أرسلان بعد لقائه الرئيس عون: هذه المحاولات تدفعنا للتساؤل هل المقصود أن يصبح البلد غابة؟

استقبل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، في قصر بعبدا، رئيس الحزب “الديمقراطي اللبناني” النائب الأمير طلال أرسلان ووزير الشؤون الاجتماعية والسياحة في حكومة تصريف الاعمال رمزي مشرفية، والوزير السابق صالح الغريب، وعرض معهم اخر التطورات على الساحة المحلية وسبل الخروج من الأزمة الراهنة.

وبعد اللقاء، ادلى النائب أرسلان بالتصريح التالي الى الصحافيين: “لا بد بداية في هذا الظرف العصيب الذيت به البلاد من ان ازور فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لكي اتقدم من خلاله بالتعازي لكل عائلات الضحايا الذين سقطوا نتيجة المجزرة التي حصلت في مرفأ بيروت. وآمل للجرحى بالشفاء العاجل.”
أضاف: “كان اللقاء مناسبة تدوالنا في خلالها مع فخامة الرئيس بكافة الأمور المحيطة بنا على المستوى الداخلي كما على المستويين الإقليمي والدولي، وعلى مستوى الاستحقاقات أيضا التي يجب على لبنان ان يقطعها بأقل كلفة ممكنة وبحد كبير من الخسائر. ان الخسارة واقعة وهي كبيرة علينا، نتيجة عوامل عدة، اهمها الفساد وضرورة القيام بإصلاحات. وعملا بالمثل القديم فإن من جرب المجرب كان عقله مخربا، نحن بحاجة الى ان ننفض عن اكتافنا كافة الأحقاد والضغائن وان نحرص كلبنانيين، بغض النظر عن امنياتنا وتمنيات كل فريق على المستوى الشخصي، لأن البلد في ازمة لا بل في أزمات، على التعالي فوق الكثير من الجراح الشخصية والارتقاء الى مستوى المسؤولية تجاه هذا الشعب الذي لم يبخل علينا يوما بدعمه وحتى بلقمة عيشه ودمه ودم ابائه ونسائه وشيوخه. وهو لا يستحق ان يُكافأ منا جميعا بهذا الاستهتار بالتعاطي في الشأن العام وشؤون البلد وشجونه، كأننا دائما بحاجة الى ان نطبق على انفسنا مثلا قديما يعتبر ان الكنيسة القريبة لا تشفي، منتظرين الاستحقاقات لكي تكبر او الوصول الى ظروف شبيهة بما حصل في مرفأ بيروت، التي يجب ان تؤخذ فيها كافة الفرضيات، وكلها واردة، من سياسة الإهمال الى التواطؤ الى ال غير ذلك…، لنسأل انفسنا اذا كان يجب علينا ان ننتظر ساعة إقليمية او دولية معينة لكي نتكلم مع بعضنا البعض، او للاتفاق بين بعضنا البعض على حد ادنى من الأمور؟ نحن لا نطلب المستحيلات انما يجب علينا التوصل الى حد ادنى من التفاهمات لا سيما عندما يصل الامر الى لقمة عيش الناس وكراماتهم.”
