«الحراك» أمام امتحان الفوضى المنظّمة

لا تعليق
آخر الأخبارمحلية
0
0

 

هيام عيد الديار

فيما تنبىء التحركات الشعبية بأن جمعيات وهيئات الحراك المدني لن تتوقف عن الدعوة الى الإعتصامات و المسيرات الإحتجاجية، فقد بات واضحاً أيضاً أن الستاتيكو السياسي الذي فرزه هذا الحراك، مستمر من دون أي تغيير. فالإنتفاضة الشعبية التي انطلقت منذ 22 آب الماضي، تعمل على تعزيز مواقعها على الساحة السياسية إنطلاقاً من الشارع ومن أمر واقع ميداني ترسمه عبر الإحتجاجات اليومية. في المقابل، فإن المسؤولين في مجلس النواب، كما في الحكومة، يتحرّكون منذ هذا التاريخ بضغط من الشارع، في إطار «الحوار الوطني»، الذي تحوّل إلى مغامرة غير معروفة النتائج، كما وصفها مرجع وزاري سابق، إذ اعتبر أنه وسط انسداد الأفق الرئاسي، كما النيابي، والحكومي، لم يبقَ من أطراف المعادلة إلا المرجعيات الطائفية والمؤسّسة العسكرية والأجهزة الأمنية التي تتواجه مع الحراك في الشارع.
وإذ وجد المرجع أنه على كافة القيادات استغلال فرصة الحوار وعدم تفويتها من خلال المقاطعة، أو طرح الشروط المسبقة، خاصة من قبل الكتل النيابية المسيحية، أكد أن أي تقاعس سياسي، سيبرز كل الإهانات التي يتعرّض لها المسؤولون على اختلاف انتماءاتهم السياسية، لأنهم يؤكدون بذلك لا مبالاتهم بكل الشعارات المرفوعة، وبصرف النظر عن صوابية وفاعلية ودقّة بعضها.
وفي سياق متصل، لم يتوقّع المرجع نفسه، أن يتمكّن أي من طرفي المواجهة الكاملة في الشارع منذ أسابيع، من تحقيق أي حسم بسبب القيود التي تكبّل المسؤولين بسبب ارتهان الإستحقاقات بصراعات المنطقة من جهة، ونتيجة توقّف تحرّك الهيئات المدنية عند خطوط حمراء رسمتها الإنتماءات الطائفية والحزبية لبعض المحتجّين من جهة أخرى. ولكن هذا الواقع لم يلغِ، على الأقلّ حتى الساعة، إرادة الإستمرار لدى كل الأفرقاء ولغايات وأهداف متباينة. وقد وجد المرجع الوزاري السابق، أن الحركة الشعبية أمام امتحان الحفاظ على طابعها المدني، والإبتعاد عن اي رموز سياسية سابقة أو حالية، قد تكون تسعى لركوب موجة الحراك المدني للوصول إلى شاطئها الخاص، فانتقال الحراك إلى حركة سياسية تنتقي عناوين معيّنة وتستبعد عناوين اخرى، سيؤدي حكماً إلى انقسامها من الداخل، وإلى تراجع تأييدالرأي العام لها، وإلى وصولها إلى حائط مسدود على صعيد تحقيق الشعارات المشروعة التي رفعتها منذ بداية الحراك.
لذلك، لا يخفي هذا المرجع مخاوفه من الذي تخبئه الأيام المقبلة على صعيد اجتياز الخطوط الحمر في الشارع، فيما لو استمرّت التحرّكات وغابت الحلول العملية. وتوقّع أن تنعكس أي فوضى محتملة على مسار الحوار الوطني، مع العلم أنه لا بديل اليوم عن استمرار التواصل، ولو من دون نتيجة، ذلك أن البديل، وكما كشف المرجع الوزاري السابق نفسه، هو الإنزلاق نحو الفوضى المنظّمة، وبالتالي، إعلان العجز الرسمي وفشل الحراك في تحقيق مطالبه وفي مقدمها معالجة أزمة النفايات بطريقة علمية وشفّافة وملائمة للبيئة.