هل تقود النفايات إلى الفيدرالية في لبنان؟

لا تعليق
آخر الأخبارمحلية
3
0
ماهر الخطيب 
نفايات

على الرغم من تفاقم أزمة النفايات في الطرقات اللبنانية، والتأثيرات السلبية التي تتركها بيئياً وصحياً، قد يكون الأخطر ما هو مطروح على الصعيد الإجتماعي، لا سيما بعد أن عجزت الحكومة عن إيجاد حلول خارج الإطارين المذهبي والطائفي، الأمر الذي سيكون له تداعيات كثيرة في المستقبل القريب.
في الساعات الأخيرة، عادت الأوضاع إلى نقطة الصفر من دون التوصل إلى نتيجة نهائية، حيث بات مطلوباً أن تتولى كل طائفة الإهتمام بنفاياتها، مع العلم أن المطروح كان منذ البداية إيجاد “مطمر شيعي”، مقابل “المطمر السني” في بلدة سرار العكارية، ليتوج النقاش بعودة البحث عن “مطمر مسيحي”، على قاعدة “الشراكة الوطنية” حتى في النفايات، بدل أن يكون المطروح هو إيجاد حل وطني يعتمد القواعد العلمية.
بالنسبة إلى الكثيرين، هذه القاعدة بالعمل “طبيعية” في لبنان، لكنها عملياً لن تتوقف عند هذ الملف، فالبعض قد يذهب إلى طرح تعميمها على مختلف القضايا الأخرى، من الطاقة إلى المياه وصولاً إلى السير، لتخرج إلى الواجهة في المستقبل القريب إقتراحات من نوع أن تتولى كل طائفة تأمين الكهرباء والمياه لمناطق نفوذها، بعد أن ذهب البعض في السابق إلى منع بيع الأراضي لمن ينتمي إلى الطوائف الأخرى، بعد أن كان المطلوب أن يطبق هذا الأمر على الأجانب فقط.
من هذا المنطلق، لا يعود الفرز من المصدر يتمّ على أساس نوع النفايات، بل عبر تحديد كل طائفة للون محدّد لأكياس نفاياتها، كي تتولى رفعها ومعالجتها دون غيرها، في مشهد مضحكٍ مبكٍ على واقع وصلت إليه البلاد في هذه المرحلة الحساسة على مستوى العالم والمنطقة، حيث يعاد رسم الخرائط من قبل القوى الدولية والإقليمية، كان أفضل تعبير عنه ما جاء على لسان مدير المخابرات الفرنسية برنار باجوليه، خلال مؤتمر حول الاستخبارات في العاصمة الأميركية واشنطن، عن أن “الشرق الأوسط الذي نعرفه إنتهى”.

في هذا السياق، تصبح منطقية الهواجس التي يعبّر عنها البعض من مستقبل النظام السياسي في لبنان، خصوصاً بالنسبة إلى طرح الفيدرالية والتقسيم، الذي أثار لغطاً كبيراً في الفترة الأخيرة، في وقت تبدو فيه الأزمة القائمة على مستوى المؤسسات الدستورية مستعصية على الحل، نظراً إلى تفاقمها يوماً بعد آخر، بالتزامن مع إبقاء خيار المؤتمر التأسيسي مطروحاً على طاولة البحث، من منظار الذهاب نحو المثالثة بدل المناصفة الموجودة منذ توقيع إتفاق الطائف.
حتى الساعة، لا يبدو أن أياً من الأفرقاء يملك رؤية واضحة لما قد تكون عليه الصورة في المرحلة المقبلة، الجميع ينتظر ما هو قادم من تسويات على مستوى المنطقة، حيث تنشغل القوى الكبرى في البحث عن حلول لما هو عالق من أزمات دموية، خصوصاً في سوريا واليمن، لكن ما هو مؤكد أن الملف اللبناني، غير الموضوع على لائحة سلم الأولويات، سيكون من ضمن سلة متكاملة، تتضمن نظاماً إقليمياً جديدًا لم تظهر كل معالمه بعد، إلا أن دور الجماعات الإرهابية المتطرفة سيكون عاملاً أساسياً فيه، بعد أن يقتنع الجميع بانتهاء دورها التدميري.

في المحصلة، لا يبشر المشهد العام بالخير، لا بل قد يكون لبنان في مرحلة الإقرار الرسمي، بشكل حاسم، بانتهاء صورة الدولة المركزية المعروفة، لكن هل يبقى المخاض “سلمياً”، بالحد الأدنى الموجود، أم تنفجر الأوضاع في أي لحظة، تحت أي عنوان، من أجل فرض الواقع الجديد بالقوة؟
كل الإحتمالات تبقى واردة في ظل الأوضاع الحالية، حتى خيار التسوية التي تحفظ النظام الحالي لم ينته بشكل كامل، مع أن فرصه باتت ضئيلة جداً.