مصادر ديبلوماسيّة : مُعظم الأطراف اللبنانيّة الفاعلة مُتوّرطة في حروب المحيط والجوار

لا تعليق
آخر الأخبارمحلية
1
0

 

هشام يحيى
منذ أشهر وجميع المراقبين ينتظرون معركة ما بعد « ذوبان الثلج» في منطقة القلمون وجرودها الجبلية الصعبة ليحدد في ضوء نتائجها مستقبل الاستحقاقات اللبنانية الأساسية والتي يتقدمها كل من: الاستحقاق الرئاسي، قانون الانتخاب الجديد، والرئيس المقبل للحكومة اللبنانية.
وفي هذا السياق تؤكد مصادر دبلوماسية بارزة في بيروت أن لبنان يعيش اليوم على إيقاع معركة القلمون وغيرها من المعارك الفاصلة في الميدان السوري الذي يشهد تطورات عسكرية متسارعة على أكثر من جبهة، مضيفة أن التحرك الإقليمي – الدولي بشأن الأوضاع اللبنانية الهشة والرخوة سياسيا وأمنيا واقتصاديا واجتماعيا ومعيشيا، لا يعطي أي اعتبار لموضوع الاستحقاق الرئاسي الذي لا يزال يدور في حلقة مفرغة ، والذي بات أكثر من أي وقت مضى مرتبطا ارتباطا وثيقا بما يجري في المنطقة من أحداث لا تدل سوى أن لبنان مقبل على مرحلة خطرة تستدعي من المجتمع الدولي اعطاء الأولية المطلقة لحفظ الاستقرار ولمنع الأوضاع الهشة في البلاد من الانزلاق نحو براثن الفوضى والحروب الداخلية التي ترخي بأثقال مخاطرها الرهيبة على الأوضاع العامة برمتها في لبنان.
ولفتت الى أن المجتمع الدولي لا يزال يعطي الأولوية المطلقة في لبنان لمسألة حفظ الاستقرار الأمني في ظل هذا الكم من التقارير الأمنية المحلية والخارجية التي تحذر من عودة الاغتيالات السياسية إلى الساحة اللبنانية وذلك استناداً إلى مشهد الاندفاعات والتحركات للمجموعات التكفيرية بكل خلاياها النائمة على الساحة المحلية باتجاه زعزعة الأمن والاستقرار في لبنان كرد على ما يجري في ساحات المواجهة الضارية في القلمون والتي من الواضح وبحسب المعلومات الميدانية الواردة من أرض المعركة أن الاشتباكات العنيفة التي يسقط فيها القتلى والجرحى بأعداد كبيرة لا تدل سوى على أن هناك تصميماً من الطرفين على كسب المعركة وإلحاق الهزيمة الساحقة بالطرف الآخر.
وتستبعد المصادر الدبلوماسية حصول تطور دراماتيكي في شأن الاستحقاق الرئاسي في المدى المنظور، خصوصا أن المسؤولين في لبنان يدركون أنه لم تعد لهم كلمة في الاستحقاق الرئاسي الذي باتت كلمة الفصل فيه السرية والعلنية للقوى الإقليمية التي تمنع انتخاب رئيس للبنان حتى اشعار آخر خصوصا أن جميع المؤشرات الإقليمية المتعلقة بهذا الاستحقاق لا تؤشر سوى إلى أن الفراغ مستمر وان الحركة الإقليمية والدولية ليس في جدول أعمالها ولا في اولوياتها الاستحقاق الرئاسي في لبنان لا من قريب ولا من بعيد. ويستدل على ذلك من طبيعة العلاقة المتوترة السائدة راهناً بين المملكة العربية السعودية وإيران، نتيجة الحرب الدائرة في اليمن. كما تنظر المصادر الديبلوماسية نظرة متشائمة إلى هذا الاستحقاق متوقعا أن يتأخر إنجازه إلى اشهر طويلة ، وربما لسنة أو أكثر ، لأن ليس هناك في الأفق ما يشير إلى أن العلاقة السعودية ـ الإيرانية ستتحسن بل إن كل المؤشرات تدل إلى أنها ذاهبة إلى مزيد من التأزم، لأن الحرب اليمنية مرشحة لأن تطول، خصوصاً أن الأهداف التي أرادت السعودية تحقيقها من عملية «عاصفة الحزم» لم تتحقق بعد، ولا يبدو أنها قابلة للتحقق قريباً، وربما لا تتحقق لأن الكفة في الميدان ما زالت راجحة على الأرض حتى الآن لمصلحة الحوثيين وحلفائهم.
