عقد رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني الأمير طلال أرسلان مؤتمراً صحفياً في دارته في خلدة، بحضور نائب رئيس الحزب نسيب الجوهري، الأمين العام وليد بركات، مدير الداخلية لواء جابر، مدير الإعلام جاد حيدر، ومدير مكتب أرسلان أكرم مشرفيه.
استهل أرسلان المؤتمر بتعازيه الحارّة بالشهداء الذين سقطوا صباح اليوم جراء الإنفجار الذي وقع في منطقة القاع في البقاع، مستنكراً وليس مستغرباً وصول اليد الإرهابية الى لبنان في ظل ما تشهده المنطقة من صراعات ومستجدات أمنية كما تمنى الشفاء العاجل للجرحى. ثم قال:” إنّ الملفت للنظر في شأن ما يطرح من مشاريع هادفة لوضع قانون جديد للإنتخاب، أن هنالك شبه إجماع على القول أن لا عودة إلى قانون الستّين.
وشبه الإجماع هذا.. في حدّ ذاته حكم يكاد أن يكون مبرماً بحق هذا القانون وذلك من ناحيتين متكاملتين: ( الناحية الأولى لكونه قائم على قاعدة الأكثرية التي تلغي عملياً وجود ما يقارب، في الكثير من الدوائر، نصف المجتمع اللبناني… وبالتالي لا يؤمّن العدالة في التمثيل ولا يؤمّن صحّة التمثيل، ممّا يجعله مزوراً سلفاً للإرادة الشعبيّة وجزءاً لا يتجزأ من منظومة الفساد المسؤولة مباشرة عن انهيار الدولة كما هو حاصلٌ… ولا يحتاج إلى أيّ دليلٍ أو إثباتٍ إضافي).
والناحية الثانية تتعلّق بموضوع الدوائر الإنتخابية… حيث التقسيمات الملازمة لهذه الدوائر لا تسهم في ضمان الإنصهار الوطني ومنع التفرقة بين اللبنانيين بل العكس، تعمّق التفرقة وتمنع الإنصهار”.
وتابع: “يرافق هذه الإدانة العارمة.. حملة إطراءٍ على مبدأ النسبيّة وضرورة اللجوء إليها بهدف تصحيح التمثيل الشعبي…واعتباره قانوناً إصلاحياً…
لكن المفارقة الغريبة العجيبة… وقعت من خلال طرح مجموعة صيغ لقانون بديل يقوم على قاعدة المختلط.. الجامع ما بين الأكثري والنسبي…
فمن حيث الواقع، إن القانون المختلط هو مركّب يجمع ما بين القانون الفاسد المفسد… والقانون الإصلاحي… وذلك بنسب متفاوتة، فأتت هذه الإقتراحات لتفرغ النسبية من بعدها الإصلاحي.. فتجهض مفعولها، ولتحدث تمييزاً جديداً ما بين اللبنانيين… بما يتناقض بالكامل مع المادة السابعة من الدستور.. التي تنصّ حرفياً على الآتي:
” كل اللبنانيين سواءٌ لدى القانون، وهم يتمتّعون بالسواء بالحقوق المدنية والسياسية، ويتحملون الفرائض والواجبات العامّة دون ما فرق بينهم”.
هذا يعني أنّ القانون المختلط سيشكل إقراره انتهاكاً إضافياً للدستور.. ما لم يتم إلغاء المادة السابعة منه… أو في أحسن الأحوال تعديلها بما يتناسب ومبدأ عدم المساواة بين اللبنانيين وهو المبدأ المعتمد والذي ينسجم، في الواقع العملي، مع نظام التفرقة العنصرية Apartheid … والمعتقلات المذهبيّة والذي يجعل من الدولة اللبنانيّة.. دولة افتراضية، أي دولة موجودة وغير موجودة في آن، تحمي الفساد والمفسدين.. وتتسبب بكل الكوارث التي حلت وتحلّ بنا.. وتهدد الكيان اللبناني بوجوده أساساً.. فيبقى في حالةٍ أشبه بديمومة الإنهيار، أو بالأحرى بالإنهيار المستدام، مع كلّ ما ترتب ويترتب على ذلك من تفريغ منهجيّ للوطن لبنان من أبنائه… وتشتيت لأجياله الصاعدة.. وتصدير متواصل للطاقات الشابة بحيث تستفيد منهم باقي الدول.. ويخسرهم الوطن لبنان”..
