أسطورة شعب في مواجهة الطائرات إنتفاضة رمضان والمقاومة الفلسطينية تضرب عمق الكيان

lilian 7amze

ليليان حمزة

شهر فضيل أطل بحلّةٍ وطعمٍ مرير مع مشاهد الدّمار والقصف والإرهاب الإسرائيلي على قطاع غزة، ما دفع بفوانيس إنتفاضة رمضان أن تضاء وتجعل المقاومة الفلسطينية تقدّم مفاجآت على غرار ما قدّمته المقاومة اللّبنانية في عدوان تموز عام 2006. ومن الواضح أن الفصائل الجهاديّة اخترقت الجدران ولم تعد مستضعفة ولا ضعيفة وستشكل قوة ردع خارقة في مواجهة العدو الصّهيوني الغاصب.

أطلقت شرارة المعركة مع استشهاد الطّفل الفلسطيني محمد أبو خضيرة البالغ من العمر 15 عامًا، الذي قتله حاخام يهودي وستة مستوطنين بأسوء الأساليب، إذ أخضعوه للتعذيب، وأجبروه على شرب البنزين، ثم أضرموا به النار. وبالتّالي، إنفجر الشّارع الفلسطيني غضبًا وسخطًا وألمًا، ولم تقف قوى الجهاد مكتوفة الأيدي  إزاء هذه الجريمة البشعة، فأعلنت سلطات الإحتلال الإسرائيلي أنها ستشن عدوانًا على غزّة، وكأنها لم تكن تخطّط للعملية مسبقًا وتتحيّن الفرصة لضرب القطاع وكسر أنف المقاومة، فلا حنكة تفوق هذا المحتل في اختلاق الذّرائع وتبرير القتل والإجرام.

غزة 22

شهر فضيل هو لكن لم يفضل على الشّعب الفلسطيني بدعم الدّول العربية وقادتها، كالعادة، فالصّمت سيّد الموقف وفلسطين تناضل وحدها بوجه جيش وكيان مغتصب يلقى دعمًا وغطاءً دوليًا. غير أن الكيان الإسرائيلي صُعق بتغيّرات ومعادلات جديدة لم يكن يتوقعها، إذ باتت المقاومة تدكّ عرين العدو في حيفا، وتل أبيب، والقدس، والخضيرة، وما أبعد منهم، بحيث تعجز القبّة الحديدية عن ردع سوى جزء قليل من الصّواريخ، فضلاً عن توفّر الصّواريخ المضادة للطائرات، وتنفيذ عمليّات عسكرية جريئة من خلال عمليّة اقتحام موقع “زيكيم” في عسقلان المحتلة وإيقاع ضحايا في صفوف الصّهاينة لم يعترف إلا بسقوط جندي في خلالها.

يعلو صراخ أبناء غزة من الآلام والجراح التي لا يقتصر على أرواح الشهداء، بل على صمت الملايين من الشّعوب العربية وأنظمتها، فلا جامعة الدّول العربيّة تنهض من نومها العميق ولا منظمة التّعاون الإسلامي تتحرّك، وكأنهم يوعزون باستمرار العدوان. أين الخطابات الّتي يجب أن تدعو إلى الوحدة العربيّة في خندق واحد بوجه العدو لمؤازرة الشّعب الفلسطيني المنكوب ولتحرير فلسطين؟! للأسف، غاب زمن النّخوة وماتت الضّمائر، فلقد اعتدنا على مدى ثلاث سنوات ونيف، منذ بدء “الرّبيع العربي” المزعوم، على سماع خطابات صاخبة لكن من نوع آخر، فقد كانت الشّيوخ تعتلي المنابر بهدف التّحريض على النّظام السّوري وتدعو إلى الجهاد من أجل الشّعب السّوري المظلوم، ومن أجل الإطاحة بالرّئيس بشار الأسد، وتغري الإسلام بالجنة وعالم مليء بالمجون؟!

القناع ينكشف الآن ويتعرّى العرب من مؤامراتهم وجرائمهم التّي لم تكن تهدف الى مساعدة الشّعوب العربيّة بل لإضعافها، فهم ليسوا سوى أداة لخدمة الصّهيونية، وما هي معظم الأنظمة العربيّة وقادتها سوى أحجار على رقعة شطرنج نصّبت إبان الإستعمار والإنتداب وأخذت دعمها وشرعيّتها من الأميركيين وإلا لما بقيت على عروشها.

إلى ذلك، يحاول العدو الصّهيوني تصوير الصّراع على أنه حرب على حركة حماس، التي عزلت عربيًا ودوليًا في الآونة الأخيرة نتيجة علاقتها بالإخوان المسلمين، لكنّه حرب إبادة على الشّعب الفلسطيني، ومحاولةً لتركيع المقاومة، وقتل المصالحة الفلسطينيّة الحديثة الولادة، وكسر استقلالية غزّة التي لم تخنع يومًا للضغوطات الإسرائيليّة ورفضت الإحتلال. ويصوّب الكيان المحتل أهدافه دومًا نحو قتل الأطفال والنّساء والأبرياء وهدم المباني والبنى التحتية من أجل تحطيم معنويات الشّعب الفلسطيني وإجباره على الإستسلام.

بيد أنه ما يجري على الميدان يبرز تطوّر القدرات القتالية لحركة حماس وحركات الجهاد وهذا دليل على التّدريب المكثف والدؤوب في السّنوات الماضية التي تلت عملية “عامود السحاب” في عام 2011. هذا وتحاول “إسرائيل” إقناع حماس بوقف إطلاق الصواريخ، لكن الأخيرة رفضت وبرهنت العقود الماضية مدى صمود الشعب الفلسطيني الصّلب المؤمن بعدالة قضيته وأن النصر آتٍ ولو بعد حين، والعدو على يقين بخطورة المقاومة ولهذا لم تكن له الجرأة لشن عملية برية على غزة فهو أوهن من بيت العنكبوت وينهار بجبنه أمام سواعد المقاومين وجبروتهم.