بقي المشهد الأمني هو الطاغي على كل الاحداث المحلية، من الملف الرئاسي وجلسة مجلس النواب اليوم لانتخاب الرئيس، الى الملفات النقابية والاجتماعية والاضرابات واقفال مؤسسات الدولة وتأخير رواتب موظفي القطاع العام والمتقاعدين والمونديال، نتيجة استمرار المخاوف من تفجيرات وسيارات مفخخة واحزمة ناسفة تلاحقها الاجهزة الامنية، وما تستتبع هذه الملاحقة من اجراءات على الارض، وتحديدا لجهة قطع الطرقات، مما يتسبب بازدحام سير خانق في معظم احياء بيروت والمناطق القريبة منها، رغم التطمينات التي اعطاها وزير الداخلية نهاد المشنوق بعد اجتماع مجلس الامن المركزي، بأن الاجهزة الامنية استطاعت افشال العمليات الانتحارية الثلاث، وان الوضع الامني ممسوك ومستمرون في مواجهة هذه القوى التكفيرية. وقد استمرت امس الاجراءات الامنية المشددة حول المقرات الوزارية والسياسية والامنية والسفارات ومراكز العبادة، مع قطع طرقات في ظل المعلومات عن وجود سيارات مفخخة، وكذلك المعلومات عن عملية ارهابية كانت تستهدف مدخل سجن رومية، الذي ما زال هدفا للارهابيين لتهريب سجناء، وان العملية كانت ستتم عبر انتحاريين وسيارات مفخخة. وقد رد الجيش اللبناني والاجهزة الامنية على هذه التحضيرات بسلسلة اجراءات امنية وانتشار مكثف للجيش وصدور بيان عن قوى الامن الداخلي يمنع فيه مرور المركبات الآلية «شاحنات – صهاريج – بيك اب – سيارات – دراجات) صعودا ونزولا باتجاه سجن روميه وتحويله عبر اوتستراد المتن وغيره من الطرقات الفرعية. واكد بيان قوى الامن ان هذا الاجراء هو لدواع امنية وانه بدأ تنفيذه من مساء امس. وتشير معلومات ان سجن روميه يعتبر حاليا المركز الرئيسي لقيادة القوى السلفية في لبنان والخلايا الارهابية، لجهة اعطاء الاوامر ويتقدم على مخيم عين الحلوة في ادارة هذه الشبكات ولذلك تتخذ القوى الامنية اجراءات مشددة، كذلك قامت القوى الامنية بمطاردة سيارة مشبوهة على احدى الطرقات الدولية، ويعتقد انها مفخخة. وسجلت اجراءات امنية مشددة خلال الليل بالتزامن مع بدء الافطار في العديد من المناطق. لكن الحدث الاخطر بقي في طرابلس عبر استهداف دورية للجيش اللبناني بعبوة ناسفة ليل امس الاول، اقتصرت على الاضرار المادية ونجا عناصر الدورية بأعجوبة بعد خطإ تقني في عملية التفجير. وتبين من التحقيقات ان العملية منظمة بشكل دقيق وتزامنت مع ضرب الجيش لمدفع السحور. كما حصل اشكال في منطقة البقار بين الجيش وفتية يحملون اعلام «داعش، وقد حاول الجيش نزع هذه الاعلام فتم التصدي له. وتشير معلومات الى ان الاوضاع في طرابلس ليست جيدة، وهناك عمليات تحريض منظمة على الجيش من قبل القيادات السلفية في حين، وحسب المعلومات، ان الرئيس سعد الحريري اعطى توجيهات صارمة لنواب طرابلس ومسؤولي تيار المستقبل بعدم التعرض للجيش ولاجراءاته الامنية في طرابلس، وان توجيهات الحريري صدرت بعد الهجوم الذي تعرض له الجيش من قبل النائبين محمد كباره وخالد ضاهر، وكان موقف الحريري صارما برفضه اي اساءة للجيش ودوره في الحفاظ على امن المدينة. وما زاد في القلق الامني، الاشتباكات التي جرت في محيط مخيم شاتيلا يوم امس الاول، حيث رصدت الاجهزة الامنية عشرات المسلحين ومعظمهم فلسطينيون، وبينهم لبنانيون وسوريون ومن جنسيات اجنبية ينتشرون من محيط المدينة الرياضية، وصولا الى مخيمي صبرا وشاتيلا والاحياء الداخلية في طريق الجديدة، وصولا الى جامع عبد الناصر، وبكامل اسلحتهم الرشاشة