وأضاف: “إنّ القانون المختلط… هو في واقع الأمر، أشبه بجراحة تجميلية لقانون الستين.. أي جراحة تجميليّة للفساد بينما الدولة بأمسّ الحاجة إلى الإصلاح.
لذلك نعتبر أن من الخطأ الجسيم، القول بأنّ المختلط يشكّل ممراً إلزامياً لكي يتعوّد الشعب على مبدأ التمثيل النسبي.. إذ أن في ذلك تصويراً للشعب، وخصوصاً لأجياله الشّابة.. على أنّه يتردّد في الإختيار ما بين ديمومة الفساد، والأمل في الإصلاح.
هذه المنظومة أوصلتنا إلى قعر الإنحطاط.. فلماذا لا نختار الإستقرار الذي يضمنه قانون النسبية الكاملة؟؟ ، والكفيل لوحده بتأمين عدالة التمثيل الشعبي وصحّته.. لماذا كل هذا الخوف من التمثيل العادل والصحيح للإرادة الشعبيّة !!؟…
نفهم ونتفهّم أن يكون تجاوز الطائفية السياسية يحتاج إلى خطوات مرحليّة.. وتدرّج. والدستور لحظ ذلك في المادة 95 منه، والتي ألزمت “مجلس النواب المنتخب على أساس المناصفة بين المسلمين والمسيحيين، إتخاذ الإجراءات الملائمة لتحقيق إلغاء الطائفية السياسية.. وفق خطة مرحلية وتشكيل هيئة وطنيّة… مهمتها.. “دراسة واقتراح الطرق الكفيلة بإلغاء الطائفيّة وتقديمها إلى مجلس النواب والوزراء ومتابعة تنفيذ الخطّة المرحليّة”…
وأردف: “لقد مضى أكثر من ربع قرن من الزمن ولم ينفذ شيء من هذا الإلتزام الدستوري.. فكانت النتيجة أن تعززت المعتقلات المذهبية، الحامية للفساد، فهمّ الخراب الكامل في الدولة.. وازداد القهر الطبقي واستشرى الفقر بين الناس ضارباً كل الأرقام القياسيّة..
لذا، نعتبر وفي ضوء هذه التجربة المرّة التي يدفع الوطن والمواطنون ثمنها غالياً.. أن قانون الإنتخاب الإصلاحي، القائم على النسبية الكاملة.. والذي يضمن عدالة التمثيل وصحته، هو الوحيد الكفيل بالبدء في تطبيق الخطّة المرحليّة لإلغاء الطائفية السياسيّة.
ومن دون قانون النسبية.. فإنّ هذه الخطة لن ترى النور، وسيكون أمام الفساد ربع قرن آخر، وربما نصف قرن، فيما الوطن لبنان يتخبّط بين الحياة والموت”.
وختم أرسلان: “بمعنى آخر، إن تطبيق النسبية الكاملة لا يحتاج إلى خطّة مرحليّة أسوة بإلغاء الطائفية السياسية، والمزج بين الحالتين يشكّل خطيئة وطنيّة قاتلة… لذلك نطالب ذوي النوايا الطيبة وعلى رأسهم دولة الرئيس الأخ نبيه برّي إلى عدم الوقوع في الفخ الذي تنصبه منظومة الفساد والتزوير..
فمن العار علينا جميعاً أن يظلّ لبنان خاضعاً لنظام التفرقة العنصرية الـ Apartheid فيما الـ ِApartheid سقط في جنوب إفريقيا منذ أكثر من ربع قرن”.
