لا يعوّل المعنيون مباشرة بالملف الرئاسي والمدركون فعليًا لأحواله على حراك رئيس تيار “المستقبل” سعد الحريري في موسكو ولا على الزيارة المرتقبة للرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الى لبنان، لإحداث خرق في جدار الأزمة الرئاسية المستمرة منذ عامين لاقتناعهم بأن أصلا لا دور لروسيا تلعبه في لبنان كما ان لا قدرة لفرنسا على الدفع قُدُما بالملف في ظل استمرار الموقف الايراني على حاله لجهة عدم حماسة طهران للخوض بتسوية في الشأن اللبناني طالما المشهد السوري لم يتبلور بعد نهائيا.
وقد تحول المتفائلون بانطلاق قطار الحل السوري وبلوغه لبنان قريبًا الى خائبين، بعدما تبين لهم أن سكة القطار طويلة وبالتالي فإنّ الحل لن يطرق الأبواب اللبنانية قبل نهاية العام الجاري، وهو ما تحدثت عنه مصادر معنيّة بالملف الرئاسي، مشيرة الى “محطة أساسية قد تُحدث الخرق المنتظر الا وهي الانتخابات الرئاسية الأميركية المرتقبة في تشرين الثاني المقبل، باعتبار ان اللاعبين الدوليين وأبرزهم ايران سيسعون لاتمام تسوية بالملف الرئاسي اللبناني قبيل انتخاب رئيس جديد للولايات المتحدة يجهلون رؤيته واستراتيجيته وخطته، ما يعني استنفاذ كل الوقت اللازم قبل الخريف المقبل بتحمية الكباش المستمر منذ أيار 2014 سعيا لرفع السقف وضمان كل فريق حصة أكبر باطار التسوية النهائية التي ستسيّر شؤون البلد لسنوات مقبلة”.
وتستغرب المصادر الدور الذي يسعى البعض لالباسه لروسيا لبنانيا، “وهو حقيقة غير موجود وغير قائم باعتبار ان موسكو لم تنجح طوال المرحلة الماضية في خلق اي حيثيّة لها في الداخل اللبناني وارتأت التفرّغ للساحة السورية حيث فرضت نفسها الرقم الأصعب”، لافتة الى ان “جهود مئات السنوات لواشنطن وباريس في خلق هذه الحيثيّة لا يُمكن ان تخترقها موسكو بأشهر خصوصًا وان الكلمة النهائية في الملف اللبناني هي حاليا بين يدي ايران صاحبة النفوذ الأكبر من خلال حزب الله“.
ولعل الستاتيكو المستمرّ منذ فترة بموضوع الترشيحات وانقسام الفرقاء ما بين مؤيد لترشيح رئيس تكتل “التغيير والاصلاح” العماد ميشال عون ورئيس تيار “المردة” النائب سليمان فرنجية، كما الرضوخ لفكرة عدم امكانية احداث أي تغييرات داخلية تتيح استمالة كفّة الميزان الرئاسي لأحد المرشحين، كلها مؤشرات لاقتناع المعنيين مباشرة بالملف والمؤثرين فيه بحقيقة ان اللعبة خرجت من بين ايديهم وأصبحت ورقة على طاولة المفاوضات الدولية.
وبعكس ما قد يُخيّل للبعض لجهة ان الأشهر المقبلة قد تُسهم بانضاج تسوية حول أحد مرشحي فريق “8 آذار” للرئاسة، تعتبر المصادر ان هذه الأشهر ستكون كفيلة باحراق ورقتيهما تمامًا، لا سيّما في ظل استمرار الصراع العلني بينهما والذي من المنتظر ان يبلغ ذروته في الانتخابات البلدية كما في الخطوات الثنائية العونية-القواتية المرتقبة على أكثر من صعيد والتي لا يُنكر المخططون لها بأنها تستهدف الخارجين عن منطق الاجماع المسيحي سعيا وراء مصالح شخصية وظرفية.
وتبدو المصادر واثقة من انّه لن يكون هناك مكان للمرشح الطرف او للشخصية الاستفزازيّة في المرحلة المقبلة، “فإن كانت المرحلة السابقة والحالية التي لم تعرف منذ عشرات السنين مثيلا لها لجهة حدتها مع وجود صراع دموي معلن بين ايران والسعودية لم تُنتج رئيسا استنفزازيًا، فكيف تُنتجه التسويات المقبلة والتفاهمات الدولية والاقليمية الحتمية؟!” واعتبرت أن “من يقرأ جيدا في السياسة، يعرف أنّه حان الوقت للبحث عن اسم مرشح تسووي يُشبه المرحلة المقبلة”، مستغربة “ربط فكرة مرشح التسوية بتجربة الرئيس السابق ميشال سليمان والتي أثبتت فشلها”، موضحة أنّ ”مرشح التسوية هو مرشح الخلاص، وهو الوحيد القادر على انتشال البلاد مما هي فيه وعلى تقريب وجهات النظر بين اطراف الصراع اللبناني الداخلي، وربما حتى أطراف الصراع الإقليمي”.
وان كانت التعديلات الدستورية تكبّل أيدي المرشحين العسكريين لسدة الرئاسة في ظل تنامي الشعور اللبناني كما الدولي بوجوب الابتعاد عن سياسة ترويض الدستور التي زعزعت أسسه وتهدد بتداعيه، قد لا تكون عندها عملية اختيار الرئيس المقبل معقدة كثيرا مع انحسار الأسماء التي تنطبق عليها مواصفات الرئيس التسووي، المقرّب من جميع الفرقاء والدبلوماسي صاحب المشروع المتكامل القادر على ان يشكل سفينة الخلاص.
بالخلاصة، فإنّ كرسي بعبدا ستشهد على صيف جديد من دون رئيس يؤانس وحدتها، بانتظار دق أجراس الرئاسة الأميركية التي قد تُعلن اقتراب الفرج اللبناني!
لا رئيس للبنان في صيف 2016 وترجيحات بخروقات نهاية العام
0