الأمن للحراك : تظاهروا «براحتكم».. والمجلس خط أحمر

لا تعليق
آخر الأخبارمحلية
2
0

 

يوما بعد يوم، يستثمر الحراك المدني وناشطوه أخطاء السلطة وأذرعها التي تستمر في صم آذانها عن آلام اللبنانيين ومعاناتهم المزمنة مع جميع الملفات الحياتية، ولا تكترث بأي شكل لمطالبهم التي هي في حقيقة الأمر حقوق مشروعة، والمطالبة فيها أساس لوجود مواطنة ودولة وقانون ومؤسسات.
السلطة في واد، والناس في واد، والشارع لا يزال لغة التخاطب الوحيدة المتاحة، في ظل طاولة حوار تقوم السلطة فيها بإدارة الوقت الضائع، وتحاور نفسها، بدل أن تحاول الحوار مع الشعب اللبناني المنتفض منذ أكثر من شهرين.
ما حصل أمس يؤكد أن الشارع أخذ جرعة نشاط قوية، وأن الحراك مستمر لحين تحقيق ما يصبو إليه اللبنانيون من مطالب حياتية ومعيشية، وحتى سياسية. فكيف بدا المشهد أمس في وسط بيروت التجاري، الذي لا يزال «منهنها» من صفعة «أبو رخوصة» أول من أمس؟
«قبة باط سياسية» جعلت من يوم الحراك الطويل يسير بشكل لطيف وسلمي الى حد ما، رغم «سياسة الخطوط الحمراء» الواضحة التي تجلت في الطوق الأمني المشدد لعشرات العناصر من «المكافحة» والقوة الضاربة التي تولت حراسة وحماية مداخل ساحة النجمة من جميع الجهات، مقابل تساهل و«تسهيل مرور» على دفعات ومراحل من بداية الاعتصام أمام مبنى جريدة النهار، وصولا إلى مداخل الساحة.
«تسهيل المرور» أتى بأوامر مباشرة من القيادة العليا في قوى الأمن الداخلي، اذ لاحظ المراقبون أن ثمة استراتيجية طبقتها قوى الأمن في مظاهرة الأمس، تمثلت بغياب الأسلاك الشائكة والعوارض الحديدية من أمام المتظاهرين، وانتشار العناصر الأمنية فقط، باستثناء المداخل المؤدية إلى ساحة النجمة مباشرة، بمعنى سياسي آخر ان قوى الامن قالت للمتظاهرين بما معناه : «المحيط لكم فافعلوا ما تشاؤون، إلا أن الوصول إلى ساحة البرلمان محظور، وخط أحمر».
قوى الأمن امس اعتمدت سياسة القوة الناعمة، وحاذرت المساس بالمتظاهرين أو اعتقالهم، بخلاف المشهد الأخير الذي شوهد في المرة الماضية. في المقابل، شكل المتظاهرون درعا بشريا وقف أمام المتظاهرين مديرا ظهره للقوى الأمنية، ومواجها المتظاهرين، في حين كان هناك رأيان في التنظيم، فقد عزمت بعض المجموعات على اختراق السياج الأمني الشائك «مهما كلف الأمر» باعتبار أنها قد دعت المواطنين على هذا الأساس، ومن منطلق أن من حق اللبنانيين الوصول إلى ساحة البرلمان، لأنه كما غيره من المساحات العامة ملك الشعب اللبناني، إلا أن مجموعات أخرى رفضت هذا الطرح، معتبرة أن من أهم الأشياء التي تميز هذا الحراك هي سلميته، وبالتالي، فالدخول إلى منطقة مجلس النواب المصنفة منطقة عسكرية هو مدعاة للمشاكل مع القوى الأمنية، وبالتالي فمن المطلوب البقاء خلف السياج الأمني الفاصل، وليس اختراقه.
خلق هذا التباين مجموعة من الأسئلة حول جدوى تحويل الحراك من سلمي إلى عنفي، باعتبار أن عبارة «مهما كان الثمن» تعني تساهلا في الملف، إلى حد قبول سقوط الضحايا لا سمح الله. وهنا أيضا، سألت المصادر المتابعة، هل هناك تيار داخل الحراك يريد «بو عزيزي لبناني» يذهب بالحراك والحراكيين إلى «ربيع عربي» بنسخة لبنانية، مرفوضة بكل قوة من جميع الاطراف السياسيين، ومعهم معظم الشعب اللبناني، الذي يعتبر عقلاؤه أن كمية المئتين والعشرين ألف شهيد الذين سقطوا في الحرب الأهلية أكثر من كافية، وبالتالي، لا لزوم لبو عزيزي جديد.
والاسئلة تتوالى عما اذا كان هناك من يريد تعميم الفوضى لخراب البصرة فوق رؤوس الجميع، وهذا لا يخدم لا الحراك ولا كل اللبنانيين، بل يخدم الاعداء المتربصين بلبنان وكل المنطقة العربية والساعين من وراء مخططات الفوضى الخلاقة الى تقسيم وتفتيت ما تبقى من كيانات عربية، وهذه الفوضى العارمة تصبّ في خانة ضرب الحراك المدني وتبديد الزخم والاحتضان الشعبي الذي نجح هذا الحراك في تحقيقه في 29 آب.
إشكالات طفيفة حصلت قبل بدء المظاهرة، على خلفية رفع أحد المعتصمين لصورة تجمع ثلاثي الحريري وبري وجنبلاط، إلى جانب عبارة اعتبرها بعض المتظاهرين مسيئة، فقاموا بالتعدي بالضرب على حامل الصورة، مطالبين إياه بخفضها.
وكان النائب في كتلة التنمية والتحرير علي بزي قد أكد في لقاء في بلدة كفركلا أن الحركة ترفض المس بالرموز والكرامات، وبدوره أكد رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط في تغريدات مسائية على موقع تويتر أنه وبري والحريري أبرياء حتى تثبت إدانتهم، منددا بتسمية هؤلاء الثلاثة دون الباقين من الطبقة السياسية…