ورداً على سؤال حول قانون على أساس الدائرة الفردية قال أرسلان:” هذا القانون معتمد في كثير من الدول إنما الخوف في لبنان هو أن كلما تم تصغير الدائرة سيؤدي ذلك الى عقم في وظيفة النائب الذي بالكاد يقوم بواجبه في ظل القانون الحالي , وأضاف:” في ظل الهجمة الإرهابية نحن بأمس الحاجة إلى الجمع وليس التفرقة وفي ظل سيادة النظام الطائفي، لذلك المطلوب أن نأتي بقانون يجمع ولا يفرق، وأنا ضد أن ينتخب المسلم مرشحه المسلم فقط أو المسيحي ينتخب مرشحه المسيحي”.
وتساءل أرسلان هل هذا ما يريدونه؟؟، هل يريدون أن تنتخب كل طائفة نوابها إذا كان كذلك فهذا قانون الأرثوذكسي فليتفضلوا..!!
وأضاف:” يكفي هذا التحايل والتكاذب والإستغلال الرخيص لعقول الشعب، فأي إصلاح يدعون إليه في ظل طرح القوانين المفصلة على مقاس مصالحهم وليس الوطن؟
وتابع :”يتحدثون عن الإعتدال السياسي، فليشرحوا لنا أين يكمن الإعتدال في ظل قانون سياسي فاسد بعد وصولهم الى البرلمان بالخطابات المحرضة القائمة على المذهبية والتقسيم؟
إن القانون النسبية لا يؤذي أحد ولا يُلغي أحد وكل طائفة ستأخذ حقها من خلال إقرار هذا القانون إذا كان هذا ما يخشونه”.
وقال:” إذا كنا نريد تطوير الحياة السياسية في لبنان فلنذهب إلى النسبية، هذا القانون الذي لا يلغي دور احد إنما علة هذا القانون بالنسبة للبعض هو تحديد الأحجام بحيث يصبح المنتخب يدخل بحجمه الطبيعي الى المجلس. النسبية فقط تمنع المحادل .. وآن الآوان لزمن المحادل أن يندحر”.
وحول تصريح بري عن السلة المتكاملة إستغرب أرسلان هذا الهجوم على رئيس مجلس النواب، كما استوقفته مطالبة البعض التوضيح للكلام الصادر عنه، فقال:” عجيب أمر أولئك الذين يعلمون جيداً أنه عندما دخلنا إلى طاولة الحوار لم يضع الرئيس بري جدول الأعمال بمفرده إنما بالتشاور مع الكتل النيابية وكان هناك وضوح في الكلام حول الإجماع على البنود في الجدول وهم جزء لا يتجزأ من السلة الكاملة المتكاملة. الرئيس بري كان واضحاً وقالها آنذاك أن الحل يكمن في انتخاب رئيس للجمهورية وجميعنا اكدنا أن البنود كلية ولا تجزئة فيها على ان يتم تنفيذ الأتفاق الشامل لكل بنود طاولة الحوار فلماذا التذاكي اليوم إذاً وما الذي تغير وهنا نحن بدورنا نطرح علامات استفهام ؟!
ورداً على سؤال حول خروج مشروع الكوستابرافا عن سيطرته قال أرسلان:” نعم خرج الأمر عن سيطرتي في ظل القرار الذي اتخذه مجلس الوزراء وأدار ظهره لنا وللمجتمع المدني والهيئات المعنية في المنطقة. فعندما نزلنا لمراقبة العمل في هذا المشروع تبين لنا أننا لا نسطيع القيام بأي شيء وذلك لعدم وجود أوراق رسمية تخولنا المتابعة والمراقبة .. حتى الآن مجلس الإنماء والأعمار، وما أدراك ما هو مجلس الإنماء والإعمار وأهدافه ومخطاطاته وحيثياته، وكذلك مجلس الوزراء لم يتعامل مع هذا المشروع بصدق، كنا نتمنى أن أن يحترم المجلس قرارته بدل أن يدير ظهره لنا بهذا الشكل كما أتمنى على وزرائنا، “وهم الأولى بالمعروف”، أن يكون لديهم موقفاً واضحاً حول ما يجري في الكوستابرافا وبرج حمود لأن هذه المهزلة لم ولن نوافق عليها مطلقاً”.
وحول رائحة النفايات تزامناً مع موسم الصيف ودرجات الحرارة العالية أجاب:” رائحة النفايات التي تصدر من الدولة وفسادها تغطي على رائحة النفايات الطبيعية”.