كتب ابراهيم ناصرالدين:«الاستراتيجية الإيرانيّة» ألم يحن الوقت لتعليق المشانق في رومية؟

لا تعليق
مقالات وتحليلات
0
0

ابراهيم ناصرالدين
فجأة، سقط «خليفة المسلمين» ابو بكر البغدادي ارضا «يقهقه» بصوت عال امام عدد من «ولاته»، واخذ يتمتم كلمات شكر لله على انه وقومه تأخروا في اعلان «الدولة الاسلامية» نحو 25عاما، طبعا استغرب هؤلاء ما يدور حولهم، وتجرأ احدهم على سؤال الامير عن سبب هذه «المكرمة» الالهية، فكان الجواب صادما، «ألم تسمعوا ما قاله النائب اللبناني انطوان زهرا قبل يومين انه من «حظ» «داعش» انها لم تعلن عن نفسها قبل العام 1989عندما كانت القوات اللبنانية بعز قوتها، «كانوا شافو شغل تاني». طبعا عندها شارك الجميع اميرهم في شكر الله وحمده…
طبعا مثل هذه «الترهات» المثيرة للسخرية، تقدم اجابة واضحة عن سؤال جوهري، لماذا لا تهاب «الدولة الاسلامية» الدولة اللبنانية وتواصل عمليات الاعدام الممنهج للجنود اللبنانيين المختطفين؟ الجواب لا يحتاج الى الكثير من عناء التفكير بحسب اوساط رفيعة في 8آذار، لا توجد «انياب» لدى الحكومة اللبنانية لمواجهة هذا «الوحش» التكفيري، بعض اللبنانيين يواجهون، كما نائب القوات، بالتغني بماضٍ دموي سحيق لاخافة مجموعة من «القتلة»، فيما يمارس آخرون هواية «دفن الرؤوس» في الرمال والهروب من المسؤولية عبر تكرار معزوفة توزيع المسؤوليات في زمن المطلوب فيه «فعل» وليس مجرد توزيع اتهامات.
وبحسب تلك الاوساط، لا توجد استراتيجة جدية حتى الان لمواجهة التكفيريين، والدولة اللبنانية لا تزال تتكل على «كبر عقل» اهالي الجنود المذبوحين لوأد الفتنة التي تحاول «داعش» استدراج اللبنانيين اليها، بينما لم تظهر حتى الان انها جاهزة لاستخدام اوراق قوة لديها لوقف عمليات «الذبح»، اقله خلال عملية التفاوض غير المباشر. ماذا يعني هذا الكلام؟ يعني وبحسب الاوساط ان البلاد مفتوحة على انفجار شامل ومخيف لان احدا لا يستطيع ان يضبط كل ردود الفعل، وحتى لو تم ضبطها من قبل الجهات السياسية الفاعلة هنا وهناك، من قال ان اجهزة استخبارات لن تدخل على الخط لاشعال نار الفتنة؟ كل شيء وارد ولكن ما الذي فعلته الحكومة في هذا السياق ؟ لا شيء. لكن ما الذي تستطيع فعله؟ والاهم من كل ذلك هل تحمّل «تيار المستقبل» المعني الاول بحصر النيران في الشارع السني مسؤولياته كاملة ؟
تجيب الاوساط، لم يعد مجديا الخوض في الاخطاء المميتة المرتكبة من قبل مسؤولي تيار المستقبل الوزراء منهم والنواب او مسؤولو التنسيقيات في المناطق، ولم يعد تعداد «الخطايا» المرتكبة في الاعلام التحريضي، والخطوط الحمراء المكبلة للجيش في تحركاته الجغرافية، او في الاشادات العلنية ببعض رموز «التكفيريين» الذين اصبحوا بين ليلة وضحاها وسطاء نزيهين. كل هذا لم يعد خافيا على احد، لكن يبقى السؤال الجوهري والملح الآن هو اين ذهب الرئيس الاسبق للحكومة سعد الحريري؟ ولماذا غاب بشكل مفاجىء عن «الصورة»؟ اليس غيابه دليلا على عدم تقدير تيار المستقبل والرعاة الاقليميين لحجم المخاطر المحدقة بلبنان؟ وهل بهذه الطريقة يمكن تقوية تيار «الاعتدال» السني في البلاد؟ ألم يتغنّ ويهلل «ويطبل» الكثير من جوقة «الزقيفة» عند عودته بهذا الشعار؟ اذاً اين اختفى؟ ولماذا ترك الساحة مجددا لنواب ووزراء من «الصف الثاني» يتصدرون المشهد ويرتكبون الاخطاء المتتالية التي تصب في خانة تعزيز «اختراق» «داعش» للجسد السني «الهش» الذي «اطرب» لسنوات بسماع «اغنيات» التحريض ضد حزب الله و«سمفونيات» دعم «الثورة» السورية، على حدّ قول الاوساط، والتي تحولت الى «وحش» يأكل «الاخضر واليابس»، ورغم ذلك لم تتغير استراتيجية «تيار المستقبل»، ولم تعلن حالة «الطوارىء» لديه وبدل استثمار عودة الحريري على «جناح» «المكرمة» السعودية للجيش في احداث الانقلاب المأمول في الشارع، عاد «الزعيم الازرق» الى منفاه الاختياري ليغيب عن «السمع» ويترك «القنبلة الموقوتة» بين يدي الرئيس تمام سلام الذي تقصد الحريري خلال عودته الاخيرة تذكيره بانه مجرد «موظف» برتبة رئيس حكومة…فهل هكذا يمكن مواجهة التيار التكفيري؟
