تعيش إيران حالة ترقب بانتظار صدور النتائج الرسمية النهائية لانتخابات مجلسَي خبراء القيادة والشورى، والمتوقعة اليوم أو غداً. ولكن رغم إعلان التلفزيون الإيراني أن النتائج التي ظهرت حتى ليل أمس «قد تجعل من الصعب على أي من الإصلاحيين أو المعتدلين أو المحافظين الحصول على أكثرية في البرلمان»، فإن اتجاه الإصلاحيين إلى تحقيق انتصار كبير في العاصمة طهران في كلا المجلسَين، والتقدم في بعض المحافظات الأخرى، من المفترض أن يؤسس لعودتهم إلى الواجهة السياسية في البلاد، بعد تراجع فاق العقد من الزمن.
وكانت الانتخابات التشريعية السابقة في العام 2012 التي قاطعها الإصلاحيون اعتراضاً على إعادة انتخاب محمود أحمدي نجاد رئيساً للبلاد في العام 2009، قد أنتجت برلماناً محافظاً بأغلبيته، بعد خسارة قوية لحقت أيضاً بالمتشددين الداعمين لسياسة الرئيس أحمدي نجاد.
ولكن إذا كان لكل زمن رجاله، فإن المشاركة القوية للإصلاحيين هذه المرة، مدعمين بانتصار الجمهورية الإسلامية في معركتها النووية مع الغرب، قد أمنت فوزاً قوياً يتجه الإصلاحيون والمعتدلون إلى تحقيقه في العاصمة طهران، بعد حصولهم حتى مساء أمس على جميع المقاعد الـ30 إثر فرز أكثر من 60 في المئة من الأصوات، فيما تبقى النتائج في باقي المحافظات ضبابية بانتظار صدور النتائج الرسمية النهائية اليوم أو غداً، والتي من المفترض أن يصادق عليها أيضاً مجلس صيانة الدستور.
من جهة أخرى، حل كل من روحاني وحليفه رئيس مصلحة تشخيص النظام على أكبر هاشمي رفسنجاني في المراكز الأولى في انتخابات مجلس الخبراء عن دائرة طهران وفق النتائج الأولية، والتي أظهرت احتمال خروج رئيس المجلس الحالي محمد يزدي.
وفيما أشارت التقديرات الرسمية إلى نسبة مشاركة في الاقتراع بلغت نحو 60 في المئة، ذكرت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية «ايسنا» أنه «من أصل 290 مقعدا يتألف منها البرلمان، فاز الإصلاحيون والمعتدلون بـ89 مقعداً مقابل 86 مقعداً للمحافظين، في حين انتخب عشرة مرشحين مستقلين، بينما يتوقع أن تصدر النتائج المتصلة بـ60 مقعداً متبقياً بحلول الثلاثاء»، مضيفة أنه ستجري دورة ثانية في نيسان أو أيار يخوضها مرشحون عن 51 مقعداً، بعدما فشل أي منهم في الحصول على عدد كاف من الأصوات يؤهله للفوز من الدورةالأولى.
أما وفق وكالة «رويترز»، فإن النتائج المفصلة غير النهائية المستندة إلى الإحصاءات الرسمية المنشورة باستثناء طهران، تظهر حصول الإصلاحيين على 23 في المئة من الأصوات والمستقلين على 18 في المئة، والمحافظين على 36، علماً أن 18 في المئة من المرشحين سيخوضون انتخابات الإعادة في أواخر نيسان بعد فشلهم في الفوز بنسبة 25 في المئة المطلوبة من الأصوات.
وفي طهران، أظهرت النتائج الأولية لانتخابات «الشورى» تقدماً لأنصار الرئيس الإيراني من إصلاحيين ومعتدلين، بحصولهم على جميع المقاعد بعد فرز 65 في المئة الأصوات، بحسب ما أعلن التلفزيون الإيراني.