والقذائف الصاروخية. وحسب المعلومات، فان انتشارهم كان منظما عسكريا، ما يدل على جهوزية عالية في تنفيذ الانتشار، وعلى تدريب وتخطيط مسبقين. علما ان الاجهزة الامنية تملك معلومات عن شبكات ارهابية في هذه المنطقة وفي محيط شاتيلا بالتحديد واتُهمت هذه الخلية بالتحضير لاستهداف الرئيس نبيه بري منذ سنة تقريبا. وتضيف المعلومات، ان هذه المنطقة هي الاخطر وتعتبر الاحياء الداخلية من قصقص وصولا الى شاتيلا وصبرا امتدادا حتى برج البراجنة الى المدينة الرياضية وجسر الكولا، كانتونا امنيا للمسلحين وباستطاعة هؤلاء قطع طريق مطار رفيق الحريري الدولي وطريق المدينة الرياضية وقصقص والطيونة، وبالتالي الفصل بين الضاحية وبيروت وخلق خطوط تماس، مستفيدين من الانتشار السكاني الكثيف ووعورة الاحياء الداخلية، مما يجعل مهمات الجيش صعبة في وقف الاشتباكات وملاحقة هؤلاء المسلحين، علما ان الاشتباكات التي حصلت ليل امس الاول استخدمت فيها النيران بكثافة، وهذا ما يؤكد على جهوزية المسلحين وامتلاكهم الذخيرة الكافية. وتشير المعلومات، الى ان الاشتباكات في محيط شاتيلا كانت محور مناقشات في مجلس الامن المركزي، حيث تمت مناقشة الخطة الامنية لبيروت التي ستتركز في هذه المنطقة بالتحديد، كون الانتشار المسلح كثيفا وقادرا على فتح الاشتباك مع القوى المسلحة واقامة خط تماس، فيما المجموعات الارهابية تعتمد تكتيك الاحزمة الناسفة والسيارات المفخخة والتخفي، وليس الاشتباك المباشر مع القوى العسكرية. بري وجولة مشاورات نيابية اما على صعيد الاستحقاق الرئاسي، فان المشهد لن يختلف اليوم في ساحة النجمة عن مشاهد الجلسات السابقة لانتخاب رئيس الجمهورية، في ضوء عدم وجود اي مستجدات سياسية جديدة، وهذا ما كشف عنه الرئيس نبيه بري بالنسبة الى جلسة الانتخاب اليوم. ولاننا امام حائط مسدود ومقبلون على استحقاق اخر هو الانتخابات النيابية، وفي ظل الوضع المقلق، سيباشر الرئيس بري في غضون الايام القليلة المقبلة، جولة جديدة من الاستشارات مع الكتل النيابية والنواب حول الاستحقاق الرئاسي والاستحقاق النيابي. ونقل الزوار عن الرئيس بري ايضا قوله «لا نستطيع ان نبقى مكتوفي الايدي امام الاستحقاق الرئاسي، او تجاوزه بالانتخابات النيابية، وبالتالي، علينا ان نحاول بجدية لفك رموز هذا الاستحقاق حتى لا يقال اننا نهمل الاستحقاق الاول للانتقال الى الاستحقاق الثاني واضاف «اننا لا نملك افكارا مسبقة في هذه الاستشارات، مشيرا الى انه سيعكف في الثماني والاربعين ساعة المقبلة على التركيز على هذا الامر، وبطبيعة الحال سيكون استمزاج لاراء الكتل والنواب في هذين الموضوعين. وبالنسبة للانتخابات النيابية، كرر بري انه ضد التمديد للمجلس النيابي، وانه مع اجراء الانتخابات على اساس القانون الحالي اذا لم يتم اقرار قانون جديد، لكنه اضاف ان هناك امكانية لاقرار القانون الجديد اذا ما توافر التوافق والارادة في هذا الامر. اما بشأن مبادرة العماد عون فقال بري «انه لا يمكن تنفيذها الان لان المجلس ليس في انعقاد عادي”. وردا على سؤال عما اذا كان يمكن للحكومة ان تبادر الى هذا الامر، قال «ان هذا الامر يعود للحكومة”. واضاف: «علينا ان ننظر الى مبادرة عون من موقعه التمثيلي والحيثية التي يملكها، او كان من خلال رئاسته لاكبر كتلة نيابية مسيحية او لموقعه السياسي والشعبي”. واكد ان من حق العماد عون ان يكون مرشحا للرئاسة الاولى من هذا الموقع، مستعيرا تعبير ايلي الفرزلي