وقال: ” نحن رحبنا بزيارة الرئيس الفرنسي ونرحب بمن يأتي الينا من دول إقليمية ودولية سارعت الى تقديم مساعدات للبنان، وهي جميعها مشكورة لهذا الامر. كما قدمت لنا مطالب بالإصلاح ومعالجة الفساد وبعديد من الأمور علينا كلبنانيين ان ننجزها. ألم نكن نعرف بذلك؟ هل إن هذا المظهر الذي نطل به الى دول العالم يليق بنا كلبنانيين، منتظرين دائما اي دولة او نصيحة خارجية لنقبل في ان نتكلم مع بعضنا؟ لقد سبق ودعا فخامة الرئيس مرات عدة الى طاولات حوار، ومع الأسف لم تحصل لا بالشكل ولا بالمضمون اللذين من الواجب ان تتم بها، نتيجة الأحقاد وليس نتيجة مواقف سياسية او تباينات، ذلك ان التباين في الموقف اليياسي حق مشروع لنا جميعا. لكن هل يجوز ان يصبح الجلوس مع بعضنا البعض من المحرمات، الا اذا اتى الامر بمثابة فرض علينا من الخارج، فنقبل بالسلام على بعضنا البعض؟ هل هذا المستوى يليق بنا كلبنانيين؟ وهل يليق بنا ان نوصل نحن مستوانا الى هذا الحد؟ ان المطلوب منا اليوم ان نتعالى فوق كافة الجراح والاحقاد. وانا أرى ان الكثير من المواقف التي نسمعها هي تحريضية ولا تساهم بحماية البلد واخراجه من هذا المستنقع الموجود فيه. علينا ان نتعالى جميعا عن الجراح الشخصية والتي هي ليست عامة، ونلتف حول شرعية الدولة التي تمثل شرعية الوطن، ونترفع أيضا عن كل ما هو تفصيلي لنرى كيف ننقذ وطننا بما تبقى من قيم. ان التخطيطات والمحاولات لضرب رئاسة الجمهورية والمجلس النيابي والكلام عن استقالات وغيرها تدفعنا للتساؤل هل المقصود ان يصبح البلد غابة فالتة؟ وأين المنطق الدستوري والعاقل، وأين الحكمة في مثل هكذا توجهات، انا اضع حولها مئة علامة استفهام بتوقيتها وظرفها؟”
وتابع: “ان المطلوب منا ان نعمل على التهدئة وإنقاذ البلد، ومعالجة ملف الفساد واجراء الإصلاحات في اسرع وقت لكي نستعيد قليلا من الثقة بنا كلبنانيين وبدولتنا. فنحن عندما نسمع الدول تقول لنا انها غير مستعدة لأن تعطينا الا مساعدات عينية ، فهذا ليس بمثابة اوسمة شرف لنا كلبنانيين. هذا يعني اننا لا نؤتمن على المال العام. وهذه حقيقة مرة نتيجة الكثير من التصرفات خلال السنوات الثلاين الماضية التي أوصلت الى وصلنا اليه اليوم. نحن أصلا ما عدنا نثق بإدارتنا للشأن الداخلي المالي.”
وسئل عن أي شكل من الحكومات المطروحة اليوم يؤيدها واي مواصفات لأي شخصية تترأسها، أجاب: “بكل صراحة، انا لن ادخل في بازار أي حكومة نتمنى، وكأن كل احد منا ينام ويستيقظ صباحا على فكرة حكومة تكنوقراط او حيادية او نصف سياسية… انا لن ادخل في هذا الامر، بل أؤكد انه علينا مسؤولية قبل شكل الحكومة في ان نتفق على حد ادنى من الصراحة بين بعضنا البعض لحماية البلد. فأذا ما اتينا من الآن لوضع شرط على الحكومة، ماذا نكون فاعلين غير القيام بحفلة مزايدات على بعضنا، ويصبح نتيجتها كل فرد اسير موقفه وغير قادر على التراجع عنه. دعونا نتفق على مجموعة من الإصلاحات الجدية ضمن قوانين ومراسيم غايتها الأساسية ضرب الفساد الذي يشمل في لبنان ليس فقط مد اليد على المال العام وسرقته بل بات منظومة قائمة منذ 30 سنة ومشرعة في القانون، ونتفق حول ذلك، عندها تأتي أي حكومة تطبق هذه الأمور، فلا مشكلة لدينا. لكن ان نختلف على من يأتي قبلا العربة ام الحصان، فهذا غير مقبول. وانا لا اريد ان أقول ان حكومة التكنوقراط افضل من الحكومة السياسية، انما دعونا نفهم أولا مهام الحكومة وعلى ماذا سنلتزم تجاه بعضنا البعض ونخرج من سياسة المزايدات.”
وسئل: هل هذا يعني انكم تدعون الى الحوار قبل تشكيل الحكومة؟ فأجاب: “طبعا، طبعا. يأتي الرئيس الفرنسي ويؤكد انه سيعود في أوائل أيلول، وتبدأ المطالبات الخارجية والداخلية حول شكل الحكومة، ومنهم من يطرح الحكومة الحيادية، على الرغم من انني مقتنع ان لا حياد في لبنان. مع الأسف، نحن نوهم انفسنا بشعارات نعرف مسبقا انها لا تُصرف في أي مكان. وهذه ازمة البلد.”