اعتبر القيادي في “تيار المردة” المحامي شادي سعد أنّ ما تشهده طرابلس اليوم ليس ابن ساعته، بل هو نتيجة حتمية للتخاذل السياسي وفرض التسويات على الجيش اللبناني”، لافتا الى أنّه “على الرغم من أنّ مواقف بعض سياسيي المدينة تغطي الجيش كلاميًا إلا أنّ افعالهم في السابق هي التي سهّلت على المجموعات الارهابية الوصول إلى ما وصلت إليه”.
ورأى سعد، في حديث لـ”النشرة”، أنّ “طرابلس مخطوفة وغالبية أهلها ضدّ المجموعات التكفيرية المسلحة، إلا أنّ نتيجة الاهمال والترقيع ظهرت”، وتساءل: “أليس غريبًا أن تندلع أحداث طرابلس بعد أسبوع حافل بالخطابات الشعبوية التجييشية من قبل بعض الوزراء في إطار المزايدات الداخلية على بعضهم ضمن التيار الواحد؟ ولمصلحة من يطالب وزير في الحكومة بإلغاء المحكمة العسكرية قبل دخوله إلى مجلس الوزراء وحين يدخل لا يناقش في الموضوع؟! أليست هذه التصرفات هي التي تهيج الشارع؟” وتابع سعد: “منذ متى يصبح الوزير في خدمة الخارجين عن القانون؟ ولنفترض جدلا أنّ الخطة الامنية غير ناجحة بشكل كامل في منطقة ما كبريتال مثلاً ولم تستطع قمع كافة السرقات وعمليات الخطف بل حدّت منها، فهل سرقة سيارة في بريتال تبرر لفريق آخر في طرابلس أن يعتدي على الجيش، وإذا تحرك الجيش في طرابلس لرد العدوان عليه يصبح ضد طائفة؟”
وأكّد سعد أنّ “تيار المردة” يؤيد الخطة الامنية في كل لبنان، “انما لا يجوز أن يدفع ابن زغرتا والكورة والبترون وكسروان والمتن وعاليه والشوف وبيروت وجزين وزحلة ضبطاً لركنه سيارته دون دفع 500 ليرة وابن منطقة اخرى يطلق النار على الجيش فنجد وزراء في الحكومة ونواب في المجلس ينسقون له خطواته ويدافعون عنه”.
هل نحن حاضرون لمؤتمر تأسيسي؟
وذكّر سعد بموقف “تيار المردة” من التمديد، قائلا: “تعوّدنا كتيار مردة أن ناخذ موقفا ولا نخجل به. نحن لا نعرف التلون والتبديل. قلنا منذ اليوم الاول اننا بين التمديد والانتخابات نختار الانتخابات، اما بين التمديد والفراغ فنختار التمديد. نحن صوتنا منذ سنة ونصف مع التمديد كونه كان اقل الشرور”، متسائلا: “ما الذي تغير اليوم؟ هل تم اقرار قانون انتخابي عادل؟ هل تحسن الوضع الامني؟” وأضاف: “نفهم موقف التيار الوطني الحر المبدئي، كونهم اخذوا هذا الموقف سابقا انما المزايدون الآخرون امرهم محزن”.
وسأل: “إذا دخلنا في الفراغ، فهل نحن كمسيحيين حاضرون لمؤتمر تأسيسي؟ واذا اجرينا انتخابات، من سيجري الاستشارات لتشكيل حكومة؟ اي رئيس؟ فلنفكر بعقلانية ونعترف أن في الظروف غير المنطقية يقتضي التفكير بمنطق واتخاذ قرارات غير شعبية انما كفيلة بحماية ما تبقى”.