حول المبادرة بالقول «انه كمن رمى حجرا كبيرا في مياه راكدة، ولم يشإ الرئيس بري التعليق حول تفاصيل المبادرة، مشيرا الى ان هدفها سياسي اكثر مما هو دستوري. فتفت لـ «الديار: مبادرة تقسيمية على صعيد اخر، انتقد عضو تيار المستقبل النائب احمد فتفت مبادرة عون التي اطلقها حول انتخاب رئيس للجمهورية مباشرة من الشعب و على دورتين، وقال لـ«الديار: «هذه المبادرة هي صدى للمشاريع التقسيمية التي تشجعها اسرائيل في المنطقة وابرزها الانفصال الكردي عن دولة العراق. واضاف فتفتت ان مبادرة عون تشكل انفصاما كاملا مع الواقع اللبناني، لانها تنسف العيش المشترك وتجعل الناس يتقاتلون فيما بينهم، كما ان ذلك ينقض النظام اللبناني الذي يرتكز على قيام مجلس النواب بالتصويت لانتخاب رئيس للجمهورية. واعتبر فتفت ان العماد ميشال عون قطع الشك باليقين عند اعلانه هذه المبادرة، لانه اظهر للجميع انه ما عاد مرشحا وفاقيا لرئاسة الجمهورية. قزي لـ«الديار استخفاف بعقول الناس من جهته، قال وزير العمل سجعان قزي لـ«الديار ان كتلة 14 اذار ترفض رفضا قاطعا البحث في اي تعديل للدستور اللبناني قبل انتخاب رئيس للجمهورية، وقد هزئ قزي بمبادرة عون معتبرا ان 128 نائبا لم يستطيعوا انتخاب رئيس فكيف بالاحرى سيستطيع الشعب اللبناني باسره ان ينتخب رئيسا. واضاف قزي ان هناك استخفافا بعقول الناس ومحاولة لالهائهم بمبادرات غير بناءة ولا تأتي بفائدة للدولة اللبنانية. كنعان لـ«الديار مبادرة خير للبنان من جهة اخرى، اعتبر النائب ابراهيم كنعان ان كتلة التغيير والاصلاح اعتادت الحملات الموجهة ضدها وهي لا تعيرها اي اهتمام لان كلما يعلو صوت المسيحيين ويطالبون بحقوقهم يتعرضون لابشع انواع التشويه والتضليل لمسيرتهم. وقال كنعان لـ«الديار: «العيش المشترك لا يتامن الا عندما يتواجد تساو في الحقوق بين المسيحيين والمسلمين وسخر كنعان من كل من يقول ان مبادرة عون هي مشروع تقسيمي يشبه المشاريع التي تدعمها اسرائيل قائلا: «هذا الاتهام ناتج من مطالبتنا بتطبيق الطائف، فاذا كان الطائف مشروعا اسرائيليا فلا باس اذا اتهمونا. واسترسل كنعان بقوله لـ«الديار: «كم من السنين يحتاج المسؤولون الى تطبيق الطائف، فالمبكي المضحك ان 24 سنة مرت وما زالت معظم بنود اتفاق الطائف حبرا على ورق واعتبر انه كان من المستحسن ان يطبق المسؤولون الطائف بدلا من صب جهودهم على انتقاد اي مبادرة جديدة تصدر عن جهة سياسية معينة، فهم لا يتقنون سوى التشاطر والتنظير وانتقاد مبادرات الاخرين. اما حول طرح العماد ميشال عون انتخاب رئيس الجمهورية من الشعب، راى النائب ابراهيم كنعان انها بادية خير للبنان ولسيادته لان الشعب غير مرتهن للخارج وهو «انظف من مئة نائب في البرلمان فيما الاطراف السياسية هي اداة للخارج تتحرك حسب المصالح الاقليمية والدولية. وفد عوني يجول على القيادات على صعيد آخر، علم ان وفدا من قبل العماد عون سيجول على القيادات الدينية والسياسية لشرح مبادرته، اذ تؤكد المصادر ان طرح العماد عون يعني اقفال الابواب المفتوحة بينه وبين تيار المستقبل ،رغم ان قيادات في التيار الوطني الحر اكدت ان الحوار ما زال قائما بين الحريري وتيار المستقبل، خلافا لما يتوقعه ويتمناه البعض، وهو يتخطى رئاسة الجمهورية الى الكثير من المواضيع التي انتجت توافقا بين الفريقين حول موضوع الحكومة وغيرها.
الديار :عشرات المسلحين بكامل أسلحتهم منتشرون بين قصقص وشاتيلا والمدينة الرياضية
0