روزانا رمّال – “البناء”
هذا الموقف ردّده جزء كبير من سياسيّي لبنان الطامعين بالتمديد الذي يأتي على حاجته منعاً للفراغ، غصة في قلوب اللبنانيين، خصوصاً أنه يفرض عليهم التمديد لأمثال خالد الضاهر حتى إشعار آخر – تحرك الحريري – وهو أول المتطاولين على الجيش اللبناني… أو بالأحرى كلمة متطاول لم تعد تجوز على خالد الضاهر، فهو مشارك في التحريض على الفرار من الجيش وتفكيكه.
لن يصدق اللبنانيون سوى تحقيقات الجيش اللبناني وجهاز مخابراته مهما حاول الضاهر النفي أو الإنكار… وهو بالتأكيد سيحاول.
لا يمكن أن تجرى انتخابات نيابية اليوم، واليوم بات هذا واقعاً… واللافت أن بعض المسؤولين تنبأوا هذا قبل أحداث عرسال حتى فكيف عرفوا ذلك؟
بدأت رحلة إنهاك الجيش الطويلة، وصدقت التوقعات واشتعلت طرابلس والـ 33 ألف جندي لبناني الذين تحدث عنهم المشنوق أصبحوا اليوم بين الجرود والحدود وبأمسّ الحاجة إلى سلاح يحمي القرى والمدن المستهدفة ويحميهم ويحمي مواقعهم من قبل الإرهابيين… واللافت أن المعركة التي كانت متوقعة في عرسال ها هي تشتعل في طرابلس على خلفية وقوع إرهابيين بقبضة الجيش وقتله من هم أبرز قادتهم لتكشف معركة طرابلس عن جاهزية كبيرة للمسلحين وعن معركة مبيتة للمدينة لم تندلع كما كانت سابقاً في باب التبانة أو جبل محسن، إنما في أسواقها وشوارعها، تؤكد أهمية طرابلس تحديداً في المعركة المرسومة لبلاد الشام بحسب خريطة التطرف بالمنطقة. فطرابلس هي الهدف الأسهل على البحر المتوسط والمرشحة لتكون أول إمارة لـ«داعش» على البحر المتوسط بعدما استعصى ذلك على الساحل السوري، وعليه فإنّ المعركة في طرابلس تبدو من أقوى المعارك التي حضّر المسلحون لاستنزافها مطولاً.
انتقال المعارك من عرسال إلى طرابلس وتوسيع بؤر التوتر وانتقال الاشتباكات إلى محاور ومدن أو بلدات أخرى، هي أصلاً بينها وبين الإرهاب صولات وجولات هو أقرب ما يكون من أي توقع عسكري لإنهاك الجيش اللبناني وتشتيته على أكثر من محور، فما الذي يمنع امتداد المعارك إلى صيدا أو الطريق الجديدة مثلاً؟
في هذا السياق كشفت مصادر أمنية خاصة أن المجموعات الإرهابية في طرابلس عملت جاهدة لتوسيع نطاق المعارك مع الجيش اللبناني إلى مناطق أخرى في لبنان، وذلك من أجل تخفيف الضغط العسكري عليها.
وتوافرت لدى الجهات المعنية خلال الساعات الـ72 الأخيرة معلومات تؤكد أن «أمراء المجموعات الإرهابية» في الشمال عملوا جاهدين من أجل نقل معركة طرابلس إلى مخيم عين الحلوة وصيدا، لكن محاولاتهم هذه ووجهت برفض من كلّ الأطياف السياسية والعسكرية في المخيم وأيضاً بيقظة الأجهزة الأمنية اللبنانية.
السؤال إذا لم يستطع الجيش اللبناني ضبط المعارك وحسمها، هل هذا يعني أن هناك من يريد أخذ الجيش إلى الانتحار وهو شبه أعزل لمواجهة معارك طويلة أو دقيقة لهذه الدرجة؟
السؤال الثاني ومن جهة أخرى: إذا تمت تسوية الأوضاع وتهدئتها في طرابلس هل هذا يعني أن الوسطاء سيتحركون للتسوية بين الجيش والعصابات الإرهابية المسلحة وهذا وحده تأكيد أن هناك من يمون على هذه المجموعات ويستطيع تحريكها وأن هذا سيمر على اللبنانيين في شكل طبيعي تحت عنوان «أهون الشرور»؟
إذا كان من كلمة حق تقال فهي أن هؤلاء الوسطاء هم الإرهابيون الحقيقيون وهم الجماعة الأكثر تطرفاً وخطورة على أمن لبنان ومؤسساته.