دخان انتخاب الرئيس يتصاعد دون نار من مطبخ التمديد

لا تعليق
آخر الأخبارمحلية
2
0

ما إن مرّ استحقاق التمديد لمجلس النواب لمدّة سنتين و7 أشهر، حتى بدأ الحديث وبشكل هستيري عن “تطورات” ايجابية في ملف الانتخابات الرئاسية، وعن قرب نضوج التسوية، بل وذهب البعض الى طرح اسماء محددة جازماً بأنها ستكون في قصر بعبدا قريباً جداً.
يصحّ القول في هذه المواقف ما يمكن قوله عن كلام “البصّارين” و”المنجمين” الذين يحتلون الشاشات ويتناسخون بكثرة. بمعنى آخر، إنّ كلّ ما قيل حول الرئاسة في الساعات الاخيرة هو مجرّد تكهنات قد تصحّ وقد لا  تصحّ، لكنّ الأكيد أنّ اللبنانيين أفسدوا المثل القائل “لا دخان بلا نار” لأنّ الدخان تصاعد هذه المرة دون أن تشتعل النار.
أما أسباب هذا الدخان فيمكن اختصارها بالنقاط التالية:
– عاش اللبنانيون في الساعات الماضية “نسخة طبق الاصل” عمّا عاينوه خلال التمديد الاول للمجلس النيابي، من حيث الكلام عن تجديد كبير سيحصل في الحياة السياسية إِنْ عبر اقرار قانون جديد للانتخاب، أو عبر انتخاب رئيس جديد للجمهورية ومنع التمديد للرئيس السابق ميشال سليمان. وانطلق “العرّافون” في رحلتهم فانتشروا على وسائل الاعلام “يطبّلون ويزمّرون” ويبشّرون بالفرج حتى صدّق الجميع كلامهم وعاشوا فترة من الترقب إلى أن اصطدموا بجبل الجليد الذي استقرّ طوال الفترة الماضية، وهو الجبل نفسه الذي لا يزال “راسياً” في بحر الرئاسة والازمة اللبنانية.
– استغلّ “العرّافون” كلّ حدث حصل في السابق وألبسوه ثياب الازمة اللبنانية، فكانت اجتماعات بحث الملف النووي الايراني مادة دسمة للترويج بأنه تم الاتفاق على اجراء الانتخابات الرئاسية، وذهبوا إلى حدّ الجزم بأنّ التقارب السعودي-الايراني الذي حصل (لفترة وجيزة) أرسى اسم الرئيس المقبل وفتح باب الحلّ للازمة. ولكن، ما ان تلاشت بوادر التفاهمات التي لاحت في الافق، حتى اختفى “المنظّرون” وبات البحث عنهم أشبه بالبحث عن إرهابيين فارّين من وجه العد

 

خاص النشرة

كان لا بدّ من تخفيف وهج التمديد الثاني، خصوصاً وأنّ الحديث عن طعون وتغيير لقرار مجلس النواب هو مجرد كلام في الهواء، فلا المجلس الدستوري قادر على بتّ المسألة وهو ما تجلّى في التمديد الاول، ولا العديد من القوى والاحزاب اللبنانية راغبة في المضيّ في انتخابات قد تشهد تحولات في الصورة السياسية لن تصبّ في خانة العديد من الزعماء ومسؤولي الاحزاب كما بات يعرف الجميع.
وبالتالي، وإزاء هذا الموقف، كان الحديث عن انفراج واسع في ملف الانتخابات الرئاسية، البديل الأنسب لسرقة الأنظار عن التمديد الثاني، وكان لا بدّ أيضاً من أن يترافق هذا الانفراج المخترَع مع طرح أسماء لمرشحين وتحركات لدول كبيرة ومنها على سبيل المثال لا الحصر: الفاتيكان والولايات المتحدة وايران وفرنسا…
ولكن الواقع يشير بوضوح إلى أنّ أيّ خرق لم يحصل في الستاتيكو القائم إن على الصعيد الاقليمي-الدولي أو على الصعيد المحلّي، فالمحادثات الاميركية-الايرانية المباشرة في سلطنة عمان لا تزال في بدايتها، والتقارب السعودي-الايراني لا يزال بارداً رغم مساعي أكثر من دولة لاذابة الجليد. أما على الصعيد المحلّي، فلا يزال اللاعبون الأساسيون على موقفهم، ولن يثنيهم عن ذلك أيّ حدث آخر، ما لم يكن ضمن تسوية اقليمية-دولية.
لا شكّ أنّ الاسابيع او الاشهر المقبلة ستنجح في كشف الصورة الحقيقية بعد انقشاع الضباب، وسيكون هناك بطبيعة الحال رئيس جديد للجمهورية وتطورات ايجابية على الساحة اللبنانية، ولكن هذا الامر لن يعطي “صك براءة” لمن يطلق حالياً كلاماً جازماً عن الخريطة السياسية والامنية التي يسير عليها لبنان، وكأنه وحده العالم ببواطن الامور ويقرأ في الغيب.
ليس العيب في التحليل والقراءة السياسية، ولكن العيب في تضليل الناس والتأكيد بأن ما يقوله البعض بصورة حاسمة حول مستقبل الملف الرئاسي والوضع اللبناني هو الصحيح ولا شيء سواه.
لن يحزن أحد من اللبنانيين إذا ما اتخذت الامور في لبنان طابعاً ايجابياً، واستقام العمل التشريعي والسياسي وانتخب رئيس جديد وتم اقرار قانون انتخابي يرضي الجميع واجريت الانتخابات النيابية ايضاً… ولكن حتى ذلك الوقت، على اللبنانيين تملّك القدرة على التفريق بين التحليل المشروع والضمانات الوهمية.