شخص او اكثر يقررون تحديد طبيعة العلاقة مع سورية، فما وضع الصادرات اليوم ؟ وما وضع مرفأ بيروت ومرفأ صيدا؟؟، فلا يمكن التعاطي مع هذه المسلمات بهذا الشكل، بغض النظر عن رأي كل فرد وعن عواطفه الشخصية، فمصالح الشعب لا تدار بالعواطف وعلى المسؤول المواجهة وتحمل المسؤولية، وعلى الشعب ان يعي مصالحه ويبدأ بالمحاسبة، فكل شيء اصبح ككرة الثلج يكبر، حتى التآمر والتواطؤ والارتهان للخارج، هذا الوضع لم يعد يطاق، وليس طلال ارسلان من سيدفع الثمن ولا القيادات السياسية ستدفع الثمن، الشعب هو من يدفع هذا الثمن، هذا الشعب الذي يقبضون على اسمه مليارات الدولارات من البترودولار، وهو لا يرى ولا يصله اي شيء منها، فحتى مبدأ الثقافة في التعاطي الأخلاقي بين بعض يتم ضربه، فنسمعهم يتكلمون عن حصص في الحكومة، كيف يمكن ان تكون حكومة وحصص ؟ حصة فلان وحصة هذا الحزب ؟؟ فأين البلد من كل هذا ؟؟ فكل شيء اصبح محللاً بمفرداتنا اللبنانية، وهذا غير موجود باي دولة تحترم نفسها في العالم، لكن كما قلت سابقاً الخيانة لدى كل شعوب العالم هي خيانة الا في لبنان فهي وجهة نظر”.