البديل عن التمديد هو الفراغ
وعمّا اذا كان تغيب الاحزاب المسيحية الاساسية وتصويت “المردة” وحده مع التمديد، يعطيه شرعية ميثاقية، قال سعد: “عن أيّ ميثاقية يتكلمون؟ اين هو قانون الانتخابات الميثاقي؟ ولمصلحة من تم تطييره؟” وأردف: “لهذه الاسباب قلنا ونكرر ان المدخل لكل اصلاح سياسي ولكل حكم ميثاقي هو قانون انتخابات ينبثق من روحية دستورنا وصيغتنا القائمة على العيش المشترك والمشاركة المتوازنة في الحكم”. وأشار إلى أنّ “معارضة 3 احزاب رئيسية عند المسيحيين تجعل من اي قرار عرضة للطعن لعدم ميثاقيته. فمشاركتنا لا تؤمن الميثاقية. ويقتضي العمل على ايجاد مخرج”.
وأعرب سعد عن تفهمه لتغيير رئيس المجلس النيابي نبيه بري موقفه من التمديد، باعتبار ان “البديل عن التمديد هو الفراغ ولا احد مع الفراغ”. وأضاف: “لنقل الامور بصراحة، شارعنا مع الانتخابات خاصة وان المعارك في المناطق التي فزنا بها عام 2009 شبه محسومة بينما لدى الفريق الاخر خاصة تيار المستقبل ازمات لا تنتهي، ازمة بينه وبين حلفائه المسيحيين الذين سخر منهم الوزير المشنوق في اخر مقابلة تلفزيونية له لكثرة ترشيحاتهم. وازمة بينه وبين نواب حاليين ثبت انهم متورطون مع الجماعات التكفيرية في حربها ضد الجيش والوطن، وازمة مالية، وازمة تمثيل الشارع السني … اذا نحن باستطاعتنا ان نحسم الامور بالانتخابات انما نخشى ان يقوم الفريق الاخر باشعال لبنان قبل ان نستلمه”.
وصلنا لـ”فضيحة كبرى” بملف النازحين
واعتبر سعد أن “الفضيحة الكبرى” تكمن بملف النازحين السوريين، متسائلا: “لماذا تركنا البعض نصل الى ما وصلنا اليه؟” وأجاب: “لأنّ هذا البعض كان يفكر طائفيًا وليس وطنيًا أو إنسانيًا”. ورأى أنّ “المهم اليوم ان مجلس الوزراء تبنى ولو متاخرا ورقة عمل موحدة في ما يتعلق بملف النازحين”، معربا عن أمله بأن يكون التنظيم الجديد كفيلا في الحد من الجرائم والمخالفات ويساعد الدولة على تخفيف العجز الهائل الذي لحق بالخزينة في السنوات السابقة.
وردا على سؤال عمّا اذا كان المسيحي في لبنان خائفًا على مستقبله، استشهد سعد بالقول الفرنسي الشهير “حتى تتغلب على شعب نسّه تاريخه”، معتبراً أنه يعبر أصدق تعبير عن حالتنا، وشرح قائلاً: “يعتقد غالبية جيلنا أننا وصلنا الى ما وصلنا اليه مطلع القرن الماضي نتيجة ظرف فقط، أو في غفلة من الزمن، انما الواقع عكس ذلك تماماً. عاش أجدادنا قروناً عديدة يتنقلون من اضطهاد الى آخر، من وادٍ الى آخر، وصمدوا”. وسأل: “هل نحن جيل صمود؟” واضاف: “حتى تعالج مرضًا ما، عليك ان تقر بوجوده. نعم نحن شعب طرق المرض بابه، فتجاهلنا المرض بدل ان نعترف بوجوده ونحاربه. علينا العودة الى الجذور. الى حيث انطلقنا. علينا الا ننسى ان المسيحيين و الموارنة تحديداً ولدوا من رحم التنسك والحياة الرهبانية. عاشوا الحياة المنظمة في الأديرة وتعاونوا على الصعاب. علينا نبذ الخوف والتغلب عليه. اخطر عدو علينا هو الخوف لانه كفيل بتهجيرنا. نحن هنا منذ قرون وسنبقى لان في بقائنا رسالة وغاية”.