هل يضخ “المير مجيد” دما جديدا في الزعامة الارسلانية؟

 

نادر حجاز

كان بإمكانه ان يمضي عطلته الصيفية بعد غربة عام في كندا، حيث يتابع دراسته، بطريقة مختلفة. الا انه لا يبدو من محبي تضييع الوقت، ومن الواضح انه يدرك جيداً اي دور يُحضّر له في السنوات المقبلة .مجيد طلال ارسلان، هذا الشاب الذي عبر حديثاً ضفاف العشرينات من عمره، يقرأ جيداً ويصغي كثيرا.

يراقب من بعيد ويفكّر بالأبعد. حاضرٌ بأدق تفاصيل البيت العائلي في خلدة، رغم اقامته القصيرة فيه، الا انها كفيلة بكسر هدوئه وروتينه.يحاول ابن البيت الارسلاني ان يطل باكرا على الحياة السياسية، منطلقا من الوسط الشعبي أولا قبل الانغماس في المدى الوطني الارحب.

وفيما كانت اطلالته العام الماضي محدودة، وانحصرت بمشاركته باحتفال في الشويفات مطلع ايار 2013 حيث وضع اكاليل زهور على اضرحة شهداء الحزب الديمقراطي اللبناني في المدينة، وتمثيله لوالده في غداء أقامته عشائر العرب في منطقة خلدة.الا ان حضوره هذا العام جاء مختلفا ويحمل الكثير من الدلالات، ففي خطوة لافتة له، قام في الايام القليلة الماضية بجولات مناطقية تعارفية، شملت معظم المناطق الدرزية في حاصبيا وراشيا وعاليه والجرد والشوف والشحار الغربي. وحرص على زيارة جميع المرجعيات الروحية والمقامات الدينية لطائفة الموحدين الدروز بدءا من خلوات البياضة وصولا الى مقام الامير السيد عبدالله التنوخي في عبيه. كما جال على عدد كبير من المشايخ لا سيما رئيس الهيئة الروحية الدرزية الشيخ امين الصايغ في خلوته في شارون.

في اول اطلالة له على الساحة الدرزية، ما يوحي ان دار الزعامة الارسلانية بدأت بالتحضير جديّا لولادة “أميرها الجديد”.واما اللافت في هذه الجولة انها ركزت على المشايخ والاجاويد، في كل القرى ومن دون استثناء، ما اعطى لهذه الخطوة بعداً يتعدى كونها زيارات تعارفية لنجل زعيم درزي، على قدر ما هي تأكيد حضور وتكريس انطلاقة ضمن البيت الداخلي.واما في راشيا، فكان لزيارة ارسلان طعم خاص، فمن قلعتها وُلد استقلال لبنان، فيما كان جده، الذي يحمل اسمه، وزير الدفاع مجيد ارسلان يعلن المواجهة مع الانتداب الفرنسي في بشامون بعد اعتقال رئيسي الجمهورية بشارة الخوري والحكومة رياض الصلح والوزراء في قلعة راشيا.صحيح ان جولاته هذه بقيت بعيدة عن الاعلام، الا انها تركت وقعها المحلي.

لا سيما وان الطائفة الدرزية لا تزال متعلقة الى حد كبير بزعاماتها السياسية. في حين يسعى كل من النائب وليد جنبلاط والنائب طلال ارسلان للحفاظ على العلاقات المتينة العائلية والسياسية بين خلدة والمختارة، ويوصيان بها نجليهما تيمور ومجيد، الذين التقيا في عشاء عائلي بعد ايام من عودة مجيد من كندا في ايار الماضي. فجنبلاط وارسلان حريصان على تحصين زعامتهما التقليدية، في حين ان شركاء جدد بدأوا بالظهور والتوسع على الساحة الدرزية.فهذه الثنائية استعادت وهجها اكثر من اي وقت مضى، الامر الذي تجلّى في الكثير من المحطات بعد احداث 7 ايار والدور الذي لعبه ارسلان في ختم جرح الشويفات والجبل.

وهذه الصورة ستتكرر مجددا الاحد المقبل ايضا في احتفال في بلدة بيصور سيشارك فيه جنبلاط وارسلان في ظل مشاركة جامعة من كل القوى السياسية.وأما في ظل الاحداث التي تمر بها المنطقة، تبدو الطائفة الدرزية اكثر تماسكا خوفا من اي خطر قد يهدد وجودها. خصوصا انها تمسكت دوما بانتمائها العربي والاسلامي، ومن الطبيعي ان تنعكس الفوضى التي يشهدها العالم العربي والساحة الاسلامية عليها وتجعلها اكثر حذرا. وما يتعرض له دروز سوريا مؤخرا هو خير دليل على حراجة موقفهم.وامام هذا الواقع لن تكون مهمة ابن البيت الارسلاني الشاب سهلة، وفي عنقه ارث شكيب وعادل ارسلان ووصية بأن الدروز لا يمكنهم ان يعيشوا في عزلة، ومستقبلهم يكمن بانفتاحهم على الآخرين وتحديداً على عمقهم العربي.

الا ان المقربين منه يشيرون الى ان في جعبة هذا الشاب ما هو مختلف.فهل سيحمل مجيد ارسلان معه اي جديد على العمل السياسي؟ ام انه سيكون استمرارا للطبقة السياسية الموجودة وجزء من المشهد النمطي القائم؟