“حزب الله” يحصد في لبنان ما زرعه والروس في سوريا

 

بولا أسطيح – خاص النشرة

ليس ما يُنقل عن رئيس تكتل “التغيير والاصلاح” العماد ميشال عون لجهة اطمئنانه أكثر من أي وقت مضى لارتفاع حظوظه الرئاسية أو رد الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله على “الدلع المستقبلي” والتلويح بالانسحاب من الحكومة والحوار بكل هذه الحدة والصرامة، راميًا كل الأوراق بوجه وزير الداخلية نهاد المشنوق الذي كان دائما الأقرب الى الحزب من أي خصم آخر، إلا مؤشرات أولى لمرحلة جديدة دخلتها المنطقة ولبنان مع الدخول الروسي على خط دعم النظام السوري وحلفائه بحربهم المستمرة منذ العام 2011.
ولا يتردّد حلفاء الرئيس السوري بشار الأسد وأبرزهم “حزب الله” بالتعبير عن بهجة لم يعرفوها منذ 5 سنوات… لعلهم في الايام الاولى من انطلاق الحملة العسكرية لموسكو ظلوا منكفئين لفترة حتى التأكد من حجم المشاركة الروسية ومدى فعاليتها في الميدان، أما اليوم فكل الأمور قد حُسمت بالنسبة لهم والنصر بنظرهم آت لا محال، لذلك ارتأوا أن ينطلقوا بالحصاد باكرًا بتوجيه الرسائل يمنة ويسرة في الداخل اللبناني المدعو للاستعداد لمرحلة جديدة تبدأ خلال شهرين على أبعد تقدير.
وتقول مصادر مقربة من “حزب الله” أنّ الحزب “في أفضل وضع له سياسيًا وميدانيًا واستراتيجيًا منذ انخراطه بالحرب السورية، فهو يشعر براحة وطمأنينة لم يعرفهما منذ حوالي 5 سنوات نتيجة اكثر من متغير طرأ على المشهد السوري، ولعلّ أبرز هذه المتغيرات، الدخول الروسي العملي على الخط وتزخيم العمل العسكري الايراني في سوريا، بعدما كان الحمل الأكبر في الحرب هناك على عاتقه وخاصة في المرحلة التي أرهق فيها الجيش السوري”.
ويشعر “حزب الله” بأنّه استعاد بعضًا من حريته ووقته للتفرغ لبعض الملفات الداخلية اللبنانية التي كان قد وضعها في ثلاجة الانتظار نتيجة انشغالاته في الميدان السوري. وهو ارتأى اعلان عودته بتوجيه رسالة صارمة مفادها أن “لا تساهل بعد اليوم”، وهو ما عبّرت عنه مصادر مطلعة، قائلة أنّه اضطر في مرحلة سابقة الى غض النظر عن بعض الممارسات وتجاهل عملية توزيع الأدوار داخل تيار المستقبل.

وأشارت إلى أنّه كان يعي أن هناك من يشتمه في هذا التيار ومن يهدده ومن يحاوره ومن يطمئنه، الا أنه كان يفضّل دائما التعاطي مع النصف الملآن من الكأس اي حصر تعاطيه مع الطرفين الأخيرين، “الى ان قرر المستقبليّون اسدال الستار عن لعبتهم مطلقين التهديد والوعيد من خلال أطراف آثرت الايجابية في المرحلة الماضية، فأتى الرد بالحجم والشكل والمضمون المطلوب”.
ولا يعني اعتماد الحزب النبرة العالية في الأيام القليلة الماضية أنّه يسعى لتفجير الأزمة السياسية، اذ تؤكد المصادر حرص الحزب على اعادة “ربط النزاع والحفاظ على الكيان الحكومي من دون ان يعني ذلك أنّه سيتوسّل ايًا من الفرقاء الآخرين على البقاء فيها في حال رغبوا بالعكس”.
ولا يزال الملف السوري يحتل أولوية “حزب الله” من دون منازع، وتشير المصادر الى ان “المعركة الفعلية في سوريا بعد الدخول العسكري الروسي والايراني، لم تنطلق بعد بانتظار دخول المروحيات الهجومية الروسية على خط العمليات”، لافتة الى ان “الطائرات الحربية لموسكو وجهت ضربات مؤلمة استهدفت مقرات القيادة والسيطرة ومستودعات الذخيرة، فبات المقاتلون بلا ظهر ولا قيادة، وهو ما تسبب في تشتتهم في العمليات الاولى، ودفع كثيرين منهم للهرب”.
وتوضح المصادر الدور الذي يتولاه “حزب الله” حاليا في المعارك، مشيرة الى أنّه “يشارك في قوة هجومية غير كبيرة وفي نقاط محدودة جداً، يرافقه مقاتلون من الجيش السوري، ويتقدمون سوياً بينما تملأ قوات الدفاع الوطني المواقع المحررة، ليستكملوا بعدها عمليات التمشيط”. وتضيف المصادر: “يدرك الحزب أنّ العملية طويلة، وقد ارتأى ان تشمل كل المحاور دفعة واحدة، لمنع نقل المعارضة للمقاتلين من مكان الى آخر لتعزيز الجبهات، ليتم بذلك تشتيت قواتها”.
وبالنهاية، تتوعد المصادر بمزيد من المفاجآت في الأيام المقبلة في الميدان السوري، وتترقب انعكاسات كبرى لها، ليس الموقف التركي الموافق على بقاء الأسد في مرحلة انتقالية الا أول غيثها.