الصفحة الرئيسة
باريس «تتبرّأ» من تأخير التسليح: التوقيع قبل نهاية آب! الشارع يلتهب: انتفاضة للمعلمين والمياومين
لبنان بلا رئيس للجمهورية لليوم الحادي والثمانين على التوالي. أما الجلسة العاشرة لانتخاب الرئيس، فلم تحمل جديداً، بل واصلت اجترار الشغور، في انتظار موعد آخر في 2 أيلول المقبل، من دون أن تتمكّن عودة الرئيس سعد الحريري من إدخال أي تعديل على السيناريو المتكرر منذ 25 أيار.
وبينما استمرّت المراوحة سيدة الملف الرئاسي، التهب الشارع النقابي أمس على إيقاع انتفاضة المياومين والمعلمين الذين ملأوا الفراغ بتحرك احتجاجي واسع، دفاعاً عن حقوقهم. وأما «حق» الجيش في الحصول على عتاد عسكري متطور يساعده في مواجهة الإرهاب وغيره من المخاطر، فبقي عالقاً في بازار السمسرات التي عطلت او عرقلت الهبة السعودية الأولى البالغة قيمتها ثلاثة مليارات دولار.
وفي هذا الإطار، تفاعل ما نشرته «السفير» في عدد أمس حول تحمّل فرنسا جزءاً من المسؤولية عن التأخير في «تسييل» الهبة السعودية، في وقت أكد النائب وليد جنبلاط لـ«السفير» أنه آن الأوان للإفراج عن هذه الهبة لأن الجيش والقوى الأمنية بأمسّ الحاجة اليها في هذه الظروف. وكشف مصدر ديبلوماسي في وزارة الخارجية الفرنسية أن ما نُشر في «السفير»، أمس، حول صفقة الثلاثة مليارات دولار لتسليح الجيش اللبناني، كان محور متابعة بين العاصمتين الفرنسية واللبنانية، «فمن جهتنا أوضحنا للحكومة اللبنانية أن مسؤولية التأخير في توقيع بروتوكول الصفقة تقع على السعوديين بالدرجة الأولى».
وأضاف أنه بعد زيارة الوفد العسكري الفرنسي إلى بيروت قبل أسابيع عدة، «طلب الجانب الفرنسي أكثر من موعد من وزارة المال السعودية (بعد انتقال الملف إليها من الديوان الملكي)، لكن الجواب السعودي لم يأتِ، وقد فهمنا عبر السفارة الفرنسية هناك أنه توجد صعوبة في التواصل مع المؤسسات الحكومية خلال أشهر الصيف، بسبب سفر عدد كبير من المسؤولين السعوديين، حتى أن بعض المسؤولين في شركة «اوداس» التي كلفت بإدارة الصفقة، ترددوا أكثر من مرة في الأسابيع الأخيرة الى السعودية، ولم ينجحوا في توقيع البروتوكول النهائي للأسباب ذاتها. وأوضح المصدر الفرنسي لـ«السفير» أن دوائر الأليزيه قامت بمراجعة رئيس الديوان الملكي خالد التويجري الذي وعد في آخر اتصال بتوقيع العقد خلال مهلة أقصاها الثلاثين من آب الحالي. في السياق ذاته، حذرت مصادر لبنانية متابعة من أن مسؤولاً لبنانياً حالياً على صلة وثيقة بأحد أكبر تجار الأسلحة في فرنسا وأوروبا «دخل على خط السمسرة، خصوصاً في ما يتعلق بشراء الزوارق الفرنسية السريعة للجيش اللبناني»،
وقالت لـ«السفير» إن مرجعاً لبنانياً سابقاً تدخل من أجل منع هذه العملية، لكنه لم يصل الى نتيجة محددة. ووجّهت المصادر نصيحة للحكومة اللبنانية بأن تتعامل بشفافية، وإلا فإن استمرار إثارة الشبهات حول الصفقة لجهة اتهام جهات سعودية أو فرنسية أو لبنانية بالخلاف على العمولات سيؤدي الى تخريب الصفقة ودفع الجانب السعودي إلى إلغائها عبر استفزازه «وهذا الأمر ليس في مصلحة لبنان على الإطلاق، خصوصاً أن كلاماً خطيراً يُثار في باريس بأن قائد الجيش العماد جان قهوجي طلب تأجيل الصفقة الى ما بعد انتخابات رئاسة الجمهورية وتمت مراجعته بذلك، فنفى هذا الأمر جملة وتفصيلاً». وختمت المصادر بالقول إن «لا التسريع بالصفقة ولا تأخيرها له انعكاس على الاستحقاق الرئاسي اللبناني». وفي جدة، سأل أحد الصحافيين وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل حول ما نشرته «السفير»، أمس، بشأن الهبة السعودية واحتمال إلغائها، فأجاب أن الأمن له أهمية كبيرة في لبنان و«مساعدة المؤسسات الأمنية والسياسية اللبنانية هو لمصلحة أمن الشعب اللبناني واستقراره ونأمل من الصحافة اللبنانية ألا تفسد أمراً لمصلحة لبنان»! حراك الشارع وبينما بقيت الدولة أسيرة