وبحسب هذا التعداد، حل المرشح السابق للرئاسة في العام 2013 والذي انسحب لاحقاً لمصلحة روحاني، الإصلاحي محمد رضا عارف، في المركز الأول، يليه المعتدل علي مطهري. أما المرشح المبدئي غلام علي حداد عادل فقد حل في المركز الـ31.
وبالنسبة إلى انتخابات مجلس الخبراء (88 عضواً)، فقد تأكد فوز روحاني ورفسنجاني الذي حصل على أكبر عدد من الأصوات. وفي آخر حصيلة نشرتها وكالات الأنباء الإيرانية حول انتخابات هذا المجلس في دائرة طهران (حتى ظهر أمس) والتي تضم 16 عضواً، أظهرت النتائج حلول رئيس مجلس صيانة الدستور المحافظ أحمد جنتي في المركز الخامس عشر، ورئيس المجلس الحالي محمد يزدي في المركز الـ17. كما حل محمد تقي مصباح يزدي، المعارض الشديد للإصلاحيين، في المركز التاسع عشر.
وبعد انتخابات الرئاسة عام 2009، أيد مصباح يزدي بشدة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، وكان ينظر إليه باعتباره «مرشده».
واعتبر فؤاد إزادي الأستاذ في كلية الدراسات الدولية في جامعة طهران أن تقدم الإصلاحيين «ساحق في طهران، ولكن بالنسبة للمدن الأخرى فإنه ليس واضحاً بعد. ولكنه من دون أدنى شك يفوق التوقعات».
وكتبت صحيفة «اعتماد» الإصلاحية أن «البرلمان المقبل لن يكون مثل أي برلمان آخر في تاريخ إيران لأنه لن يكون هناك فصيل سياسي ينفرد بالرأي».
وفي أول تعليق له بعد الانتخابات، أشاد المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية السيد علي خامنئي بالإقبال المرتفع على التصويت، محذراً من أن «التطور لا يعني الانجذاب نحو الاستكبار العالمي».
وأمس أيضاً، قال الرئيس الإيراني عبر حسابه على موقع «تويتر» إن «الناخبين خلقوا أجواء جديدة»، معتبراً أن الشعب «أظهر قوته من جديد ومنح حكومته المنتخبة مصداقية وقوة أكبر». وأكد أنه سيعمل مع كل الفائزين في الانتخابات لبناء مستقبل إيران.
من جهته، اعتبر رفسنجاني أنه «لا يمكن لأحد الوقوف في وجه إرادة غالبية الشعب، وعلى أولئك الذين يرفضون ذلك الانسحاب». وأضاف رفسنجاني أن «المنافسة انتهت اليوم، وبدأت مرحلة الوحدة والتعاون والعمل الشاق لبناء البلاد».
بدوره، اعتبر رئیس مجلس الشورى المنتهية ولايته علي لاریجاني أن تداول القوی السیاسیة فی إیران ظاهرة مبارکة، داعياً إلى «ضرورة احترام انتخاب الشعب وفقا لما یحدده على أساس ظروف البلاد»، ولافتاً إلى وجود «النضج السياسي لدى المرشحين وكذلك الناخبين، وأن أولوية البلاد هي حل القضايا الاقتصادية».
وفي أول تعليق له على الانتخابات، اعتبر الحرس الثوري الإيراني أمس في بيان أن الفائزين «سيحمون الجمهورية الإسلامية من الأعداء الخارجيين»، وأن «الإقبال الكبير على التصويت دليل على الدعم الشعبي الواسع للنظام الحاكم».
وأضاف بيان الحرس الثوري أنه «ما من شك في أن الفائزين في الانتخابات سيبذلون أقصى ما في وسعهم لحماية كرامة إيران وقوتها واستقلالها وحل القضايا الرئيسية للمجتمع والناس وهزيمة الاستكبار العالمي بوعيهم وحكمتهم».
(«السفير»، أ ف ب، رويترز، أب ، «إرنا»، «فارس»)
انتخابات إيران: طهران «إصلاحية»
0