احتل القلق من احتمال نجاح حركة «حماس» في إنشاء أنفاق هجومية تعبر الحدود بين قطاع غزة والخط الأخضر حيزاً مهماً في التعامل العسكري والسياسي والاستيطاني في إسرائيل.
وفيما نقلت وكالات الأنباء صوراً لمعدات حفر إسرائيلية ضخمة تحاول اكتشاف أنفاق على الحدود مع غزة، صارت الأنفاق موضع تبادل اتهامات داخل الحكومة الإسرائيلية، وبين الحكومة والمعارضة. واضطر وزير الدفاع موشي يعلون لمحاولة طمأنة المستوطنين في غلاف غزة، بإعلان أنه لم يثبت عبور الأنفاق الخط الأخضر، فيما أطلق رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو تهديده لغزة بأن الحرب المقبلة ستكون أشد من حرب «الجرف الصامد» صيف العام 2014.
وتزايد القلق الإسرائيلي من الأنفاق مؤخراً بعد تكاثر التقديرات باحتمال مبادرة «حماس» في غزة لكسر الحصار المفروض على القطاع من خلال مهاجمة إسرائيل عبر الأنفاق. وتعاظم هذا القلق بعد الأنباء الأخيرة عن استشهاد سبعة من مقاتلي الحركة في انهيار نفق شرقي مدينة غزة، وإعلان قيادة «حماس» أن حفر الأنفاق جزء من استراتيجية تحرير المقدسات. وزاد من هذا القلق أيضاً، أكثر من أي شيء آخر، تقديرات عسكرية قالت إن أكثر من نفق لـ «حماس» اجتاز الحدود فعلياً.
وكان مستوطنون من المستوطنات القريبة من القطاع قد اشتكوا قائلين «إننا بتنا عاجزين. فنحن نسمع في الليالي ضوضاء حفر وطرق للحفر، والتقارير ننقلها للجهات الأمنية. في اليوم التالي تصل طواقم فحص، مع مجسات، وبعد يوم أو يومين يخبروننا بأنه لا وجود لضجيج خارج عن المألوف. والأمر مستمر منذ زمن غير قصير، وهذا سيرك مستمر، والسكان يعيشون في خوف». وقالت إحدى المستوطنات في «نتيف هعسرا» أفيفا بولد إن «الشعور بالأمن الذي يوفره الجيش لنا ممتاز، ولكن في ما يتعلق بالأنفاق أنا لست مرتاحة. فالعلم بأن أطفالك يلعبون في يوم صاف كرة قدم وفجأة يخرج بينهم مخرب هو شعور يرافقنا».
واضطر نتنياهو لمجاراة قلق المستوطنين بإعلان أنه «إذا ما هوجمنا من أنفاق في قطاع غزة فإننا سنفعل بشدة كبيرة جداً ضد حماس، وبشدة أكبر كثيراً من تلك التي استعملناها في عملية الجرف الصامد». وأضاف، في اجتماع عقده في وزاره الخارجية الإسرائيلية، «أنني آمل ألا نضطر لهذا، لكن قدراتنا، سواء الدفاعية أو الهجومية، تتطور بسرعة ولا أنصح أحداً بتجريبها». وأوضح أن إسرائيل تعمل «بمنهجية وببرود أعصاب في مواجهة كل المخاطر، خصوصاً الخطر من جهة حماس، سواء بوسائل دفاعية وأيضاً بوسائل هجومية». وقال نتنياهو «أعتقد أنهم في المنطقة يفهمون ذلك، وأيضاً العالم يفهم ذلك».
وحمل أعضاء كنيست من المعارضة، في «هناك مستقبل» و«المعسكر الصهيوني»، بشدة على ما اعتبروه تخاذلاً من جانب الحكومة في مواجهة الأنفاق من غزة. وقال عضو الكنيست حاييم يلين إن «رئيس الحكومة يثبت مرة أخرى أنه ينجرّ ولا يقود. وبدلاً من ضرب الإرهاب والمبادرة فإنه ينتظر أن يتعرض للهجوم كي يرد. فيا نتنياهو إن سكان مستوطنات غلاف غزة ليسوا شواخص في حقل رماية، وليسوا رهائن لانعدام السياسة من جانبك».
أما عضو الكنيست عومر بارليف فتساءل «لماذا مرة أخرى يحتاج نتنياهو لكلمة إذا؟ فالنفق الهجومي يعني مخرباً يقتحم قلب مستوطنة من باطن الأرض، ودولة إسرائيل لا يسعها السماح لنفسها بأنه فقط إذا حدث ذلك فإنها سترد. كفى مع إذا. واجبنا أن نبادر بخطوات عسكرية تعيد الأمن لمواطني إسرائيل».
وكان زعيم «المعسكر الصهيوني» إسحق هرتسوغ قد سبق الجميع بدعوته نتنياهو إلى الكف عن التردد. وقال «ينبغي لرئيس الحكومة ووزير الدفاع أن يأمرا الجيش الإسرائيلي بتدمير الأنفاق، وإزالة هذا الخطر، خصوصاً إذا كانت توجد أنفاق عبرت إلى داخل حدود إسرائيل».
وكانت لجنة مراقبة الدولة قد عقدت اجتماعاً خاصاً في إحدى مستوطنات غلاف غزة للوقوف على شكاوى المستوطنين من خطر الأنفاق. وقال مندوب وزارة الدفاع شالوم غنتشر إن «كل شكاوى سكان المنطقة عن سماعهم أصوات حفر جرى التدقيق فيها من جانب الجيش، وثبت أنها ليست جراء حفر أنفاق». وأوضح أنه «أجريت لدى وزير الدفاع موشي يعلون مداولات حول إنشاء عقبة، وأيضاً جرت مداولات في هيئة الأمن القومي وفي لجنة الخارجية والأمن، كما أنه تم إقرار تكلفة إنشاء العقبة، وصرنا حالياً ندخل في الجوانب الفنية الدقيقة».
ورفض غنتشر الالتزام بموعد لإنهاء العمل في إنشاء العقبة، لكنه وعد بعرض جدول زمني في اجتماع سري للجنة الفرعية المنبثقة عن لجنة مراقبة الدولة. وأكد أن التقنية التي ستستخدم في إنشاء العقبة تعتمد «على تكنولوجيا يجري هذه الأيام تطويرها، وهي فريدة من نوعها في العالم». وتقدر تكاليف إنشاء هذه العقبة بحوالي 800 مليون دولار.
وفي مقابلة مع الإذاعة الإسرائيلية، قال يعلون إنه لم تُكتشف حتى الآن أية أنفاق حُفرت من غزة. وأضاف أنه «برغم كثرة شكاوى السكان في غلاف غزة من ضوضاء حفر فلم يُكتشف أي نفق، برغم قيام أجهزة الأمن بفحص كل شكوى». وحمل يعلون على كلام هرتسوغ، موضحاً أنه «بالوسع أيضاً تدمير 100 ألف صاروخ لدى حزب الله، أو مئات الصواريخ لدى إيران، لكن الاتزان والمسؤولية يفرضان توخي الحذر».
المستوطنون والهلع من الأنفاق: مقاومو غزة يحفرون تحتنا!
0