في وقت يتصارع فيه مريدو الحرب على اليمن، يعزِّز تنظيم «القاعدة»، الذي يبقى استهدافه خارج أجندة «التحالف» السعودي، مناطق سيطرته في البلاد، خصوصاً بعد احتلاله، يوم أمس، مدينة جعار التابعة لمحافظة أبيَن الجنوبيّة، الأمر الذي سيمكّنه من تأمين خط إمداد على طول الساحل بين مدينتي المُكلَّا وعدن الواقعتين أيضاً تحت سيطرته.
وبعد يوم على انفجار الخلافات بين الرئيس اليمني الفار عبد ربه منصور هادي ورئيس حكومته ونائبه خالد بحاح، أكَّد الأخير، فجر أمس، أنَّه باقٍ في منصبه، رغم أنَّه «لا مغريات لذي عقل تدعو لتحمل المسؤولية في مثل هذه الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد»، ملمحاً إلى أنَّه سيقدّم استقالته «عندما يعجز عن دفع العبث»، فيما أعلن رفضه رسمياً للتعديل الوزاري الذي أجراه هادي على حكومته من دون العودة إليه.
وفي ساعات الصباح الأولى، شنّ مقاتلو التنظيم هجوماً مباغتاً على زنجبار مركز محافظة أبين وعلى جارتها جعار، فيما أعلن قيادي في «القاعدة» عبر مكبّر للصوت من الجامع الكبير في مدينة جعار، سيطرة «تنظيم القاعدة في جزيرة العرب» بالكامل على «إمارة جعار».
وتظهر هذه العملية هامش المناورة الكبير الذي يملكه مسلحو «القاعدة» في اليمن، خصوصاً في ظلّ الحرب التي تقودها السعودية، والتي مكنّته، خلال الأشهر الأخيرة، من توسيع نطاق سيطرته نحو عدن التي انتزعت قوات الغزو البري، بمؤازرة مقاتلين محليين، السيطرة عليها في تموز الماضي.
وتأتي سيطرة التنظيم على جعار بعد شهرين على بدء توافد مقاتليه إلى زنجبار، حيث سيطر، في منتصف تشرين الأول الماضي، على مقرّ الحكومة في المدينة الواقعة أصلاً تحت سيطرة مقاتلين موالين لـ«التحالف».
ويقول مصدر عسكري إنَّ السيطرة على جعار من شأنها تأمين خط إمداد بين مدينتي المُكلّا وعدن التي تبعد نحو 50 كيلومتراً عن المدينة المحتلة حديثاً.
ولدى دخولهم جعار، قام مسلحو «القاعدة» بتفجير المقر الرئيسي لما يعرف إعلامياً بـ«المقاومة الشعبية» وطاردوا المقاتلين الموالين لـ«التحالف» الذين فرّ معظمهم من المدينة، وفق ما ذكر شهود لـ«فرانس برس».
وقال شهود لـ«بي بي سي» إنَّ المسلحين انتشروا في عدة أحياء في مدينة جعار يقودهم القيادي البارز في التنظيم جلال بلعيدي. وأكّدوا أنَّ المسلحين سيطروا على عدد من المكاتب الحكومية ونشروا دوريات أمنيّة في الأحياء التي يسيطرون عليها، كما بدأوا بفرض مظاهر الحياة على سكان المدينة وإجبار مالكي المحال التجارية على الإغلاق عند مواعيد الصلاة. كذلك عقدوا اجتماعات مع وجهاء المدينة ومسؤولي الأحياء لإعطائهم توجيهات مرتبطة بطريقتهم في تسيير مظاهر الحياة العامة في المدينة بعدما قدَّموا وعوداً للمواطنين هناك بإعادة خدمات المياه والكهرباء والصحة وبقية المرافق الخدمية في المدنية.
واستحوذ مقاتلو «القاعدة» على مخزن أسلحة تابع للمسلحين الموالين لـ«التحالف»، وهو ما مكّنهم من الانتشار في مدينة جعار، وفق مصادر.
وتقول رواية مسؤول حكومي موالٍ لـ«التحالف» إنَّ مقاتلي «القاعدة» اختفوا من شوارع جعار بعد تنفيذ عملية قتل القيادي في «المقاومة الشعبية» علي السيد مع عشرة من مرافقيه.
ووصف محلل عسكري الخطوة بأنَّها «استعراض للقوة» من قبل تنظيم «القاعدة»، محذراً من أنَّه «ما لم يكن هناك ردّ حاسم من قبل قوات التحالف والقوات الموالية للحكومة، فإن المسلحين سينفذون عمليات أكبر».
وفيما تسعى الأمم المتحدة لجمع الأطراف اليمنيين إلى طاولة الحوار لبحث سبل التوصل إلى حل ينهي الحرب، أعلن السفير البريطاني لدى الأمم المتحدة، ماثيو رايكروفت، يوم أمس، أنَّه من المتوقع عقد جولة جديدة من محادثات السلام حول اليمن منتصف كانون الأول الحالي في جنيف، وهو ما كان قد أعلنه المتحدث باسم جماعة «أنصار الله» محمد عبد السلام في حوار مع تلفزيون «المسيرة»، أمس الأول.
(«السفير»، أ ف ب، رويترز، «الأناضول»)
«إمارة جعار» تربط عدن بالمُكلَّا
0