أشار الأمين العام للحزب الديمقراطي اللبناني وليد بركات في حديث عبر أثير إذاعة الرسالة ضمن برنامج “اللقاء السياسي” إلى أن السنة الجديدة شهدت بداية غير موفّقة على كافة المستويات محلياً وإقليمياً وكادت الأمور تصل إلى ذروتها مع عدم رغبة أحد في الذهاب إلى أبعد مما وصلت إليه الأمور اليوم على المستوى السياسي.
ولفت بركات إلى أن التوتّر في العلاقات السعودية الإيرانية ألقى بظلاله على الساحة الإقليمية والدولية وله انعكاسات خطيرة على تطوّرات الوضع في المنطقة إلا أنه محكوم بسقفٍ معيّن يحد من المواجهة الفعلية بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية.
وأضاف أن توقيع الملف النووي الإيراني رغم الجهود التي بذلتها السعودية للحؤول دون ذلك وسعيها إلى ربطه بكل الملفات المعلّقة في المنطقة أشعرها بتخلي حلفائها عنها على المستوى الدولي لصالح إيران، إضافة إلى أن الحرب على اليمن لم تؤدِ إلى النتائج المرجوة بل إلى المزيد من الاستنزاف المادي والإقتصادي بعيداً عن الحسم ما كان له ارتدادات خطيرة على الواقع الخليجي وانسحاب بعض الدول من التحالف. كما أن تغيّر موازين القوى في سوريا بعد التدخّل الروسي والتغيير في السياسة الدولية تجاه سوريا والقرار الصادر عن مجلس الأمن والإجماع على مواجهة الإرهاب ومحاربة داعش في سوريا والحفاظ على الجيش السوري، أزعج السعودية لاعتبارها أن الوضع في سوريا ذاهب لمصلحة الدولة السورية والحلف الذي يمتد من روسيا إلى إيران .
وانطلاقاً من رغبة المملكة العربية السعودية في تحسين دورها في المفاوضات التي يمكن أن تحصل على المستوى الدولي واعتبار إيران هي المنافس لها على المستوى الإقليمي أتى التصعيد وعملية التحشيد على المستوى العربي والإسلامي للقول بأن السعودية هي التي تقود العالم العربي وتؤثر على سير المفاوضات. إلا أن المنحى العام غير العقلاني للمملكة العربية السعودية على المستوى العربي والإسلامي أظهر التوتّر في الأداء السياسي بشكل واضح والعجز في السيطرة على كافة الملفات على المستوى الداخلي والخارجي العربي ما أّدى إلى مسارعة بعض الدول لرأب الصدع والتخفيف من حدة التوتّر إثر إعدام الشيخ النمر وعدم ذهاب العديد من الدول العربية إلى اتخاذ اجراءات تصعيدية حفاظاً على الأمن العربي القومي وخاصة الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي كانت ولا زالت ترغب بالتفاوض مع السعودية رغم سعيها المستمر في عرقلة التسويات في المنطقة.
وأكّد بركات أن لا أحد يستطيع إلغاء دور السعودية على صعيد المنطقة بل هي مطالبة في العودة إلى لغة العقل والذهاب إلى تسويات جدية وعملية على قاعدة المحافظة على الأمن القومي العربي وليس على قاعدة زج الشعوب في حروب يصعب احتمالها، فليس هناك خطر إيراني بل هناك عجز عربي واستقالة للدول العربية من دورها في مواجهة إسرائيل ومساندة المقاومة والتحوّل إلى شريك أساسي للغرب وإسرائيل للوصول إلى الأزمة التي تعاني منها الدول العربية وتصفية القضية الفلسطينية واجتياح داعش والجماعات التكفيرية والإرهابية للدول العربية والخليج.
وفي الملف الداخلي أشار بركات إلى أن التأزّم في العلاقات السعودية الإيرانية سيعيق الوصول إلى تسويات في وقت سريع وقريب إلا أنه لا يلغيها. ونوّه بجهود الرئيس بري ودوره الحيوي لإنقاذ البلد وعدم دخوله في منزلقات تؤدي إلى مخاطر كبيرة. وشدّد بركات على رفض العقلية الإلغائية التي تعطّل البلد وتتمسّك بقانون الستين وأكّد على موقف الحزب الديمقراطي اللبناني الثابت والواضح في المطالبة بقانون انتخابات جديد على اساس النسبية الكاملة بصرف النظر عن هوية رئيس الجمهورية .
وعن الملف الأمني في لبنان والعملية النوعية التي قامت بها المقاومة في مزارع شبعا أشار بركات إلى أن ذلك يؤكّد على جهوزية المقاومة وقدرتها والتزامها بالوعد الصادق الذي أطلقه السيد حسن نصرالله في الاقتصاص من اغتيال سمير القنطار لحماية المقاومة وقياداتها وعناصرها والمحافظة على توازن الرعب والتوازن في معادلة الصراع بدعم من الجمهورية الإسلامية الإيرانية بعد أن تخلى العرب عن دورهم في الصراع مع إسرائيل.
ولفت إلى أن التطوّر الميداني السوري والانهيارات الكبيرة للجماعات الإرهابية في مختلف المناطق السورية يسرّع في عملية الحسم وهو ما تُرجم في الموقف الأميركي حول ضرورة المحافظة على الجيش السوري والدولة في سوريا، وفي التدخّل الروسي.
وأكّد بركات استحالة الإنتصار الميداني للسعودية في اليمن وضرورة اللجوء إلى الحل السياسي وأشار إلى أن سيطرة الجيش العراقي على الرمادي وخروج داعش منها والتحوّل في موقف أهل السنة في العراق في اتجاه الوقوف مع الدولة لمواجهة داعش سيحول دون تقسيم العراق وإلى المحافظة على العراق دولة واحدة قوية في مواجهة الجماعات الإرهابية والتكفيرية.
وختاماً ناشد بركات الأزهر الشريف أن يتحرّك بشكل جدي لقيادة العالم العربي على المستوى الديني والإسلامي وأن لا يبقى مستقيلاً من دوره وخاصة في ظل تنامي التيارات الإرهابية والتكفيرية والصراعات في العالم العربي، لرأب الصدع على المستوى الإسلامي-الإسلامي وتوطيد العلاقات مع إيران ومواجهة التيارات الإرهابية والفكر الوهابي التكفيري الذي يريد تحقيق الأطماع الإسرائيلية في المنطقة وإنزلاق الأمة العربية والإسلامية إلى صراع يهدد هذه الأمة ودورها القومي والقيادي.