نتنياهو يستغل انشغال العالم.. ليجدد حمى الاستيطان

لا تعليق
آخر الأخباردولية
2
0
الاستيطان

استغلّ رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، الانشغال الدولي بتفجيرات باريس وبدء النقاشات في الكنيست لإقرار الميزانية العامة للعامين 2015-2016، ليحلّ واحدة من بين مشاكله الائتلافية المتعدّدة، ويعلن انتهاء تجميد فعلي للاستيطان، كان قد أقرّه بضغوط دوليّة. وأعلن نتنياهو أنَّه صادق على التسويق الفوري لأراضٍ بهدف بناء 436 وحدة استيطانية في مستوطنة «رمات شلومو»، و18 وحدة في مستوطنة «راموت»، المجاورتين للقدس داخل الأراضي المحتلة العام 1967.
ويحاول رئيس الحكومة تسويق هذه الخطوة وكأنَّها ليست عملاً استيطانياً، وإنَّما مجرّد توسّع ونموّ طبيعي في «عاصمة» إسرائيل الموحّدة التي لا يعترف بوحدتها أحدٌ في الأسرة الدولية.
وكان الائتلاف الحكومي الإسرائيلي قد تعرَّض لعدد من التصدّعات مؤخراً، وخصوصاً في التصويت على مشاريع قوانين في الكنيست بسبب ما كان يشار إليه من جانب قوى اليمين في الائتلاف حول تجميد التوسع الاستيطاني في القدس. وبعدما أعلن نتنياهو أنَّ أسلافه من رؤساء الحكومات، من أرييل شارون إلى إيهود أولمرت مروراً بإيهود باراك، أقرّوا وحدات استيطانية أكثر منه، تعرّض لحملة كبيرة من جانب شركائه في اليمين المتطرف. ووصل الأمر بعضو كنيست من «البيت اليهودي» أن رفضت التصويت إلى جانب الحكومة، بحجة أنّها نسيت التصويت مثلما نسي نتنياهو توسيع الاستيطان.
عموماً، جاء قرار نتنياهو المصادقة على تسويق أراضٍ بعد أسابيع من محاولته إفهام العالم أنَّه أقلّ تطرفاً من أسلافه، وأنَّه يستحقّ منهم تقليص الضغط الدولي الممارس عليه. ويبدو أنَّ تفجيرات باريس وانشغال العالم بمحاربة الإرهاب، أشعرا نتنياهو أنَّ في وسعه أن يصطاد أكثر من عصفور بحجر واحد. وهكذا، بالإضافة إلى حظر الجناح الشمالي لـ «الحركة الإسلامية»، قام بإعلان قراره توسيع الاستيطان.
وبحسب ما نشر في الصحف الإسرائيلية، فإنَّ قرار نتنياهو يفتح الباب أمام حملة استيطان أوسع بكثير. وأشارت «هآرتس» إلى أنّه قبل أسبوعين، كان من المقرّر أن تجري مداولات في اللجنة المحلية للتخطيط والبناء في بلدية القدس لمنح أذونات بناء لـ 88 وحدة في «رمات شلومو»، إلَّا أنَّ المداولات أجّلت. وأوضح مسؤول في البلدية أنَّ التأجيل جاء بأوامر من ديوان رئاسة الحكومة بهدف منع وقوع إحراج لنتنياهو أثناء زيارته واشنطن الأسبوع الماضي ولقائه مع الرئيس باراك أوباما. وهكذا ثمَّة معنى لإعلان القرار الآن بعد انتهاء زيارة نتنياهو لواشنطن وفي ظل الظرف الدولي الراهن.
واعتبر عضو الكنيست، عومر بارليف، من «المعسكر الصهيوني» أنَّ «نتنياهو يتصرّف كطفل انتظر أن يذهب والديه إلى النوم من أجل أن يذهب هو لمشاهدة التلفزيون. وكعادته، استغلّ الوضع ومرّر تحت الطاولة قراراً مثيراً ومعترضاً. فلماذا يسمح بالبناء الآن في «رمات شلومو»؟ لأنّ كل القوى العظمى منشغلة بالعملية الفتاكة في فرنسا بحيث لن يكون هناك من يصغي لإدانة الخطوة؟ وهناك استغلال آخر، وليس الأخير، وهو إضفاء عنوان القدس على كل الأحياء التي تنتمي بلدياً للمدينة المقدسة، لكن لا يجمعها أيّ جامع بالأماكن المقدسة لليهود سوى الصدفة. وليس هذا فقط، إذ يتبيّن اليوم أيضاً أنَّ الزيارة الأخيرة للولايات المتحدة، كانت طافحة عملياً بالمفارقات، خصوصاً أنَّه أعلن أمام أوباما أنَّه معني بتنفيذ خطوات من طرف واحد، وها نحن نعرف ماهية الخطوات التي كان يقصدها».
تجدر الإشارة إلى أنَّ نتنياهو، وفور تشكيل الحكومة، أعلن، في أيار الماضي، عن مصادقته على بناء 900 وحدة استيطانية جديدة في «رمات شلومو». وفي حينه، أدانت الإدارة الأميركية هذه الخطوة واعتبرتها: «مخيبة للآمال ومقلقة». ومعروف أنَّ اللجنة المحلية للتخطيط أقرّت حينذاك تسهيل بناء 1800 وحدة سكنية في مستوطنات مجاورة للقدس داخل الضفة الغربية.
في كل حال، رحّبت الأوساط اليمينيّة في الائتلاف الحكومي بقرار نتنياهو، واعتبرته نهاية لتجميد الاستيطان عملياً. وأعلن رئيسا اللوبي البرلماني من أجل «أرض إسرائيل»، عضوا الكنيست، بتليئيل سموتريتش ويؤآف كيش، ترحيبهما بالقرار. وقالت مصادر في اللوبي إنَّ نتنياهو اتخذ قراره بعد اجتماع عقده مع زعيم «البيت اليهودي» نفتالي بينت، ووزير الزراعة أوري أرييل، اللذين يضغطان طوال الوقت على نتنياهو للمصادقة على هذه الخطوة. ومن المؤكد أنَّ قرار نتنياهو جزء من محاولاته تمرير الميزانية العامة للحكومة في الكنيست، خصوصاً وأنَّ تلكؤ أو اعتراض أيّ من أعضاء الائتلاف البالغ عددهم فقط 61، يعني فقدانه الغالبية.