لم يعد الأمر مفاجئاً أن تثار «عاصفة غبار» يزج فيها اسم بكركي وبطريركها كلما كان هذا الأخير في الخارج ويتهيأ للعودة الى لبنان. إنه الانطباع الذي تخرج به من الصرح الماروني تعليقاً على كل علامات الاستفهام التي ترافق هذه الأيام تقريراً منسوباً الى الفاتيكان ويتضمن «إدانة واضحة لأداء بطريرك الموارنة لناحية أنه عجز عن حل مشاكل المسيحيين في لبنان والمنطقة».
تحتار مصادر بطريركية على من ترد. فالمسألة، برأيها، تبدو شبيهة بـ «راجح» الرحابنة أو مقولة غوبلز الشهيرة بأن «أكذب أكذب أكذب فلا بد أن يعلق شيء في الأذهان»، أو حتى مقولة يخترعون «الخبرية» ويصدقونها ويترقبون الرد والرد المضاد. وبأسف تتابع: «ليحترموا عقول الناس. فهم يستندون الى مصادر. ليقولوا لنا من هي هذه المصادر لكي نعرف الى من نتوجه». وترجح أن يكون من بدأ هذه القصة «شخصاً يحب الكنيسة ويحب البطريرك الراعي، بث سمومه وبدأ الآخرون يكررون من بعده ويبنون على ما قيل. يبدون أنهم يحبون أن يتسلوا فينا من ضمن الحملة ذاتها ضد شخص البطريرك الراعي».
هذه الحملة، برأي المصادر البطريركية، لطالما أطلت برأسها كلما كان البطريرك في الخارج: إنه الاستقبال الأسود عبر «تقرير أسود» لتغطية أبيض المواقف البطريركية والكنسية، ولكنهم سيفشلون هذه المرة أيضا. ففي التقرير الفاتيكاني الذي وصف بـ «الأسود» إعادة إنعاش لبعض ما كتبته أقلام مأجورة عن «قصر وليد غياض» ناهيك عن أخبار مغلوطة عن طرد القيم البطريركي الأب جوزف البواري لـ «ترقيته» الى رتبة «مطران إداري»، وتحميل استقالة الأب نبيه الترس من بكركي أكثر مما تحتمل وغيرها من المغالطات.
وتوضح المصادر البطريركية: «أولا اختيار المطارنة يتم عبر الاقتراع في مجلس المطارنة، حيث يقترح كل مطران 3 أسماء ويقوم البطريرك في النهاية بالبوانتاج لإعلان اسم المطران. أما في ما يتعلق بالأب الترس الذي كان يشغل منصب أمين سر البطريركية فلطالما أبدى رغبة منذ تعيينه بأنه يحب العمل الرعوي أكثر من عمل المكاتب. وعندما برزت الحاجة الى كاهن في الأردن عرض عليه الأمر ووافق».
تأسف المصادر البطريركية لكل هذا «الغبار»: الفاتيكان يتحسس كل المشاكل التي يمر بها لبنان والمسيحيون فيه ويتألم، ولكننا نستغرب من كل ما يقال غير المستند الى أي بيان رسمي صادر عن الكرسي الرسولي. فهذه «خفة» غير مقبولة وبالتأكيد ستفشل في هدفها بأن تغطي «العمل الأبيض للكنيسة» باختراع «تقارير سوداء» لا أساس لها.
وتشير المصادر البطريركية إلى أن الكاردينال مامبرتي سئل من قبل الفريق الاعلامي المرافق للبطريرك الراعي الى روما عن «التقرير الأسود»، فضحك وقال: «من المؤسف جدا ان يكون بعض الصحافيين يكتبون بهذه الطريقة في لبنان».
في «السينودس العائلي» الذي يحضر البابا فرنسيس شخصيا معظم جلساته، يعطى لكل مشارك 3 دقائق للكلام. ينضم بطريرك الموارنة الى 350 عضواً يشاركون في هذا السينودس المنعقد على مدى 3 أسابيع في روما. يتشكل هؤلاء من كرادلة وبطاركة وأساقفة عيّنهم البابا أو انتخبتهم المجالس الأسقفية، بالإضافة الى رؤساء الكوريا الرومانية والخبراء والعلمانيين المعينين من قبل الحبر الأعظم. تبدو تلك الجلسات بعيدة كلياً عمّا يحصل في لبنان.
في مقابلة له لموقع «أليتيا» منذ أيام، تحدث البطريرك الراعي عن السينودس بكل أبعاده الروحانية، ولكنه ربما من حيث يقصد أو لا يقصد، ردّ على ما يقال عنه في بيروت قائلا: «الكنيسة تلقن كل الناس من خلال عقيدتها، كي تساعدهم، كمعلمة، على تخطي صعوباتهم الروحية، الراعوية، الاقتصادية والسياسية، فموضوع السينودس ليس قائما على بعض الشواذات التي تتحدث عنها الصحف اليوم، هذه نقطة من النقاط التي تعالجها الكنيسة بحكمة وحنكة الأم وحنانها».
غبار «التقرير الأسود» و«العمل الأبيض» في بكركي
0