الشغور الرئاسي، تحوّل مياومو مؤسسة الكهرباء وآلاف المواطنين الذين كانوا يعبرون طريق الدورة ـ المرفأ الى رهائن لملف الشغور الوظيفي في المؤسسة التي قررت إدارتها ان تملأ 897 مركزاً شاغراً فقط، ما دفع عدداً كبيراً من المياومين البالغ عددهم 1800 الى التصعيد من خلال حرق الإطارات وقطع اوتوستراد شارل حلو، مطالبين بتثبيت الجميع وفق ما نص عليه القانون، ما أدى الى زحمة سير خانقة حاصرت عشرات آلاف المواطنين. وقال وزير الطاقة والمياه أرتور نظريان لـ«السفير» إن المدير العام لمؤسسة كهرباء لبنان كمال الحايك أوضح له أن تحديد الشواغر بـ897 مركزاً جاء «تنفيذاً لما ورد في القانون حول حاجة المؤسسة». وأشار الى انه أبلغ وفد المياومين أمس، بانه يطبق ما يقرّه القانون، «وإذا كان لديهم أي اعتراض، أو يتهمون أحداً معيناً بالتلاعب بعدد المراكز الشاغرة، فليقدموا لي ذلك خطيّاً لا شفهيّاً
وفي المقلب الآخر من الشارع النقابي، كان المعلمون يخوضون باللحم الحي معركة نقابية شرسة تجاوزت في أبعادها حدود منع إصدار الإفادات المدرسية والتصحيح بـ«من حضر»، لتتحوّل الى معركة حماية الشهادة الرسمية ووحدة الجسم التعليمي الذي خرج من «موقعة الأونيسكو» أمس قوياً ومتماسكاً، مسجلاً بذلك نصراً إضافياً للحركة النقابية بقيادة «هيئة التنسيق»، بإعلان التربية الياس بو صعب قرار وقف التصحيح المجتزأ وتعليق قرار إصدار الإفادات، وبالتالي إعطاء «الهيئة» فسحة زمنية إضافية، حتى نهاية الاسبوع، للضغط على المسؤولين من أجل إقرار سلسلة الرتب والرواتب. وعلم في هذا الإطار أن «الهيئة» بصدد أخذ مواعيد من الرئيسين نبيه بري وسعد الحريري. وتنفذ «هيئة التنسيق» اعتصاماً مركزياً عند الساعة الحادية عشرة قبل ظهر اليوم في ساحة رياض الصلح، لمطالبة مجلس النواب بالانعقاد وإقرار السلسلة . «التمديد»..
يتمدّد في هذه الأثناء، تلاحقت الإشارات التي تنبئ بتقدم خيار التمديد لمجلس النواب، فقدم النائب نقولا فتوش اقتراح قانون بالتمديد، فيما قال الرئيس سعد الحريري إنه قد يقبل بالتمديد «كآخر خيار»، موضحاً أنه طرح هذا الأمر مع الرئيس بري، «وقد وجدت أنه حتى هو لا يريد التمديد للمجلس، ولا نحن كتيار مستقبل، لكننا أيضاً لا نريد أن نكون كمن يطلق النار على رجليه أو ينحر نفسه». ونقل زوار الرئيس نبيه بري عنه قوله، بعد تقديم فتوش اقتراح قانون بالتمديد، أنه مستمر بمعارضته للتمديد حتى لو وافقت عليه الأكثرية في مجلس النواب. وتساءل: مددنا سنة وخمسة أشهر حتى نتمكن من انتخاب رئيس الجمهورية في الموعد الدستوري، لكننا لم نفعل، فما هي الضمانات بأنه في حال التمديد مرة أخرى سيتم انتخاب الرئيس؟ وأضاف: أنا أعتبر أن رفض التمديد هو ورقة ضغط للإسراع في إجراء الانتخابات الرئاسية، في حين أن التمديد إذا حصل قد يجعل الشغور يطول أكثر فأكثر. ولفت الانتباه إلى أن مفتاح التمديد بيد الحكومة، فهي التي تصدر القانون في حال إقراره في مجلس النواب في ظل الشغور الرئاسي، وبالتالي إذا لم تتأمن الأصوات الكافية في مجلس الوزراء لإصداره لا يمكن أن يمر، ونبّه إلى أنه «إذا لم تحصل الانتخابات الرئاسية والنيابية، فأنا أخشى الذهاب في اتجاه العرقنة السياسية». وحول اجتماعه الأخير بالحريري، أوضح بري أنه اتفق معه على إعطاء الاولوية لانتخاب رئيس الجمهورية وتفعيل مجلسي النواب والوزراء. وعلّق على استطلاع الرأي الذي أجرته «الدولية للمعلومات» (نُشر في «السفير» أمس) وأظهر أن الاكثرية الشعبية ضد التمديد ومع انتخاب رئيس الجمهورية من الشعب
، فقال: لقد أظهرت النتائج ان الشعب في وادٍ، والطبقة السياسية في وادٍ آخر، وتبين لي أن هذا الشعب هو أرقى من تلك الطبقة الغارقة في النكايات. وقال النائب جنبلاط لـ«السفير» إنه لا يمانع في التمديد إذا كان مقروناً بانتخاب رئيس الجمهورية، موضحاً أنه في هذه الحال يمكن إجراء تمديد تقني لبضعة اشهر.