فادي عيد
بين انتظار إعلان النيات بين العماد ميشال عون والدكتور سمير جعجع، والتحرّكات التي تقودها بكركي باتجاه السفراء الأوروبيين في لبنان، والحوار الدائر بين «حزب الله» وتيار «المستقبل»، يدور الاستحقاق الرئاسي في دائرة مفرغة وتتجاذبه الرياح الإقليمية الحارة التي تضربه من أكثر من باب مجاور أو بعيد.
وقد وصف مصدر نيابي الوضع السياسي في هذه المرحلة، بأنه بات على حافة الهاوية، بحيث باتت المؤسّسات مهدّدة بالتعطيل الخطر نتيجة الشغور الرئاسي، واعتياد كل الأطراف الفراغ في قصر بعبدا، وبالتالي بقاء الواقع السياسي والإداري والاجتماعي، وحتى التربوي على حاله المأزوم، ومن دون أي معالجة ممكنة أو متاحة، نتيجة غياب الآليات الدستورية الناجم عن الفراغ في رأس الدولة، وامتداد هذا الفراغ إلى كل الدوائر الرسمية الأخرى. واعتبر المصدر النيابي نفسه، أن الأكلاف المترتّبة عن الفراغ الرئاسي تتجاوز قدرة البلاد على الاحتمال، لافتاً إلى أن ترك الاستحقاق الرئاسي مربوطاً وبالكامل بالأحداث الإقليمية، والتعاطي بسطحية مع هذا الملف من قبل البعض وبلامبالاة من قبل البعض الآخر، واستمرار فئة معينة في الصراع من أجل ملء الشغور الرئاسي، لن تؤدي إلى أي حلحلة في الوقت القريب. وأضافت أن المراوحة والترقّب ينذران بأن يتحوّلا إلى وضع دائم، وأن يشكّلا المدخل الضروري للذهاب نحو إعادة صياغة النظام السياسي أو دفع لبنان نحو مؤتمر تأسيسي يطيح اتفاق الطائف، ولو تم هذا الأمر تحت عدة عناوين تكتسب أبعاداً وطنية في غالبيتها، ولكنها تخفي في باطنها ترجمة لمعادلة «غالب ومغلوب»، أي تراعي ميزان القوى على الأرض وليس في السياسة.
وكشف المصدر النيابي ذاته، أنه في الوقت الذي يحرص فيه أكثر من طرف سياسي داخلي أو خارجي، ومعني بالاستحقاق الرئاسي، على رمي الكرة في الملعب المسيحي، واتهام المسيحيين بتعطيل الانتخابات الرئاسية بشكل أو بآخر، فإن الحوار المستمر بين معراب والرابية، والذي لم يتطرّق حتى الساعة إلى هذا الاستحقاق من زاوية التسمية المباشرة، لن يؤدي إلى حسم هذا الملف أو على الأقلّ في وقت سريع. وأضاف أن ما تحقّق في مسيرة هذا الحوار، يُعدّ مكسباً للطرفين، خاصة لجهة التخفيف من مناخ التوتّر في الشارع المسيحي وبين أنصار الرابية ومعراب، ولكن الوصول إلى موقف موحّد من رئاسة الجمهورية، وليس الجمهورية عموماً، يبقى صعب المنال، وهو ما يظهر جلياً في إعلان الدكتور جعجع أن انسحابه من السباق الرئاسي لن يؤثّر في التعطيل لهذا الاستحقاق.
وانطلاقاً من هذه الصورة، فإن رمي الاتهام في ملعب أي طرف داخلي، يبدو واهياً ومضلّلاً على حدّ قول المصدر النيابي، الذي تحدّث عن تواطؤ على الاستحقاق الرئاسي من قبل كل عواصم القرار الإقليمية والدولية، التي لطالما تدخّلت في عملية التسوية والترشيحات إلى رئاسة الجمهورية، والتي كان آخرها «اتفاق الدوحة». وأضاف، أن الأزمة الرئاسية مستمرة إلى أمد غير منظور، وفي انتظار حلول كلمة السرّ الخارجية، فإن الحراك الذي تقوده بكركي لن يثمر تطوّرات إيجابية، وكذلك، فإن الحوارات الدائرة، والتي تهدف إلى مقاربة هذه الأزمة ولو من بعيد، ستقتصر على إدارة الوضع الراهن وترقّب ما يجري في المنطقة والحرص على تمرير الوقت الضائع بأقلّ قدر ممكن من الخسائر.