أرسلان في مؤتمره الصحفي: لن نصل إلى إصلاح شامل في لبنان إلا من خلال الإصلاح السياسي

عقد رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني وزير المهجرين الأمير طلال أرسلان، مؤتمراً صحفياً مباشراً في دارته في خلدة، تتطرق فيه إلى آخر المستجدات المحلية بما فيها قانون الإنتخاب، حيث قال: “الإعلاميون الأعزاء.. أهلاً وسهلاً بكم في بيتكم في خلدة، أعانكم الله على مهمّة تناول ما يحدث في هذه الأوقات الصعبة التي يعيشها لبنان، والتي لا أجد تشبيهاً لها سوى أنّها مجرّد “فوضى فرغات”…

وأحيّي كل الأمهات بمناسبة عيد الأم.. وأعتبرها مناسبة لتوجيه التحية إلى الوطن الأم.. لبنان.. كفعل إيمانٍ بوجوده واستمراره. وفي هذا الإطار سأقدم إقتراحنا كحزب ديمقراطي لبناني في شأن الإصلاح وقانون الإنتخاب.. بما يُكسب الوطن الأم مناعة ويفتح أمامه دربَ التطور والحداثة والديمومة.

وأضاف: “أولاً: إنّ الوضع الذي نحن فيه اليوم، وهو حصيلة فوضى الفرغات، يؤكد بما لا يقبل أي شك أنّنا في أزمة نظام كاملة، أزمة مقفلة، لأنّ الوضع الذي نحن فيه يختصر كل ما بإمكان النظام أن يقدمه. إنهُ ولاّدة أزمات.. وليس ولاّدة حلول. السبب الأساس في ذلك هو التهرّب الدائم من تحمّل المسؤولية ومعالجة الأزمات من جذورها.. لأنّ ما تعوّدنا عليه هو معالجة نتاج الأزمات.. والتهرب الدائم من التصدي والبحث في جذورها. ومعالجة الأزمات كما تلاحظون يتمُّ ببطءٍ شديد بحيث يولد من النتائج أزمات جديدة وهكذا دوليك فتدور البلاد في حلقة مفرغة والسبب كما قلنا هو التهرب من معالجة النظام الفاسد المفسد من أساسه. إنّه نظامُ تمييز عنصري، على قاعدة طائفية ومذهبية، يكرّس تراتبية في الحقوق.. تتناقض بالكامل مع قواعد الدستور الموجود والمكتوب والتي تقول بالمساواة في الحقوق والموجبات بين الناس… إنّه نظام الـ Apartheid … والوضع لا يمكن أن يصطلح إلاّ بتفكيك بنية نظام التمييز العنصري هذا… وكم من مرّة حذرنا.. ومنذ سنوات، من أنّ استمرار التمييز العنصري هذا، على قاعدة طائفية ومذهبية، لن يوصل إلاّ إلى الكارثة. إنطلاقاً من ذلك ندعو، وباعتدال كامل، وبكل محبّة وتعقل ورصانة، إلى وجوب عقد مؤتمر تأسيسي يعيد صياغة نظام جديد. هكذا يكون التصدّي لجذور المشكلة.. ممّا يسمح، مع الوقت في معالجة النتائج وليس العكس. ولو سمعوا من نداءاتنا المتكررة لعقد المؤتمر التأسيسي منذ العام 2009 .. لما وصلنا إلى الوضع المأساوي الحالي والآتي أعظم…”.

 

وتابع: “من منطلق الإعتدال والمحبة والإنفتاح… نوجّه كلامَنا إلى أهلنا اللبنانيين جميعاً، ودونما تفرقة، وفي مقدمتهم الخائفين من فكرة المؤتمر التأسيسي، فنقول لهم: فلنذهب اليوم إلى المؤتمر التأسيسي.. إذ قد يأتي يومٌ نندم على عدم عقد هذا المؤتمر وصياغة نظام عصري جديد.. يَبني دولة المواطنية وينهي زمن دولة رعايا الطوائف والمذاهب.. وآنذاك لن يفيدَ الندم، إذ سنصل إلى وضع نتمنى فيه عقد مثل هذا المؤتمر ولكن لن نحصل عليه… لأنّ المؤشرات الإقتصادية والإجتماعية والسكانية والثقافية كلّها تشير إلى الإنهيار الكامل ولن يكون هنالك إنقاذ في زمنٍ.. منطقة المشرق بأكملها مرميّة في آتون الحروب الطاحنة.. حيث المخططات كثيرة وكلها تهدف إلى تقسيم الدول وتشتيت الشعوب وحمامات الدماء. لا يجوز الإستمرار في السقوط إلى ما هو دون التشكّل الإجتماعي بسبب تمزقنا وتحكّم الغرائز فينا وهي التي جعلتنا نتوزّع ونفترق ونتقوقع داخل معتقلات مذهبية.. تحوّلت معها الدولة إلى دولة إفتراضية فقط… لا ديمومة فيها إلا ديمومة الإنهيار… مع كل ما يترتّب على ذلك من تفريغ منهجيّ للبنان من أبنائه وتشتيت لأجياله الصاعدة عبر تصديرها إلى الخارج بحيث تستفيد منها باقي الدول وتحرم منها الدولة الأم.. الدولة اللبنانية.. التي هي وقفٌ عام للشعب اللبناني، ولا يجوز التلاعب بالوقف..”.

