كيف يمكن لسيدة واحدة أن تُقفل معظم شوارع بيروت وتجمع 4 ملايين دولار من أجل الركض!

 

كيف يمكن لسيدة واحدة لا تنتمي الى أي جهة سياسية أن تُقفل معظم شوارع بيروت وتلك المحيطة بها يوما كاملا تقريباً؟ وكيف يمكن لسيدة واحدة أن تستطيع تأمين ما يقارب الأربعة ملايين دولار (يدفع مصرف لبنان مليون دولار منها) وهي كلفة عمل جمعية ماراتون بيروت سنوياً بجميع نشاطاتها (يستهلك الماراثون السنوي ثلثها تقريباً) طبعاً بعد دعم الموازنة من مال الخليل الخاص. وهو دعم بدأ يتراجع عاماً بعد آخر نتيجة عدم القدرة على تأمين موارد إضافية، لكن رغم ذلك دعمت الموازنة هذا العام بما يقارب الـ 600 ألف دولار؟ فكيف تستطيع إقناع القطاعات الاقتصادية بالإستثمار بنشاط رياضي في وقت يعلم فيه الجميع أن القرش الذي يُدفع للرياضة “ثقيل جداً” على قلب من يدفعه؟
إذا فالموضوع فيه بعض الغموض وهناك حلقة مفقودة؟
البعض يرى أن الخليل وصلت الى هذا النجاح نتيجة توافر عدة عوامل لمصلحتها. بعضها نتيجة ظروف معينة وأخرى بسبب قدرتها على بناء شبكة علاقات ممتازة. فهي ابنة مدينة عاليه الدرزية (اختيرت ملكة جمال المدينة في السبعينيات)، ومتزوجة رجل الأعمال فيصل الخليل، شقيق نائب حاصبيا أنور الخليل، الذي هو من كتلة رئيس مجلس النواب نبيه بري. علاقتها ممتازة بآل الحريري، وهي بدأت مع الرئيس الشهيد رفيق الحريري وزوجته نازك واستمرت حتى الآن. علاقة نجحت الخليل في استثمارها الى أبعد حدود، حتى إن نائب رئيس الجمعية هو العميد المتقاعد حسان رستم ممثل تيار المستقبل في اللجنة الأولمبية اللبنانية التي هو أمين عامها. موظفو الجمعية من جميع الطوائف والتيارات السياسية، وبالتالي ما من ثغرة يمكن لخصومها النفاذ منها. حتى علاقتها باتحاد ألعاب القوى ممتازة، بعدما شابها التوتر لفترة.
ترى الخليل في حديث لـ “الأخبار” أن انتماءها الى جهة سياسية سيجعلها تفقد ثقة الناس كلها، وتشعر بأنها مظلومة إذا جرى حسبانها على جهة سياسية معينة. وتصل الخليل في كلامها الى ما يقال عن طموح سياسي لها بالوصول الى البرلمان أو الوزارة. فتؤكّد الخليل أنها لن يكون لها مكان في السياسة، وحتى لو عُرضت عليها وزارة الشباب والرياضة (كما حكي سابقاً) فسترفض هذا المنصب.
لكن ما الفائدة التي تحصل عليها الرياضة اللبنانية من إقامة مثل هذا الحدث الذي “يمتص” جزءاً كبيراً من الأموال التي يمكن أن تستثمر في قطاعات رياضية أخرى؟
بالنسبة إلى الخليل الفكرة انطلقت من إيمان قوي بالرياضة وبجمع الناس من جميع الديانات والطوائف في حدث واحد تحت عنوان “الرياضة للجميع”. وحين أقيمت النسخة الأولى كان لبنان يتعافى من حرب أهلية فرقت بين اللبنانيين، فجاء الماراثون ليوحد اللبنانيين في نشاط رياضي.
ولا شك أن إقامة مثل هذا الحدث تتطلب كلفة مالية عالية، وخصوصاً أن نشاط الجميعة مستمر على مدار العام. بالنسبة إلى الخليل فإن حركة ثلاثة ملايين دولار التي ترتفع الى ما يقارب الأربعة ملايين دولار وفق المسؤولة المالية في الجمعية إلهام فقيه، تساهم في تحريك الاقتصاد اللبناني. فالجميعة تضم 28 موظفاً مسجلين في الضمان الاجتماعي ويتقاضون رواتبهم آخر كل شهر بانتظام، كما أن النواحي اللوجستية التي يتطلبها السباق، وهي كثيرة جداً، تحتاج الى أموال طائلة، وتنشط الحركة الاقتصادية أيضاً، سواء على صعيد الحجوزات في الفنادق، أو تذاكر السفر وغيرها وغيرها.