شدّد الباحث اللبناني المختص في شؤون الجماعات المتطرفة علوان نامين الدين في حوار لـ«المغرب» أن تنظيم «الدولة الاسلامية» بات يمثّل خطرا طويل الامد ،خاصة بعد قدرته على استقطاب عدد كبير من التنظمات
الجهادية تحت رايته ممّا يزيد من رقعة نشاطه وبالتالي يزيد من مخاطره على الدول التي يتخذ فيها موطئ قدم فيها والدول التي يسعى للوصول اليها.
وعلوان أمين الدين هو باحث في العلاقات الدولية والإستراتيجية ومحاضر بمعهد الدراسات الدبلوماسية والاستراتيجية له العديد من الكتابات أهمها حزام «النيران المشتعلة» يحرق روسيا والصين، وعدة مقالات بحثية في شكل دراسات «جيوبوليتيكية» للأزمات المتنقلة في الدول العربية والغربية .
كيف تفسّرون توسّع رقعة البيعة لتنظيم «الدولة الإسلامية»؟ ماهي أسباب وتداعيات ذلك حسب رأيكم؟
الموضوع هنا له شقين. الشق الأول، أن المسألة ليست في «داعش» في حد ذاته بل في الفكر «الجهادي» تحديداً. فهذه الجماعات مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالقاعدة. هذا التنظيم، وغيره، ولد من «الرحم الفكري» للقاعدة. اما الشق الثاني، فيتمحور في سرعة السيطرة التي أبرزها «داعش» على مناطق شاسعة توازي مساحتها المملكة المتحدة في غضون أيام قليلة، والبدء بترتيب أوضاعه الداخلية من خلال استغلال النفط كمورد أساسي لمداخليه المالية بالتعاون من بعض الجهات الإقليمية التي أصبحت معروفة. هذا الأمر شجع بقية التنظيمات، ذات الفكر التكفيري المشترك، بالتجرؤ والإقدام على خطوة إعلان المبايعة كونها رأت في هذا التنظيم وسيلة إلى السيطرة والحكم، إضافة إلى الخروج من ما سُمي بـ «الإحباط الإسلامي» عقب ضرب القاعدة في أفغانستان وتشتيت قوتها.
يضاف الى ما تقدم، جذب هذا الواقع لطبقة بشرية معينة تُستغل ظروفها الإنسانية وتوظَّف في القتال عبر اغراءات متعددة، أبرزها «دغدغة» عقول «المجاهدين» بالقضايا الماورائية، ناهيك عن السلطة، والمال، والمغريات الدنيوية التي تجذب العديد من الشبان خصوصاً ذوي الثقافة الدينية المتدنية. فموضوع «جهاد النكاح»، على سبيل المثال، قد أغرى الفتيات أيضا اذ توجهت العديد من النساء إلى سوريا (بالتحديد) للقيام بـ «واجباتها الجهادية» عبر ممارسة الجنس للتخفيف عن كاهل المقاتلين.
هل تعني مبايعة عدد من التنظيمات الموجودة في المغرب العربي لهذا التنظيم على غرار إعلان درنة إمارة إسلامية أن «داعش» وجد موطئ قدم له في المنطقة؟
مما لا شك فيه بأن هذا التنظيم مخترق من قبل العديد من أجهزة المخابرات العالمية. فهي تستغل وجود هذه الحركات التكفيرية لتبرير دخولها، الأمر الذي يترتب عليه ضرب مصالح الدول الكبرى المنافسة، وإغراق البلد نفسه في الفوضى، وليبيا خير مثال على ذلك. فبعد سقوط نظام القذافي، تم ضرب المصالح الصينية والروسية تحديداً واخرجوا من ليبيا، وخصوصاً تلك التي تعمل في القطاعات الحيوية كالطاقة. اضافة الى ذلك، ابرزت الاحداث بأن بعض الدول التي قامت بضرب لبيبا، في عهد القذافي، هي التي تمول بعضاً من هذه المجموعات التكفيرية وتحاول القضاء على ما تبقى من قوى وطنية تريد إنهاض ليبيا بهدف إخضاعها للسيطرة الخارجية.
وفي معلومات غربية وعربية، ابو بكر البغدادي هو صنيعة الاحتلال الأمريكي للعراق فقد مكث في سجن بوكا حوالي أربع سنوات تم خلالها اعداده وتأهيله وتصفية قيادات عديدة ضمن ضربات جوية وعمليات نوعية مكنته من الوصول الى الصف الاول وقيادة هذا التنظيم وإعلان الجهاد وصولاً الى ما نحن عليه اليوم.
كيف تقيمون المواجهة بين التحالف الدولي و «داعش»؟
«داعش» اليوم وجد ليبقى. فهو، بطريقة مباشرة او غير مباشرة، يؤمن العديد من مصالح الدول الإقليمية والغربية تحديداً من خلال تجارة النفط، والأموال التي يتم أخذها من بعض الدول العربية لضرب التنظيم مما ينعش الاقتصاد الغربي حيث تبلغ كلفة الساعة الواحدة من العمليات العسكرية حوالي 391 ألف دولار أمريكي. إضافة إلى ذلك، انه يعيد الوجود الأمريكي إلى منطقة المشرق العربي ولكن بكلفة اقل، ناهيك بأن «داعش» هو احد الاوراق الأساسية والضاغطة في العديد من الملفات الشائكة للمنطقة، واستنزاف العدد من الدول التي تعارض سياستها أو تقف بوجه مصالحها.
في مثال على ذلك، استطاعت الولايات المتحدة في العام 2003، مع بعض الدول في التحالف الدولي، من القضاء على الجيش العراقي بالكامل وقوامه مئات الآلاف في حدود شهربن أو أكثر، علماً بأنه كان ذا خبرة قتالية عاليه اكتسبها من حربه مع الجمهورية الإسلامية في إيران على مدى ثماني سنوات. فكيف يحتاج «داعش» من ثلاثة إلى عشر سنوات للانتهاء منه؟! برأي، ما إن تنتهي «وظيفة داعش» حتى يتم ضربه في وقت أكثر من قياسي.