وأردف قائلاً: “ثانياً: إنّ الإستمرار في التكاذب السياسي والإتجار بالطوائف والمذاهب… لا يبني دولاً ولا يصلح أنظمة.. ولا يشكل واقعية سياسية. هنا أودُّ التوقف قليلاً: لقد دُرجَ على القول، في قاموس عباقرة السياسة، أنّ التصدي لجذور المشاكل أمرٌ خيالي.. بعيدٌ كل البعد عن الواقعية السياسية. هنا أود أن أطرح على الجميع سؤالاً يبرئُ ذمتي: هل أنّ الواقعية السياسية لا تستقيم إلا باستمرار التكاذب والنهب ؟؟؟… غداً، وإذا استمرّينا في معالجة النتائج والبحث عن توافق وطني لمعالجة بعض النتائج، سنكتشف أنّ زلزال الإنهيار الكبير سوف يجرف البنيان كلّه بما في ذلك المعتقلات الطائفية والمذهبية… وسنكتشف متأخرين أنّ هذه المعتقلات لا تحمي ساكنيها ولا تحمي قادَتَها… ولن يفيد الندم. فكل المواضيع تعالج كما تعالج أزمة النفايات.. وهنا الطامّة الكبرى..”.

 

وقال: “ثالثاً: إنّنا أمام تحدي حاسم.. فاستمرار النظام يهدد وجود الكيان من أساسه.. وعلينا أن نختار… فاستمرار العمل من خارج الدستور، وداخل النظام العرفي المعمول به هو الذي سيقود إلى زوال الكيان…فهذا النظام العرفي المافياوي يقوم على تدمير كلّ البنى التي توحّد الشعب اللبناني…. والعمل من خارج الدستور هو الأداة القاتلة في تدمير البنى التي توحد الشعب والتي تلغي عملياً مفعول المؤسسات الدستورية.. كيف لا ؟ وهي التي أخضعت الدستور المكتوب لمزاجية وأهواء السياسيين وأصحاب النفوذ القيمين على المعتقلات المذهبية..رابعاً: بالنسبة إلى قانون الإنتخاب.. والمشاريع التي تطرح. تعلمون جيداً أنّنا نؤيّد النسبية الكاملة والمطلقة، وذلك من منطلق المساواة بين اللبنانيين في الحقوق والموجبات، وأوّل المساواة.. رفض التراتبية في المواطنية، والتي لم تعُد تطاق. لذا فإنّ النسبية الصحيحة هي التي تفترض الإنتخاب من خارج القيد الطائفي…كما ندعو إلى إنشاء مجلس شيوخ، فنرضي الطوائف والمذاهب شرط أن تتساوى النسب الطائفية فيه. نحن نعلم أنّ هذا الأمر لا يمكن أن يتم بين ليلة وضحاها، ويتطلب عملاً مرحلياً مستمراً غير مزاجي.. تحترم فيه الأطر الدستورية والقانونية. فإذا كان النظام العرفي لا يرى ذلك.. فإنّ النظام الدستوري المعلّق منذ أكثر من ربع قرن.. يلحظ الأطر العامّة لآلية التحول نحو الإصلاح والدولة القائمة على المواطنية والقانون. والمرحلية التي نقول بها، هي الآتية: نوافق على النسبية العامّة مع القيد الطائفي.. بشرط، أن يُقترن قانون الإنتخابات بخطوة أولى نحو العودة إلى الحياة الدستورية.. أي أن يتضمّن قانون النسبية الطائفية بإلزامية تطبيق المادة 95 من الدستور، وهي المادة القائلة:

“على مجلس النواب المنتخب على أساس المناصفة بين المسلمين والمسيحيين إتخاذ الإجراءات المُلائمة لتحقيق إلغاء الطائفية السياسية وفق خطة مرحلية وتشكيل هيئة وطنية برئاسة رئيس الجمهورية، تضمّ بالإضافة إلى رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء.. شخصيات سياسية وفكرية وإجتماعية.

مهمّة الهيئة.. دراسة واقتراح الطرق الكفيلة بإلغاء الطائفية وتقديمها إلى مجلس النواب والوزراء ومتابعة تنفيذ الخطة المرحلية…”.

