النهار:
على اهمية الأبعاد التي اكتسبها الاحتواء السريع أمنيا وديبلوماسيا لحادث اطلاق صواريخ من خراج بلدة الماري في اتجاه المستوطنات الإسرائيلية في شمال اسرائيل قبل يومين وتوقيف المتورطين عاد هاجس توريط الساحة الجنوبية عبر تجدد اطلاق ثلاثة صواريخ ليل امس من سهل القليلة في صور في اتجاه شمال اسرائيل .
وتزامن ذلك مع ملامح امنية قلقة في أفق المشهد الداخلي مما يبقي الوضع على درجة عالية من الحذر والمخاوف والتحسب لأي احتمالات سلبية علما ان الواقع السياسي لا يشجع اطلاقا على مواكبة هذه المخاوف بقدر معقول من التماسك . ذلك ان ملامح مضطربة برزت امس مع استمرار مشكلة إقفال طرق رئيسية في طرابلس على خلفية مطالبة أهالي موقوفين بالإفراج عن هؤلاء تحت طائلة تصعيد الاحتجاجات في النصف الثاني من الاسبوع المقبل فيما يبذل وزير العدل اللواء اشرف ريفي جهودا كثيفة لإقناع المحتجين بفتح الطرق .
اما الجانب الآخر من مشهد التوتير فبرز في الساعات الاخيرة مع الحملة العنيفة التي شنها الشيخ الفار احمد الأسير على تيار ” المستقبل ” وزعيمه الرئيس سعد الحريري وذلك عشية انطلاق المحاكمات لعشرات الموقوفين في ملف احداث عبرا بعد سنة تماماً من العملية العسكرية التي أطاحت ظاهرة الأسير الذي لا يزال مكان فراره مجهولا .
هجوم الأسير على تيار المستقبل والرئيس الحريري ما كان ليأخذ دلالات يعتد بها لولا تزامنه وعشية بدء المحكمة العسكرية الثلثاء المقبل في المحاكمات علما ان الأسير سيحاكم غيابيا . وتبعا لذلك لم تسقط أوساط معنية هذا التطور من احتمالات يبدو ان الجهات الامنية تتحسب لها وتتعلق بإمكان قيام منظمات اصولية يرتبط بها الأسير بمحاولات ارهابية للضغط على المحاكمات . وإذا كان الأسير لم يوجه في رسائله الالكترونية او المسجلة تهديدات علنية مباشرة فان هجماته العنيفة على المستقبل وضربه على الخاصرة السنية بدا بمثابة تهديدات مبطنة لم تخف على الجهات المعنية التي تملك معطيات عن ارتباطات الأسير بمجموعة عبدالله عزام خصوصا بما يملي التحسب لكل الاحتمالات الامنية المتصلة بهذا الملف .
وتكشف الجهات نفسها ل” النهار ” ان الايام الاخيرة وبمعزل عن قضية الأسيروالمحاكمات التي ستبدأ الثلثاء شهدت تطورات جديدة في رفع وتيرة التهديدات من جهات أصولية لبعض المسؤولين السياسيين والأمنيين البارزين على خلفية واقع سجن رومية الذي يحتل الأولوية المطلقة في الإجراءات الاحترازية تحسبا لعملية ارهابية كبيرة محتملة داخل السجن .
وإذا كان بعض المصادر الإعلامية تحدث امس عن بعض الاحتمالات التي يجري التحسب لها كمثل خطف عسكريين لمبادلتهم بالسجناء الإسلاميين في سجن رومية فان المعلومات المتوافرة ل” النهار ” تشير الى ان التهديدات التي أبلغت الى جهات مسؤولة اكتسبت طابعا شديد الجدية ويجري التعامل معها بكثير من الدراية والحزم والتحسب لعمليات ارهابية او محاولات اغتيال .
وسط هذا المناخ المشدود من المعطيات الامنية تتطلع أوساط سياسية الى الايام القليلة المقبلة كاختبار جديد لتعويم بعض التفاهمات السياسية حكوميا ونيابيا علها تحول دون مزيد من الانسداد السياسي في الأزمات القائمة . وتقول هذه الاوساط ان ثمة محاولة متقدمة جارية للاتفاق على جدول اعمال الجلسة التشريعية المزمع عقدها الخميس المقبل من خلال الاتصالات الجارية بين حركة ” أمل ” وتيار ” المستقبل ” والتي في حال توصلها الى ارضية معقولة من التفاهم على الملفات الثلاثة المطروحة يمكن ان تتوسع دائرتها بسرعة لتشمل الأطراف الاخرين . وهي ملفات الإنفاق المالي وإصدار سندات خزينة باليوروبوند وملف سلسلة الرتب والرواتب .
ومع ان الملف الاخير يبقى الأصعب بين الثلاثة فان الاوساط تشير الى ان ثمة رغبة برزت بين الجانبين في المضي قدما في ايجاد تسوية معقولة ينتظر ان تتضح فرصها قريبا . اما الجوانب السياسية الاخرى في هذه الاتصالات فلم تتبلور بعد ومنها ما يتردد عن طرح مصير الانتخابات النيابية .
وتشير الاوساط نفسها الى ان ترابطا محكما بات واضحا بين السعي الى عقد جلسة تشريعية للمجلس وإعادة تصويب الوضع داخل مجلس الوزراء الذي شهد هزة حادة اخيراً دفعت برئيس الحكومة تمام سلام الى الامتناع عن دعوة مجلس الوزراء الى جلسة الخميس المقبل ربما في انتظار ما ستسفر عنه المساعي الجارية لأحداث ثغرة يمكن عبرها لاختراق كعقد جلسة تشريعية وحل الملفات الصعبة المطروحة ان ينعكس انفراجا ولو ظرفيا علو واقع عمل الحكومة .