وتلفت تلك الاوساط، الى ان «المعضلة» الاساسية في غياب الفعالية تكمن في التردد «القاتل» لدى فريق 14 آذار في الاعتراف بأن الظروف المحيطة قد تغيرت ولم يعد مجديا التمسك بشعار دعم «الثورة» في سوريا، فعلى الحدود العرسالية لم يعد هناك «ثوار» بل مجموعة من الارهابيين القتلة الواجب مواجهتهم باللغة التي يفهمونها، واكبر دليل على حالة «الانكار» المستمر للواقع هو القرار الاخير المتخذ في مجلس الوزراء بتكليف الجيش اللبناني اتخاذ الاجراءات الكفيلة بعزل جرود عرسال عن المدينة. ولكن كيف يتم ذلك دون التعاون مع الجيش السوري على الجانب الاخر من الحدود؟ سؤال طرحه احد وزراء قوى 8 آذار على الحاضرين. طبعا الغالبية لاذت بالصمت، البعض ردد لازمة المخاطر المترتبة على التبني الرسمي لدعم السلطات السورية وانعكاساته على الداخل اللبناني، فكيف سيتم تبرير التخلي عن سياسة «النأي بالنفس»؟ وكيف يمكن اتخاذ هكذا موقف دون الاخذ بعين الاعتبار المواقف الاقليمية والدولية الرافضة حتى الان اشراك الدولة السورية في التحالف الدولي المزمع تشكيله لمحاربة «داعش»؟ فهل يخرج لبنان عن هذا الاجماع الدولي؟
طبعا ساد الانقسام في مجلس الوزراء، ولم يتم التفاهم على هذه النقطة المحورية والاساسية الحاسمة في تحرك الجيش في تلك المنطقة، وتركت الامور «مائعة» تقول الاوساط ورميت «الكرة» الى قيادة الجيش التي تملك سلطة استنسابية مرتبطة بالتحرك الميداني للقيام بعمليات تنسيق «بالقطعة» مع حزب الله والقوات السورية في المنطقة، لكن ليس بشكل رسمي او معلن وانما من «تحت الطاولة». طبعا هذا يدلل على حجم «الارتباطات» الاقليمية والدولية لقوى 14آذار التي تتخذ قراراتها بناء على تلك الحسابات وليس وفقا لتقدير حجم المخاطر، والسؤال الجوهري في هذا السياق يرتبط بموقف الدولة السورية من هذه «الازدواجية» و«الميوعة» اللبنانية في التعامل مع هذا الملف، فاذا كان حزب الله ومنذ اليوم الاول لمعركة عرسال يقدم من «خلف الستار» كل ما يلزم لدعم الجيش في المواجهة، فهل ترضى الدولة السورية بتقديم المساعدة لحكومة او جزء من حكومة لا تريد الاعتراف بشرعية النظام وتريد منه العون مجانا ودون دفع اثمان سياسية؟
تشير الاوساط الى ان الحكومة السورية رفضت في السابق اي تعاون امني مع الغرب لا يكون مرتبطا بتعاون سياسي علني، فهل يكون التعامل مع الملف اللبناني مختلفا؟ وهل يمكن لحزب الله ان يلعب دورا محوريا في هذا الامر؟ سؤال برسم الايام المقبلة.
وبالانتظار، يبقى الحل بتبني الحكومة واحدة من استراتيجيتين، الاولى استراتيجية «ارهاب» الدولة الذي تمثله الولايات المتحدة التي خرقت الاعراف والقوانين الدولية وتبنت نظرية «وداوني بالتي كانت هي الداء»، وهي تقوم بعمليات قتل ممنهج لهؤلاء عبر الغارات الجوية، طبعا دون محاكمات، ومارست ضدهم التعذيب، وارسلتهم «خلف البحار»، وفعلت كل ما هو «مقيت» لمواجهة هذا الارهاب بالارهاب. اما الاستراتيجية الثانية وهي الاكثر تناسبا مع الواقع اللبناني فهي النموذج الايراني، «القتل» تحت سقف القانون، ففي تشرين الثاني الماضي أعدمت السلطات الإيرانية، 16 سجينا «مرتبطين بجماعات ارهابية» ردا على مقتل عناصر من حرس الحدود وأسر آخرين في اشتباكات مع مسلحين على الحدود الباكستانية في محافظة سيستان بلوشستان، الم يحن الوقت لتعليق بعض الرؤوس على المشانق في سجن رومية..؟؟؟