عقدت نقابة خبراء المحاسبة المجازين في لبنان، بالتعاون مع البنك الدولي، مؤتمرها العلمي الدولي التاسع عشر بعنوان “تأثير التكامل في التدقيق على الأعمال” في فندق فينيسيا، برعاية رئيس مجلس الوزراء تمام سلام ممثلا بوزير المالية علي حسن خليل.
حضر المؤتمر حوالى 750 شخصية رسمية وعلمية ومالية واقتصادية تقدمهم الوزير خليل ممثلا الرئيس سلام، وقال خليل في ختام المؤتمر: “شرفني دولة رئيس مجلس الوزراء الأستاذ تمام سلام بتمثيله في هذا الحفل المبارك وأن أنقل إليكم تحياته على حضوركم أولا وعلى تجديد ثقتكم بلبنان الوطن القادر على الحياة دوما وعلى التجدد والإبداع والجمع والتنظيم، وفي عاصمته بيروت العاصمة التي لا تموت والتي ما زالت رغم كل المحطات الصعبة تؤكد أنها قلب هذا العالم العربي، وإنها قادرة على أن تحتضن في كل ساعة المنتديات العلمية والثقافية الرائدة، وها هي قبل أيام احتضنت ملتقى اتحاد المصارف العربية في مشهد يشبه هذا المشهد في توجيهه وفي شكل الانعقاد والمشاركة، وهو مشهد جامع يؤكد أهمية التواصل والتلاقي بين الهيئات المختلفة والنقابات من أجل تكريس تفاعل ينتج إغناء لتجربة العمل في أي قطاع من القطاعات”.
وأضاف:” أهلا بكم في بيروت، في هذه اللحظة المصيرية التي يمر بها عالمنا العربي والعالم أجمع على المستويين السياسي والأمني وعلى المستوى الاقتصادي والمالي، حيث وللأسف، تمر منطقتنا بواحدة من أصعب وأعقد المشكلات التي مرت بها في تاريخنا الحديث، وحيث وصل التهديد إلى مستوى إعادة رسم الجغرافيا السياسية للمنطقة وخلق قواعد الأنظمة والكيانات المختلفة، وهذا ما يتطلب منا جمعيا على مستوى العالم العربي وعلى مستوى كل المؤمنين بكرامة الإنسان في العالم، أن نجدد ثقتنا بقدرة الشعوب على إنتاج الأنظمة التي تستطيع من خلالها أن تعبر عن ذاتها وفي نفس الوقت أن تحافظ على كياناتها وحدودها واستقلالها وحريتها وسيادتها”.
وتابع: “اليوم، وأنا أعبر عن خالص التقدير لنقابة خبراء المحاسبة المجازين في لبنان على هذا العمل الذي يعكس مناقبية مهنية ومسؤولية رفيعة لا تجعلها الظروف الأمنية والسياسية الصعبة المعقدة أن تتراجع عن عقد هذا المؤتمر السنوي. يسعدني عن أعبر عن إيمان عميق كجهة حكومية رسمية بضرورة التعامل والتكامل أيضا بين القطاع العام والقطاع الخاص، وهو تكامل يكتسب أهمية خاصة إذا ما تطلعنا إلى حاجة قطاعنا العام، وبمسؤولية أقول أن مؤتمركم بمثل هذا التكامل والتفاعل الحقيقي مع النقابات المتصلة بعمل وزارة المال والوزارات المختلفة، حيث أننا أكثر من أي يوم مضى نشعر بالحاجة إلى ممارسة تتسم بالشفافية والمسؤولية والحس العملي في مقاربة الملفات التي لها علاقة بإدارة المال العام والشأن المالي وهذا لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال رقابة مسؤولة قادرة على أن تحدد مكامن الخلل وتساعد على اطلاق الحلول والبرامج النافعة لها”.
