أشار الأمين العام للحزب الديمقراطي اللبناني وليد بركات في حديث سياسي على قناة العالم مع الإعلامي فؤاد الخرسا إلى أن مواجهة الإرهاب التكفيري يتطلّب إقفال المدارس والجامعات التي تشكّل وجه الإرهاب الفكري المتمثّل بالقاعدة وداعش وجبهة النصرة ووقف التمويل واتخاذ موقف حازم من دعم هذه الجماعات التكفيرية.
ويتطلّب أيضاً أن يعود الأزهر إلى دوره الطبيعي لمواجهة هذه التيارات التكفيرية من خلال إرساله لبعثات أزهرية في العالم العربي، لأن تراجع دور الأزهر مكّن هذه التيارات التكفيرية من الانتشار في بلادنا العربية. كما يتطلّب من المفتيين في الدول العربية أن يقودوا حملة توعية حقيقية من خلال علماء الدين وخطباء المساجد المتنوّرين الذين يمثّلون الإسلام ويعبّرون بشكل صادق وأمين عن الدين الإسلامي .
خصوصاً وأن الإسلام في هذه المرحلة يتعرّض لحملة تشويه غير مسبوقة في التاريخ تستهدف تشويه صورة الدين الإسلامي وتكفير المسلمين وغير المسلمين، كما يتطلّب أيضاً أن يتصدّى علماء السنة والمثقفين والأدباء والكتاب وطلاب الجامعات والأساتذة في المدارس والجامعات والقيادات السياسية والمتنوّرين من المسلمين السنة لمواجهة هذا الفكر التكفيري الذي يستهدف ديننا وقيمنا ووجودنا من خلال هذا النموذج المتوحّش الذي أفرزته هذه التيارات على امتداد العالم العربي والإسلامي. كما يتطلّب أيضاً أن نبتعد عن التحريض الطائفي والمذهبي واللجوء إلى الحوار والتلاقي والتعاون لمواجهة هذه الظاهرة التي تستهدفنا جميعاً. ومما لا شك فيه أن هذا الفكر التكفيري الوهابي يشكّل خطراً كبيراً على الدول التي تموّله وتغذّيه وتروّجه في مدارسها وجامعاتها ومساجدها وإعلامها ومنتدياتها الفكرية والسياسية والدينية وأكبر دليل على ذلك الممارسات الإرهابية للقاعدة وداعش وللنصرة وسائر التيارات الأخرى التي تكفّر المسلم وغير المسلم على أتفه الأسباب وتعيدنا إلى ما قبل الرسول (ص) وإلى ما قبل الإسلام.
وأكّد أن هذا الفكر الذي يسود عالمنا العربي والإسلامي هو نتاج الفكر الصهيوني وهو في خدمة إسرائيل والغرب الذين يريدون تشويه صورة الإسلام للحؤول دون دخول غير المسلمين في الدين الإسلامي، لذلك نحن مطالبون جميعاً بأن نقدّم النموذج الحضاري والحقيقي للإسلام في مواجهة النموذج الوحشي والتكفيري لهذا الفكر الإرهابي الذي يحاول تدمير الأمة العربية بجميع مكوّناتها الوطنية والقومية والدينية ويريد إعادتنا إلى صراع العشائر والقبائل التي تفتت الأمة وتضعف عزيمتها وقوّتها.
وأشار بركات إلى أن الحل العسكري مع هؤلاء هو ضرورة وطنية وقومية ودينية خصوصاً وأن هؤلاء التكفيريين يستخدمون السلاح والقتل والذبح في سلوكهم اليومي الذي بات معروفاً للجميع. واللجوء إلى منطق القوة العسكرية كما حصل في طرابلس أخيراً من خلال إقدام الجيش اللبناني على اجتثاث البؤر الإرهابية من هذه المدينة العربية الإسلامية التي لها تاريخ وطني وعروبي وإسلامي مشرّف ومن خلال اجتثاث أيضاً ظاهرة الإرهاب التكفيري في صيدا التي تمثّلت بأحمد الأسير وضرورة الإستمرار بملاحقة فلول الإرهابيين التكفيريين في الشمال وجرود عرسال وفي كل لبنان وان ما تشهده سوريا اليوم من مواجهات ما بين الجيش العربي السوري والتيارات الإرهابية التي تقتل وتذبح المسلمين وغير المسلمين في سوريا يستدعي من الأمة جميعاً أن تقف إلى جانب سوريا في مواجهتها للإرهاب.وكذلك في العراق ومصر وفي ليبيا.
إننا نشهد حرباً ما بين القوى التكفيرية الإرهابية التي تريد تشويه صورة الإسلام وما بين الوطنيين والعروبيين والمسلمين الحقيقيين في عالمنا العربي والإسلامي وهذا يستدعي تعزيز جبهة المواجهة مع هؤلاء وعلى السنة في العالم العربي كونهم هم الأمة وهم المستهدفون بالدرجة الأولى أن يتصدّروا هذه المواجهة.
وأضاف ” لا يعتقد أحد أن التحالف الدولي التي تقوده أميركا وإسرائيل هو الذي يواجه الإرهاب التكفيري بل على العكس تماماً إن هذا الإرهاب التكفيري هو صنيعة السياسات الأميركية والغربية والإسرائيلية في منطقتنا فهم يحاولون اليوم حماية الدولة المزعومة لداعش في سوريا والعراق وليس ضربها وتصفية وجودها.”
ودعا الدول العربية والإسلامية التي تدين هذه الفكر التكفيري والإرهابي إلى ترجمة ذلك عملياً من خلال الدعوة لمؤتمر عربي إسلامي هدفه الأساسي وضع خطة عربية وإسلامية جدية لكيفية مواجهة هذا الفكر الذي بدأ يهدد الأمن والإستقرار في المنطقة من جهة ويهدد الإسلام كدين وكرسالة وأن يقدّم النموذج الحقيقي للإسلام الوسطي، إسلام محمد بن عبد الله (ص) الذي كان ولا يزال دين الرحمة والتسامح والمحبة للعالمين.
ودعا بركات دار الفتوى في الجمهورية اللبنانية إلى اتخاذ قرارات جريئة وصريحة وواضحة للتصدي لتنامي التيارات التكفيرية في لبنان وهذا يستدعي نشر الوعي الإسلامي الحقيقي بين المسلمين وغير المسلمين من خلال أئمة المساجد وعلماء الدين والمنتديات الفكرية والدينية في وطننا، عبر علماء دين متنوّرين يشرحون للناس حقيقة الإسلام بعيداً عن الأهداف السياسية الرخيصة التي تُسيء لجوهر الدين الإسلامي، “فنحن اليوم أحوج ما نكون إلى دور توجيهي وتنويري لعلماء الدين الذين يتصدّرون المنابر في المساجد وعلى شاشات التلفزة وفي وسائل الإعلام خصوصاً وأن كثير من علماء الدين اليوم في مساجدنا يسيؤون إلى قيمنا ومبادئنا وعاداتنا وتقاليدنا ويحرّضون على التفرقة الطائفية والمذهبية ويعلّمون الناس الإسرائيليات بدل أن يعلّمونهم الإسلام الحقيقي”.