هل دخلت البلاد والحوار والحكومة في نفق التعقيدات المظلمة؟ وما هو مصير الحكومة وطاولة الحوار وخطة النفايات والترقيات العسكرية؟ وما هو البديل المتبقي عن كل ما تقدم؟ ولماذا تدفع بعض الطبقة السياسية البلاد نحو الانفجار في المؤسسات وتهديمها واحداث الصدام الدموي بين الحراك المدني والحكومة والطبقة السياسية؟
كلها اسئلة كانت مدار نقاش وحوار داخلي بين مكونات 8 آذار خلال عطلة نهاية الاسبوع وفي منتصف الاسبوع الماضي واطلع على مضمونها كل من رئيس مجلس النواب نبيه بري والنائب وليد جنبلاط عرابي «تسوية العمداء» وطاولتي الحوار في عين التينة وساحة النجمة.
وتؤكد مصادر قيادية رفيعة المستوى في 8 آذار اننا امام ساعات حرجة ومفصلية وقبل ساعات من معرفة مصير طاولة الحوار في اول جلساتها المكثفة الثلاثاء المقبل. وتشير المصادر الى ان التعقيدات الاخيرة مصدرها داخلي بحت ورغبة في التشفي السياسي والكيدية وتصفية الحسابات لتمرير بعض المصالح الذاتية. وتوضح المصادر ان سلسلة اتصالات اجريت مع حزب الله والمستقبل عبر «اصدقاء مشتركين» تبين بعدها ان الطرفين لا يرغبان بالتصعيد السياسي وانهما متفقان على استمرار الحوار المشترك بينهما بنسختيه الاسبوع المقبل في عين التينة وساحة النجمة. وان هذا الاشتباك الكلامي هو مجرد سجال اعلامي بدأه الرئيس سعد الحريري بعد رده الاستفزازي على كلام الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في إطلالته المتلفزة عبر قناة المنار منذ اسبوعين. وتشير المصادر نفسها الى ان حزب الله وقوى 8 آذار مجتمعة متمسكة بالحوار الثنائي بين الحزب والمستقبل وبالحوار الموسع في ساحة النجمة لان لا بديل عن الحوار الا التشنج والصدام وانفلات الامور في الشارع.
وفي حين تحمل المصادر تيار المستقبل مباشرة وبالدرجة الاولى مسؤولية الدفع في اتجاه تفجير الاوضاع وتعقيد عمل الحكومة وتطيير ما عرف بتسوية ترقية العمداء عبر اختراع بنود خارج الاتفاق والمفاوضات الجانبية التي قادها موفدون لبري وجنبلاط والحريري وبين الرابية والسراي الحكومي وعين التينة. وافضت هذه الاتصالات مع انطلاق طاولة الحوار الموسعة قبل اسبوعين الى تأكيد كل الاطراف على السير بآلية عمل الحكومة لجهة اتخاذ القرار وهي تنص على تأجيل اي بند او سحبه من التداول في الجلسة نفسها اذا لم يلق الاجماع المطلوب او سجل عليه اعتراض مكونين اساسيين من مكونات الحكومة ومجلس النواب ولهما ثقلهما «الطائفي» والتمثيلي. وهنا تسجل المصادر ملاحظة ان المكونات المسيحية الاساسية ليس الرئيس ميشال سليمان لانه ليس ممثلا للموارنة او اصواتهم بالانتخاب وفي مجلس النواب فهو ماروني انتخب رئيس للجمهورية ولانه رئيس للجمهورية اعطي ثلاثة وزراء في الحكومة فاعتراض وزرائه الثلاثة ينجم عن عدم رضى سياسي او رغبة في تحسين «الحصة» المطلوبة في الترقيات العسكرية ويطرح سليمان تمرير ترقية العميد الغفري المحسوب عليه من جهة ويريد «زكزكة» رئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب العماد ميشال عون عبر الدفع بنهاية خدمة العميد شامل روكز وذهابه الى التقاعد وبالتالي قطع الطريق امام اي مستقبل له او فرصة تولي قيادة الجيش.
وتشير المصادر الى ان الاشتباك الايراني – السعودي حول حادثة التدافع المأساوية في منى لم ينعكس على الداخل اللبناني او طاولة الحوار وحتى السجال بين المستقبل وحزب الله ولا الحكومة او اي تفاوض داخلي فليس من مصلحة لاي من الدولتين لتفجير الاوضاع اللبنانية.
لذلك تبقى فرصة اخيرة لاعادة التواصل وتزخيم الاتصالات والحوارات الجانبية لانعاش تسوية العمداء المتعثرة قبل الثلاثاء للحفاظ على طاولة الحوار واستكمال جلساتها التي طلب الرئيس بري من المشاركين فيها تقديم ورقة ثانية تتضمن هذه المرة تصوراً ما عن قانون الانتخاب وكيفية تجديد الحياة السياسية وتنفيذ بعض البنود الاصلاحية في اتفاق الطائف ومنها الانماء المتوازن واللامركزية الادارية واعطاء البلديات الحوافز اللازمة لادارة شؤون مناطقها وتسيير امور الناس ومصالحهم وهي امور اثبتت حاجتها مشكلة النفايات والاعتراضات على اقتراحات وخطط الحكومة لحل ملف النفايات واعتماد المكبات والمطامر المناطقية وتبين بالدليل القاطع ان عودة الدولة الى دورها في ان تكون دولة رعاية عادلة وقادرة لكل ابنائها ومناطقها وتوزيع المغانم وليس فقط المغارم على المناطق والاقضية امر ضروري لحل مشكلة النفايات والاستجابة لمطالب الحراك الشعبي الاجتماعية والاقتصادية المحقة.
الساعات المقبلة حاسمة لجهة الاستمرار في الحوار الموسع واستئناف عمل الحكومة، وتؤكد المصادر في هذا السياق ان الاتصالات زخمت في الساعات الماضية وستتكثف خلال الـ24 ساعة المقبلة وخصوصا من حزب الله وبري وجنبلاط للحفاظ على الحكومة والحوار ولقطع الطريق على كل محاولات العبث السياسي التي ستؤدي الى التفجير حتماً.