وأردف: “نعم إن هذه العلاقة الوثيقة والمترابطة بين وزارة المال ونقابة المحاسبين المجازين والمراقبين وقطاع التدقيق هي علاقة تفرض علينا أن نبحث معا عن كيفية رفع مستوى هذا العمل على مستوى الاختصاص بهدف تقديم وإصدار البيانات المالية الشفافة التي تعكس الواقع من أجل خلق بيئة ملائمة حقيقة لعالم الأعمال والاستثمار، وهذا أمر مهم للغاية حيث أن ذلك لا يمكن أن يتحقق إلا إذا توجهنا ووفق سياستنا التي عبرنا عنها في المجالات المتصلة بهذا العمل، على تعزيز استقلالية الخبير في المحاسبة وتأمين حصانة مهنية وقانونية له بالشكل الذي يستطيع من خلاله أن يمارس هذه المسؤولية بقناعة والتزام مهني وصدق بعيدا عن أي شكل من الضغوطات التي تحد من عمله وتجعله عملا غير قادر على أن يعكس الأمر الواقع ومواقع الخلل”.
وقال: “هناك أمر آخر وهو خلق آليات بعيدا عن الشعار العام للتعاون بين هذه النقابة وبين المتخصصين في هذا المجال وأجهزة الرقابة الحكومية على مستوى لبنان، وعلى مستوى أي دولة من الدول، لأن مثل هذا التكامل بين أجهزة التدقيق الخاصة في المحاسبة وبين أجهزة الرقابة في الدولة هو أمر يدفع باتجاه تحصين وضع المالية العامة”.
وشدد على “أن مهنة المحاسبة والتدقيق ليست مهنة مجردة تتعاطى مع الأرقام خارج إطار السياسات الاقتصادية والمالية، بل هي في صلب تعزيز الوضع الاقتصادي والمالي لأنها تساعد في عدم انهيار الكثير من مجالات العمل التي لا يمارس فيها تدقيق ومحاسبة جدية، وتحفظ بالنالي فرص الاستثمار وتعزز مناعة الاقتصاد الوطني. إنها مهنة لها دورها في تعزيز الاقتصاد كونها أداة فعالة في حماية هذه الاستثمارات. عندما نتعاطى بثقة مع البيانات والتقارير المالية يسهل علينا أن نعزز ثقة المستثمرين والمقرضين وحتى الجهات الدولية التي يمكن أن تساعد على تقديم مشاريع ما”.
وقال: “كوزارة للمالية، نعترف أمامكم أن عجز الدولة جعلها غير قادرة خلال عشر سنوات على إقرار موازنة عامة للدولة، وبالتالي لا يصح أن نتحدث عن إدارة سليمة للوضع المالي من دون إقرار موازنة عامة للدولة نستطيع من خلالها رسم رؤية لسياستنا المالية والاقتصادية والتنموية تساهم في عملية ضبط الواردات والنفقات”.
واسف “لان هذه المعضلة ما زالت مستمرة، لكننا نؤكد إصرارنا وهذا ما قمنا به وضمن المهلة الدستورية على إعداد موازنة للعام 2014 وحاليا للعام 2015 والإصرار على إقرار هذه الموازنة في الحكومة وإحالتها إلى المجلس النيابي من أجل إقرارها واعتمادها لنستطيع أن نبدأ عملية تصحيح حقيقي لمجمل وضعنا المهتز نتيجة غياب هذه القاعدة القانونية والإدارية الضرورية “.
وأكد “اننا حريصون على أن نعلن أن الوزارة قد سعت جاهدة من أجل الحصول على بيانات مالية شفافة تعكس الواقع في إعادة تدوين حسابات الدولة ككل بدءا من العام 1997 حتى العام 2010، وهو عمل مضن كان لا بد منه بعد انقطاع وبعد تراكم الكثير من الثغرات التي أدت إلى عدم إنجاز الحسابات في وقتها، وطرح الكثير من علامات الاستفهام وأدخلت البلد في جدل سياسي طويل لا بد من الخروج منه للتأسيس لقواعد سليمة نستطيع معها أن نخرج من الدوامة التي نعيش”.
