النظام السوري يستنفر كامل قواه لحسم معركة الساحل

لا تعليق
دولية
2
0

كتبت صحيفة “العربي الجديد ” تقول : بعد تفجير سيارة مفخخة في قلب مدينة القرداحة، التابعة لمحافظة اللاذقية (شمال غربي سورية)، ومسقط رأس الرئيس السوري بشار الأسد، وإمطار المعارضة العسكرية لمقرات النظام في مدينة اللاذقية،والقرى الموالية له في ريفها بالصواريخ، بدا كأن النظام السوري لم يعد يحتمل مزيداً من الإحراج هناك، على الرغم من إدراكه صعوبة فتح معركة تتطلب دعماً عسكرياً كبيراً، في ظل النقص البشري الحاصل في قواته، وانشغاله في عدد من المعارك في حلب وحمص وإدلب ودرعا، وعجزه عن اقتحام مناطق سيطرة المعارضة منذ بدايات الثورة السورية.

مع هذا، قرر النظام فتح معركة في الساحل السوري، واختار جبل الأكراد هدفاً له، لكنه قبل ذلك عمد إلى تغطية النقص البشري لديه، عبر زجّ القوات البحرية في المعركة، والاعتماد على العنصر الإيراني، لإظهار تفوّقه.

ويشير رئيس ديوان فرع المدفعية والصواريخ البحرية والساحلية، المنشق عن النظام عثمان أسبرو، في حديث مع “العربي الجديد”، إلى أن “أغلب من قُتلوا في معركة الساحل كانوا من القوات البحرية، إذ لم يعد لدى النظام سوى البحرية وقوات الدفاع الوطني”.

ويلفت أسبرو الذي وثّق بالاسم مقتل 21 عنصراً في الكلية البحرية في معركة الساحل الأخيرة، إلى أن “البحرية لم يعد فيها مشاة، وأضحت عبارة عن اختصاصات إدارية وبحرية وإشارة ولاسلكي وملاحة وصواريخ بحرية ومدفعية ساحلية وزوارق، باستثناء الكتيبة 509 ضفادع بشرية والتي يتواجد فيها نحو 200 متدرب على الرماية الحقيقية، والفوج 99 مدفعية ساحلية في قرية عرب الملك جنوب مدينة جبلة”.

ويبدو أن قوات النظام تُعدّ العدة للذهاب بعيداً في المعركة هذه المرة، ولم يكن الاعتماد على العنصر الإيراني مفاجئاً، إذ يؤكد المتحدث باسم لجان التنسيق المحلية أبو ملهم الجبلاوي لـ “العربي الجديد”، “توافد عناصر غريبة إلى مدينة جبلة جنوبي اللاذقية قبل نحو شهر من معركة الساحل، عبر مطار حميميم العسكري”، مشيراً إلى أن هؤلاء “يتجولون في المدينة كيفما يشاؤون”.

ويقول الجبلاوي إنه “لوحظ على هؤلاء العناصر بشرتهم القاسية وطولهم الفارع وأجسادهم العريضة، ولباسهم الأسود والشعارات الغريبة المطرزة على ثيابهم”، مرجحاً أنهم “مقاتلون تابعون للحرس الثوري الإيراني، إذ اختفوا من المدينة قبل نحو ثلاثة أيام من بدء معركة الساحل”، لافتاً في الوقت ذاته، إلى أن “النظام سحب جميع عناصر قطعاته العسكرية إلى المعركة، بمن فيهم قوات الدفاع الوطني، ولم يعد في المدينة سوى عناصر تابعة لاستخبارات الأمن العسكري”، موضحاً أن “يوم الجمعة الفائت شهد أول غياب للاستخبارات الجوية والسياسية من أمام المساجد، وهم الذين اعتادوا الوقوف على الأبواب عقب كل صلاة، تفادياً لخروج أي تظاهرة”.

أهداف النظام
يسعى النظام من خلال إطلاق معركة “لبيك يا سورية” إلى تحقيق أهداف قصيرة المدى وأخرى استراتيجية، فهو أولاً سيضمن عدم تكرار حادثة تفجير السيارة المفخخة التي ضربت القرداحة، وسيحاول لجم القصف المتكرر على معاقله في مدن الساحل والقرى الموالية، وبالتالي تعزيز مكانته في صفوف أنصاره، والتي اهتزت كثيراً على خلفية القصف المتكرر، وحماية مراصده في جبل النوبة وما وراءها من القرى المؤيدة له.
أما من الناحية الاستراتيجية، فالنظام وبسيطرته على جبل دورين الذي كان عصياً عليه منذ شهر يوليو/تموز 2012، فإنه سيعمد إلى توجيه ضربة للمعارضة المسلّحة هناك، إذ تُعتبر دورين خط الدفاع الأول عن بلدة سلمى، أبرز معاقل قوات المعارضة، وهي من أولى المناطق التي خرجت عن سيطرة النظام في الساحل السوري.

