شباب يوقّعون أعمالهم الأولى.. بين الأدب العربي والصيدلة

لا تعليق
آخر الأخبارمنوعات
2
0
معرض الكتاب

يمتلئ جناح دار الفارابي بالزوار. يصطفون بالعشرات حاملين كتاب “على أراضي جمهوريتي”، منتظرين أن يوقع لهم المؤلف عطا الله السليم. يجلس الكاتب الشاب مسترخياً أمام طاولته، من دون أن يخفي ضحكته عن الحاضرين. يبدو السليم منهمكاً في إيجاد الكلمات التي تليق بكل شخص، فالإهداء خاص، ولا يجب أن يشبه إهداء آخر.
لم تكن فكرة نشر كتاب موجود عند السليم. لكن وبعد فقدانه عمله وجد نفسه منكبّاً على توثيق تجربته السياسية، خاصة أنّه التحق باكراً في صفوف الحزب الشيوعي اللبناني. يرى عطا الله أن تجربته والخيبات التي نجمت عنها والتي وضعها في هذا الكتاب هي بمثابة “إعلان انسحابه من العمل السياسي”!
يشعر الشاب، الذي شارف على الثلاثين أنّ الساعة قد دقّت ليضع “جمهوريته” بين أيدي الناس، وليقدّم التحية لرفاقٍ لعبوا دوراً أساسياً في تكوين “فكره النضالي”. أراد هذا الشاب الذي يسكنه هاجس الوقت من خلال كتابه “على أراضي جمهوريتي” أن يودع الحزب الذي انتسب إليه منذ العام 2003، وأن يبدأ مشواره من ميدان آخر، لكن بالمطالب ذاتها. يشبه عطا الله الكثير من الشباب الذين أصروا على تغيير الواقع فاختاروا النضال عبر حزب يساري كالحزب الشيوعي. ورثوا عن الحزب فكره لكنهم صدموا بواقعه، فقرروا أن يناضلوا على طريقتهم.
يختلف مفهوم الكتابة بالنسبة لكاتيا الطويل. تقول ابنة الخمسة وعشرين عاماً إنّها “اكتشفت أنّ الكتابة هي مهنتها الوحيدة في الحياة”.
أحبّت كاتيا الكتابة منذ طفولتها، لكنّها كانت تتجنّب نشر ما تكتبه، مثلما تتجنّب قراءته أمام الآخرين. لاحقاً، وبسبب حبّها للقراءة واطلاعها الواسع على الأدب وجدت أن عليها الدخول إلى المنافسة لتنتج شيئاً مختلفاً.
روايتها التي ستوقعها الأسبوع المقبل ليست أول نص طويل تقوم بكتابته، لكنّها أوّل عملٍ لها، والذي ستدخل من خلاله إلى عالم الرواية. في السابق طبعت كاتيا واحداً من أعمالها لكنّها لم تنشره خوفاً من نقد لاذع قد يتحوّل إلى صدمة تُفِقدها شغفها بالكتابة.
الشابة المولعة بالأدب، اختارت أن تكون ناقدة أدبية، حيث نشرت مجموعة مقالات في جرائد محلية لبنانية عدّة.
تحكي الطويل عن روايتها “السماء تهرب كل يوم”، بالقول إنّها تصف حالة هروب الإنسان من واقعه إلى الله، الذي يهرب بدوره من الإنسان لكن بصمت يجعل الفرد الهارب إليه أكثر حيرة. تسرد لنا كاتيا بلسان المقعد الخشبي حكاية أربعة أشخاص لجأوا إلى الكنيسة لتحقيق أمنياتهم. هذا المعقد هو المقعد نفسه الذي كانت تجلس عليه في طفولتها، وتقرأ الأمنيات التي نقشها الناس عليه.
استغرقت كتابة “السماء تهرب كل يوم” سبعة أشهر، وبعد أن فرغت من الكتابة لم تواجه كاتيا أي صعوبة في التواصل مع دار النشر “هاشيت/ أنطوان”. وجدت تعاوناً كاملاً من الدار معها، إضافةً إلى أنّ تخصّصها في مجال اللغة العربية وآدابها كان عاملاً مشجّعاً لتبني روايتها والتسريع في عملية النشر.
تجرأت كاتيا على نشر روايتها في الخامسة والعشرين من العمر، لكنّها ترى أن نشر هذه الرواية هو بمثابة رهان على موهبتها. مع ذلك ترفض الشابة لقب روائية. حلمها بأن تصير روائية لم يتحقق بعد. تقول: “نشر رواية واحدة لا يعني أنّك تصير روائياً، وإنّما على مجموعة أعمال سأقدّمها في المستقبل”.
ليس بالضرورة أن تكون مختصّاً باللغة العربية أو صحافياً لتصير كاتباً. عبد الحكيم القادري الشاب ابن 21 عاماً، وهو الأصغر سنّاً ربّما بين كتاب هذه الدورة في معرض الكتاب، آتٍ من خلفية علمية.
الشاب الذي يدرس الـ “فارماكولوجي” سيوقع روايته الأولى “الخلدان الصمّاء” في “أنطوان/ هاشيت” يوم السبت المقبل. يعتبر القادري أنّه قد دخل متأخراً إلى عالم القراءة. يقول إنّ صديقته هي مَن حثته إلى دخول هذا العالم، فأصبح يقضي جزءاً كبيراً من وقته في القراءة.
أما مشروع روايته فقد بدأ عندما كان في عمر الثامنة عشرة. كان يكتب بصورة متقطّعة إلى أن اكتملت الرواية اليوم، وهي “تخلد ذكرى امرأة هاربة من ظلم المجتمع، وتنتقد السّياسيّين العرب الذين يتنكّرون بالعفة”، حسب قوله.
يصف عبد الحكيم تواصله مع دور النشر بالسهل. كانت خيارته محصورة بثلاثة دور نشر، وكان خياره الأول “أنطوان”، والتي قدّمت له الدعم الكافي، حسب قوله.
يعتبر الكاتب الشاب أنّ الكتابة هي رئته الثالثة، ويشبه النّجاح بسحب اليانصيب، “ليس بالضّرورة أن يربح فيه الأكثر إبداعاً، بل الأوفر حظًّا”. يكفي القادري أن يسمع كلمة “لامسني النص” من أي قارئ ليشعر بأنّه قد نجح فعلاً.