وأعلن “ان الخطوات التي قمنا بها خلال المرحلة الماضية قد قطعت شوطا كبيرا في إعادة تكوين هذه الحسابات في عملية التحقق والتصحيح وبطريقة لم تؤدي إلى أي قيود تسوية، بل كان هناك تدقيق حازم لهذه الحسابات من دون تصفير كما هو حاصل في مرحلة ما، بل بقيود محاسبية صحيحة وصرفة واستطعنا من خلال ذلك تحديد موازين دخول صحيحة لعام 1997 وموازين خروج صحيحة أيضا لعام 2010 بالنسبة للحسابات التي أنجز تدقيقها، ونحن نأمل بشكل جدي ومن خلال فرق عمل تديرها مديرية المالية العامة لإنجاز سريع لما تبقى من حسابات لحسم هذا الجدل ونقل البلد إلى مرحلة مستقرة على صعيد الحساب المالي”.
وقال: “نحن مجددا نقول أن الشعار المروع لمؤتمركم والذي يعكس إرادة التكامل هو شعار يجب أن يرفع على كل صعيد بالتكامل في إدارة الملف السياسي والتكامل في إدارة الملف الاقتصادي وفي إدارة ملف التدقيق، لهذا أنتم الذين تعبرون عن ثقة بهذا الوطن لبنان ندعو كل السياسيين في هذا البلد إل التعاطي بأعلى درجات الإيجابية والمسؤولية مع دعوات الحوار الوطني على أي مستوى من المستويات الثنائية، والأوسع بين التيارات المختلفة وعلى المستوى الوطني لأن التلاقي والبحث عن المشترك دوما وتعزيز وتوسيع هذا المشترك ورسم الخطط على قواعد وطنية عامة لمواجهة التحديات الأمنية والسياسية التي تعصف بلبنان في مواجهة الإرهاب والتكفير هي كفيلة بأن تشكل قاعدة ارتكاز لتلاقي القوى السياسية مع بعضها البعض”.
واكد اننا “ما زلنا نؤمن أن لبنان باستطاعته أن يخرج بالتأكيد من أزماته السياسية وأدنى عناوين الخروج هو انتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية لكي يرعى مؤتمركم السنوي في السنة المقبلة”.
وقال: “نحن نريد أن نرى انتخابا قريبا لرئيس جديد للجمهورية اللبنانية يعيد الثقة للمؤسسات السياسية والانتظام إلى عمل المؤسسات كي تستطيع أن تعمل كل مؤسسة في إطار القوانين والأنظمة والقواعد الدستورية المنصوص عليها”.
ورأى “أن لبنان قد تجاوز خلال الأسابيع الماضية الكثير من التحديات الأمنية ما عزز ثقة الناس بالدولة وأجهزتها وعلى رأسها الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية. واليوم نقول أن المطلوب من الجميع الوقوف خلف الجيش والأجهزة الأمنية وخلف مؤسساتنا السياسية كي نستطيع أن ننهض بلبنان ليقوم من أزماته وكبوته وليعود ملتقى العالم وكل العالم ولكل الذين يتطلعون إلى إدارة شؤونه بطريقة أفضل”.
وختم: “إننا على ثقة أن هذا المؤتمر يزيد مصداقية في عمليات التدقيق والمحاسبة وسيشكل بالنسبة إلينا كوزارة مال فرصة كي نستفيد من أوراق العمل والتوصيات وما سيقدم من خبرات في هذا المؤتمر لنرفد به إدارتنا العامة لتستطيع أن تكون حاضنة لعملية التكامل المطلوب بين القطاع العام والقطاع الخاص”.
بعد ذلك، افتتح خليل والمشاركون المعرض المرافق لاعمال المؤتمر.
خليل: للتعاطي بإيجابية مع دعوات الحوار وانتخاب رئيس للجمهورية
0