بدت لافتةً كثافة أعداد الموقوفين والتنسيق الأمني بين الجيش اللبناني واستخبارات الجيش والأجهزة الغربية في مجال مكافحة الإرهاب، ونوعية العمل الأمني الذي يترجم أسبوعياً عن سلسلة توقيفات في أكثر من شبكة.
“الأخبار” سألت مرجعاً أمنياً رفيعاً في الجيش عمّا يجري من توقيفات، فكشف عن حصيلتها وما يجري على خط التنسيق بين الجيش اللبناني والأجهزة الغربية ومدى التقدم الذي حققه الجيش على صعيد مكافحة الإرهاب.
أولاً: شهدت توقيفات الجيش، منذ عام 2008، تفاوتاً ملحوظاً في أعداد الموقوفين الأمنيين، أي الذين يوضعون في خانة الإرهابيين والمتهمين بجرائم منظمة واعتداء على أمن الدولة. تفاوت العدد يظهر أنّ النسبة ارتفعت تدريجاً من 286 عام 2008 إلى 2030 موقوفاً حتى بداية تشرين الأول الجاري. والملاحظ أنّ العدد ارتفع عام 2009 إلى 1136، وانخفض عام 2012 إلى 848. لكنه شهد ارتفاعاً ملحوظاً بدءاً من عام 2013، ليبلغ ذروته عام 2014 مع 1826 موقوفاً.
ولا شك في أن عامل الحرب السورية، وما رافقها من نزوح سوري مطّرد ومن دون رقابة، ارتدّ في صورة مباشرة على لبنان، وكان للوضع الأمني حصة منه في خلال السنوات الأخيرة. والملاحظ أنّ الإحصاء الرسمي يظهر ارتفاعاً في نسبة الموقوفين السوريين، لتبلغ أكثر من تسعين في المئة في بعض الشبكات. وبحسب التعريف الاستخباراتي لأفعال الموقوفين، يشمل جرم توقيفهم الأعمال الإرهابية المباشرة والتخطيط والتنفيذ والمساعدة اللوجيستية والاتصالات والتمويل ونقل الأموال، إضافة إلى جرائم تمسّ أمن الدولة واستهداف عناصر الجيش وقتاله ونقل أسلحة وتفجير سيارات مفخخة.
ولا يقلّل المصدر الأمني من خطورة التمويل ونقل الأموال في الأعمال الإرهابية، لافتاً إلى تجاوب مصرف لبنان وشركات نقل الأموال في التدقيق في أيّ شبهات يمكن أن تحصل جراء تحويلات معنية، من دون إغفال عملية نقل الأموال المباشرة لجماعات إرهابية وملاحقة المشتبه فيهم.
في الحصيلة الرسمية أيضاً، يظهر عدد الموقوفين منذ بداية السنة الجارية وحتى أول تشرين الأول الجاري. هؤلاء الموقوفون هم حصراً المتهمون بجرائم إرهابية مباشرة والمنتمون إلى شبكات إرهابية موزعة على عدد من المناطق اللبنانية. وهم موزعون على عدد من السجون منها سجون عسكرية. والعدد المذكور مرتفع نسبياً، ولا سيما لجهة انتماءات الموقوفين إلى عدد من الشبكات والخلايا الإرهابية، إضافة إلى ارتفاع عدد الموقوفين السوريين.
يتمتع الجيش ومديرية الاستخبارات باهتمام غربي لافت، ويظهر ذلك في صورة مستمرة من خلال الدعم العسكري والاستخباراتي واللوجيستي الذي يقدم إلى الجيش ومديرية الاستخبارات. وفي الأعوام الأخيرة، توطدت علاقة الجيش والاستخبارات بالأجهزة الغربية، ولا سيما مع الولايات المتحدة التي رفعت أخيراً قيمة مساعداتها للجيش من 100 مليون دولار إلى 150 مليوناً. والثقة التي تبديها الأجهزة الغربية بالجيش واستخباراته، تبدّت أيضاً في أشكال مختلفة من المساعدات اللوجيستية ونوعيتها والتنسيق الدائم ودورات التدريب التي تشمل كل الاختصاصات التي تُسهم في تعزيز جهاز الاستخبارات.
بحسب المصدر الأمني الرفيع، فإن التنسيق والتدريب أظهرا للأجهزة الغربية فاعلية المتدربين وأدائهم العالي، الأمر الذي أسهم في إعطاء صورة أفضل عن العناصر المحترفة التي ترسل في دورات تدريبية.
النقطة الثانية أن المساعدات اللوجيستية استخدمت في مكانها المناسب، الأمر الذي ظهر بحجم التوقيفات والشبكات المتتالية التي يُقبَض عليها. لذا، تتكثف اللقاءات والاجتماعات الدورية ويجري تحديث الأجهزة والدورات التدريبية بين لبنان والخارج.
النقطة الثالثة أنّ الأجهزة الغربية تمدّ الجيش بالمعلومات الاستخباراتية، لكنها لا تمدّه وحده، وهي تعطي المعلومات نفسها لكافة الأجهزة اللبنانية. وهذه الأجهزة هي التي تعمل على الأرض من ضمن فاعليتها وأجهزتها للتأكد من صحة المعلومات ومن القبض على المجموعات الملاحقة.
تنظر هذه الأجهزة بثقة تامة إلى الجيش اللبناني “لأنه الجيش الوحيد في المنطقة الذي لم تخرقه الشبكات الإرهابية، ولم تستطع داعش مثلا أن تجنّد عناصر فيه، وقوة هذا الجيش أن عناصره ينتمون إلى جميع الطوائف والانتماءات الدينية، وهم كلهم يحاربون التطرف والأعمال الإرهابية”.
المصدر: موقع الـ MTV