وأضاف أرسلان: “فكما تلاحظون لقد مضى على هذه المادة الدستورية سبعة وعشرون سنة، أي أنّ مجلس النواب منتخبٌ على أساس المناصفة منذ 27 سنة.. ولم تطبّق هذه المادة. فلكي يكون للنسبية بعداً إصلاحياً بالفعل، يجب تطبيق هذه المادة، التي تلحظ خطّة مرحلية، أي مرحلة إنتقالية ولا تقول بقلب الأمور رأساً على عقب بين ليلة وضحاها. هكذا نحترم الواقعية السياسية التي تعترف بالمرض وتضع دواءً وعلاجاً له. أمّا الإعتراف بوجود المرض من دون طرح دواء وعلاج له فهو بعيد كل البعد عن الواقعية السياسية.. هكذا تكون البداية لوضع قانون عصري. وهذا هو القانون الذي يستحق أن يكون بديلاً عن قانون الستين، وبداية عودة فعلية إلى الحياة الدستورية وفتح باب الأمل أمام الشباب اللبناني.. يؤكد لهم أنّ الوطن باقٍ وليس إلى زوال. أمّا القوانين التي لا تحترم النصّ الدستوري فهي تكرّس منظومة التدمير الذاتي الشامل والمنهجي.. والواقع الذي نعيشه ونتخبّط به، هو واقع تدمير ذاتي ومنهجي.. وعلينا أن نختار ما بين الحياة والموت”.

وتابع: “حين يكون الدستور هو البوصلة التي تشير إلى درب الإصلاح.. يصبح من الواجب إحترامُ الدستور الكفيل لوحده بحماية أبناء الشعب وليس المعتقلات الطائفية والمذهبية التي بدأت في تحويل لبنان إلى مركّبٍ من “الغيتوهات Ghetto” المتنابذة والتي تناقض بالكامل وحدة الأرض والشعب والدولة. إنّ قانون الإنتخاب هو من الخطورة بحيث لا يجوز إخضاعه للأمزجة المتنافرة في السياسة والمتضامنة والمتكافلة في لعبة المصالح. من دون خطّة مرحلية، يتم متابعتها بدقّة، من المعيب الحديث عن قانون عصري والحديث عن أنّ النسبية تشكّل عملاً إصلاحياً. إنّ هذا الحل الإصلاحي الذي نقترحه كحزب ديمقراطي لبناني هو نقيضٌ للفساد المستمر وللتزوير المتتالي وهو الكفيل بالخروج من الحلقة المفرغة التي حُكمَ علينا الدوران في داخلها من دون أيّ أفقٍ ولا أمل… لا بالحاضر ولا بالمستقبل”.

وختم أرسلان بالقول: “إن كل الطروحات تتحدّث عن وجوب إعطاء ضمانات للطوائف. هذا جيّد ولكنّ القانون الذي نطرحُهُ يعطي أيضاً ضمانات لبقاء الوطن لبنان.. الذي إذا ما زال عن الوجود.. تختفي بزواله.. الطوائف وحقوقها.. وتهدر دماء الناس.. وحقوقهم وآمال الأجيال الشّابة بوطن يستحقونه. أكرر القول أنّ هذا هو نهجُ الإعتدال الوطني.. والمصارحة بين اللبنانيين. هذا هو مشروعُنا الخاص بقانون الإنتخاب… إننا مؤتمنون على مصير وحدة لبنان واللبنانيين، والخروج من آتون الطوائف والمذاهب، وعلينا العمل للذهاب إلى دولة عصرية نستحق العيش فيها بكرامة، كيف لا ونحن بالأمور الإستراتيجية الأساسية التي من خلالها نحافظ على البلد، خاصة بوجود المقاومة التي تشكل الرادع القوي لحماية لبنان من مخاطر المؤامرات الإسرائيلية المتكاملة مع مؤامرات الإرهاب التكفيري التي تريد ضرب لبنان بالعمق، وعلينا نحن أن نتوحد ونتلاقى حول طرح إصلاحات جذرية وجدية، ونرفض رفض قاطع البحث في قوانين هجينة تريد أن تفخخ من قيام الدولة والوحدة بين اللبنانيين”.

 

ورداً على سؤال، أجاب أرسلان: ” الإصلاح في كل دول العالم لا يكون سوى من منطلقين أو من داخل المؤسسات الدستورية أو من خلال ثورة شعبية، ونحن كسياسيين مؤتمنين على الدولة والشعب، “لازم نحس ع دمنا”، وعلينا أن يقوم كل منا بإزالة كل العقد الماضية التي أوصلت لبنان إلى ما هو عليه اليوم، وأن نقدم مع الشعب على الإصلاحات اللازمة، وأنا من الأشخاص الذين غاضوا غمار العمل السياسي منذ أكثر من 27 سنة، ومقتنعاً تماماً أننا لن نتوصل إلى حل وإصلاح شامل إلا من خلال الإصلاح السياسي، وعلينا تطبيق الدستور كما هو وليس كما يراه البعض مناسباً لمصالحه الشخصية”.

وحول الذكرى الأربعين لاستشهاد كمال بك جنبلاط التي أقيمت في قصر المختارة، أجاب أرسلان: ” صحيح لم أكن حاضراً شخصياً، لكني قمت بالإتصال في 16 آذار وتقديم التعزية لوليد بك، والموقف السياسي الذي أطلق في المختارة هو موقف ممتاز، واستلام أخي تيمور بك المهام التي وضعت على عاتقه أدعو له بالتوفيق، وقمت بالإتصال به مساء الأحد وهنأته على استلامه المهام، وأكدنا على الإستمرار في التعاون لحماية الوطن وحماية الجبل وأهل الجبل، وفي ما كنا قد بدأناه نحن ووليد بك منذ عام 2008″.