الغرب والحرب الاستباقية.. و«حزب الله»
«حزب الله»، الازمة السورية، «داعش»، الموقف الاميركي، الموقف الروسي.. عناوين خمسة تمحورت حولها مقاربة سفير دولة «معنية جدا» بالشأن اللبناني، للوضع في المنطقة.
ألقى السفير المذكور باللائمة على «حزب الله» مكررا الاسطوانة ذاتها «تدخله في الحرب السورية أضر لبنان واستجلب الارهاب اليه»، وتحدث عن بشار الاسد كـ«شيطان رجيم»، واما عن «داعش» فكان مربكا لا يملك جوابا، وبوصول النقاش الى الموقف الروسي قدم كلاما عدائيا من روسيا «فلولاها لما بقي بشار حتى الآن».
ودار النقاش دورته، وتليت على مسمع السفير المذكور الخلاصات التالية:
ـــ «حزب الله» آخر من تدخل في سوريا، ولم يتدخل الا دفاعيا بعد اعلان تلك المجموعات شعارها: «الآن سوريا وغدا لبنان وحزب الله».
ــ تدخل «حزب الله» في سوريا اسقط المشروع التكفيري في لـبنان، ومنعه من إلحاق لبنان بـ»الدولة الإسلامية».
ــ بنى العالم تحالفا دوليا لمحاربة «داعش» تحت عنوان «استباق خطر داعش وتهديده لدول التحالف ومجتمعاتها». وقد قال رئيس وزراء بريطانيا: «يجب قتال داعش في العراق وسوريا قبل ان نقاتله في شوارع لندن».. وكرر ذلك وزير الخارجية الفرنسية لوران فابيوس. فكيف يحق للعالم والغرب ان يأتي ويقاتل «داعش» دفاعا عن نفسه، ولا يحق لـ«حزب الله» ان يدافع عن نفسه ويحمي بلده وأهله؟
ـــ أمر طبيعي جدا ان يقف «حزب الله» الى جانب النظام السوري والرئيس بشار الاسد الذي وقف الى جانب المقاومة في كل مراحل الصراع مع العدو الاسرائيلي. وامر طبيعي جدا ان يقف كل الغرب وعرب الخليج ضد «حزب الله» لأنهم، كما اكدت الوقائع، ضد المقاومة ومع اسرائيل.
ـــ روسيا دائما الى جانب بشار الأسد، ولكن بعد ازمة اوكرانيا و«حصار» الغرب للروس، اصبحت اكثر تصلبا في وجه الاميركيين واكثر تمسكا بالأسد وبنظامه، فسوريا صارت تشكل الورقة القوية، وربما الوحيدة حاليا، في يد الروس. وعلى هذا الاساس سيبنى تصاعد الموقف الروسي.
ـــ مرت سوريا في أسوأ لحظاتها منذ اندلاع ازمتها، وفشلت القوى التي تدخلت فيها في فرض اجندتها فيها، وعاشت لحظات قلق على وحدتها ومن جهود تبذل لتقسيمها. الا ان اللافت للانتباه في هذا السياق كان كلام وزير الخارجية السورية وليد المعلم خلال لقائه بعض الشخصيات اللبنانية حيث قال ما مفاده: «مررنا بظروف صعبة، ولكن لا خوف على سوريا ولا على وحدتها».
ـــ ان البرنامج الاميركي لقتال «داعش»، يعطي ثلاث سنوات للانتهاء من قتال هذا التنظيم الارهابي في العراق، وسنة لتقوية المعارضة السورية المعتدلة لتصبح قادرة على مواجهة «داعش»، والاهم من كل ذلك ان واشنطن لا تريد اسقاط نظام بشار الاسد بل الوصول في لحظة معينة الى جلوسه مع «المعارضة المعتدلة» على طاولة الحوار والمفاوضات. ومن هنا فإن تحديد التواريخ، اقرب الى فترات سماح لـ»داعش»، لا يعكس جدية اميركية في انهاء هذا التنظيم.
ثم يضيف صاحب هذا الرأي متسائلا: «هل تقاس قوة داعش وقدراته مع قوة صدام حسين وقدراته؟ كان صدام حسين حاكما بأمره، ويملك اقوى جيش عربي، ويمتلك قدرات عسكرية وقتالية هائلة جعلت جيشه من اقوى جيوش العالم، فضلا انه كان على رأس نظام ممسوك، والشعب العراقي راضخ له، ومع ذلك عندما قرر الاميركيون ان يطيحوه، لم يستغرق ذلك اكثر من عشرين يوما. والآن «داعش» يتطلب حشد اربعين دولة لمحاربته، والقضاء عليه فيتطلب ثلاث سنوات؟!
ويتابع: «ان عدم الجدية تبدت منذ سقوط الموصل والتقليل الاميركي من خطر تنظيم «داعش». وثمة مثال على ذلك تجلى خلال لقاء بين مسؤول اميركي وشخصية لبنانية طرحت جملة مخاوف من «داعش» ومن احتمال انفلاتها وتمدد خطرها. قال المسؤول الاميركي عن «داعش»: «هؤلاء لا يخيفون ولا يجب ان يبعثوا على القلق منهم. فليسوا اكثر من سبعة الى ثمانية آلاف عنصر ولن تكون هناك صعوبة في احتوائهم والقضاء عليهم» ، وذلك خلافا لرأي الشخصية اللبنانية التي قالت ما حرفيته «ان مقاربة داعش بهذا الشكل اما هي خاطئة واما هي ساذجة.. واما هي نوع من انواع التعمية على ما يجري. فهذه الحالة ليست طارئة وليس في الامكان الاستهانة بها، ويمكن ان تتفشى بسرعة وتتمدد في المنطقة العربية بكل سهولة، خاصة في ظل بيئة حاضنة لها اكبر واعمق مما تصورون».
بعد فترة وجيزة، عاد المسؤول الاميركي نفسه واتصل بالشخصية اللبنانية وابلغها انه يوافقها على تشخيصها للخطر الذي يمثله «داعش»، ليس على العراق وسوريا فقط بل على كل العالم، وان القضاء عليه يتطلب سنوات.. والشخصية ذاتها تقول ان «الاميركيين يدركون ان الحرب الجوية على داعش قد تعطله قليلا من دون ان تقضي عليه، وان الحرب البرية هي التي تلبي المطلوب، وبالتالي نزولهم على الارض يعني تعرضهم لخسائر، وبناء على ما يقولونه هم لا يريدون ان يخسروا» .