وتبعد سلمى عن مدينة اللاذقية نحو 48 كيلومتراً، وترتفع عن سطح البحر 850 متراً، وبالتالي فإنها تكشف مساحة واسعة من جبل الأكراد، وفي حال تقدّم النظام أكثر في هذا الجبل فإن ذلك يعني أن طريق اللاذقية حلب ستكون في خطر، وبالتالي سينجح النظام بقطع طريق الإمداد على المعارضة.

وفي هذا السياق، يرى النائب السابق لـ “الجيش السوري الحر” العقيد مالك كردي، أن “النظام يستغل ضعف الإمكانات على جبهتي جبل الأكراد والتركمان، ويسعى إلى التقدّم على هذه الجبهات وفق خطة زحف الخط الدفاعي له، ويهدف من خلالها إلى الوصول لنقاط تُمكّنه من استعادة السيطرة على طريق اللاذقية جسر الشغور، وتمنع أي التفاف خلف الخط الدفاعي الجديد”.

ويلفت الكردي إلى أن “تحقيق مكاسب في هذه المنطقة يعطي معنويات لأنصاره، إذ يعتبرها جزءاً من دولته المستقبلية، أو في حدها الأدنى جزءاً من فيدرالية في حال فرض الأمر الواقع ذلك، وفي أحسن الأحوال هي تقوّي موقعه على الساحة الدولية، لاستعادة السيطرة على بقية المناطق انطلاقاً منها”.

جاهزية المعارضة
في المقابل، تبدو المعارضة العسكرية جاهزة ومدركة لخطورة المرحلة المقبلة، وأهداف النظام في كسب الخارطة الجغرافية لمصلحته. وعلى الرغم من انسحابها من دورين تحت وطأة القصف العنيف واتباع النظام لسياسة الأرض المحروقة، إلا أن هذا الانسحاب بحسب قادة المعارضة جاء للحفاظ على سلامة المقاتلين، والانسحاب إلى خطوط أفضل يستطيعون من خلالها المناورة، وقد عمدوا إلى تحصين مواقعهم في سلمى، وتشكيل غرفة مكوّنة من معظم فصائل المعارضة العاملة هناك.

وفي هذا الإطار، يؤكد عقيل جمعة، قائد لواء “النصر” التابع لـ “الفرقة الساحلية الأولى” (التشكيل الأقوى حالياً في ريف اللاذقية التابع للجيش الحر)، بأن النظام “اختار الدخول عبر جبل الأكراد، لأن القرى المحيطة به هي قرى علوية، في حين أن القرى المحيطة بجبل التركمان قرى سنّية، ولهذا اختار الدخول عبر جبل الأكراد لإبعاد المعارضة عن القرى الموالية له، ونتيجة الخسائر التي مُني بها في حلب، وهو يريد أن يرفع معنويات مؤيديه باقتحام مصيف سلمى”.

ويضيف القائد العسكري في حديث لـ “العربي الجديد”، أن “سلمى تُعتبر مفتاح سيطرة النظام على جبل الأكراد، ومن خلالها يتقدّم ليسيطر على جبل النوبة وبرج القصب، ثم يمكنه فصل الجبلين عن بعضهما (الأكراد والتركمان)”.

ويؤكد جمعة أن “دورين لم تسقط في يوم، وإنما على مدى سنتين من القصف العنيف والاستنزاف، أما بالنسبة لمصيف سلمى، فنحن مستعدون لمواجهة النظام وقوات حزب الله التي تستعد لاقتحامها، وستكون سلمى مقبرة لهم”، معلناً أنه “سيتم تغيير المعادلة في الساحل في اليومين المقبل”.
(وطنية)

في السياق نفسه، يعتقد العقيد كردي أنه “لن يتسنى للنظام قلب المجريات في الساحل، لأن قوى المعارضة المسلحة لديها من الخطط الاستراتيجية ما يمكّنها من التكيّف مع واقع شح الإمكانات، والانتقال إلى حرب العصابات الخاطفة، بالأسلوب نفسه الذي انتهجه الجيش الحر في البدايات الأولى لانطلاق الثورة”.