المصادر اشارت الى أنه من سوريا إلى اليمن والعراق وليبيا ومصر والبحرين وغيرها من الساحات الملتهبة هناك مسار واحد لتورط لبناني عام في كل هذه الأحداث، و الدليل الساطع على هذا التورط اللبناني هو مشهد انقسام القوى السياسية النابع أولا وأخيرا من ارتباطها وارتهانها في المواقف والخيارات الكبرى بهذا المحور الإقليمي أو ذاك الذي يتواجه على كل تلك الساحات، وليس سرا القول ان هذا التورط اللبناني في حروب المنطقة هو في كثير من الاحيان يتعارض مع المصلحة الوطنية والعربية للبنان السيد الحر والمستقل الذي لم يعد يحتمل استخفاف البعض بما يجري في المنطقة من أحداث وتطورات، مؤكدة أن معظم الأطراف السياسية في لبنان لا سيما الأساسية والفاعلة منها هي متورطة بشكل مطلق في الحروب الخارجية الدائرة في المحيط والجوار، وهذا الأمر لا يتوقف على حزب الله وحده كما يحاول البعض أن يصوّره، ومن دون أدنى شك في أن تورط القوى اللبنانية في الحروب الخارجية لن يجلب لتلك القوى ولبنان على حد سواء سوى المزيد من التورط في أزمات وأوضاع لا قدرة لوطن الأرز وشعبه على تحمل وزر مأساتها وخسائرها وأعبائها الفادحة والكارثية على الأوضاع المحلية اللبنانية التي باتت بفعل هذه التدخلات الخارجية على فوهة حمم البراكين الملتهبة التي تعرض أمن لبنان واستقراره وسلمه الأهلي لأشد المخاطر الجسيمة.
وأكدت المصادر الديبلوماسية، انه أمام هذا الواقع الخطر، والمرشح أن يصبح أكثر خطورة وتعقيدا كلما اقترب موعد التوقيع على الاتفاق النووي النهائي بين مجموعة الدول الخمس زائداً واحداً مع إيران، خصوصا أنه من المتوقع أن تؤدي المفاعيل الإستراتيجية لهذا الاتفاق إلى قلب الأوضاع في المنطقة التي يتقدم فيها أكثر من أي وقت مضى الصراع السني – الشيعي الذي يرخي بأثقال مخاطره على الساحة اللبنانية التي تشهد حالة من التوتر والاحتقان المذهبي السني – الشيعي الخطر جدا والذي يشكل تهديدا حقيقيا للأمن والاستقرار والسلم الأهلي في وطن الأرز. وتتابع بأن الجوجلة السياسية لتطورات الأوضاع العسكرية في سوريا واليمن واللقاءات الدبلوماسية التي تعقد في بيروت وعواصم مؤثرة في الملف اللبناني، لم تحمل معها سوى نصائح إلى المسؤولين اللبنانيين تشدد على ضرورة الحفاظ على الوضع الحالي في لبنان أي الحفاظ على بقاء الحكومة السلامية واستمرار الحوارات القائمة بغض النظر عن نتائجها، بانتظار اخراج وتبيان ماهية ونوع التسوية الدولية – الإقليمية في المنطقة المنتظرة في ضوء ما بعد نتائج الاتفاق النووي النهائي بين إيران والمجتمع الدولي، بحيث أن هذه التسوية المنتظرة سوف ينتج من جرائها ترتيب الأوضاع في دول تقاطع المواجهات السعودية – الإيرانية الإقليمية، خصوصا في العراق وسوريا واليمن وحتما في لبنان.