كتبت صحيفة “السفير” تقول : لبنان بلا رئيس للجمهورية لليوم السادس والثمانين بعد المئتين على التوالي.
مع إعادة الاعتبار إلى حكومة إدارة الفراغ، يبقى الهم الأمني عنوانا خارقا للاصطفافات السياسية والطائفية، خصوصا مع ارتفاع منسوب المخاوف الحدودية في ضوء التطورات العسكرية الحدودية شبه اليومية.
ومع استمرار ضغط الجيشين اللبناني والسوري، ومعهما “حزب الله”، على المجموعات الارهابية التي تحاول يوميا اختراق الإجراءات البقاعية الحدودية، تقدم “السفير” خريطة للوقائع الميدانية، تبين سيطرة المسلحين التكفيريين على نحو ألف كيلومتر مربع (992 كلم2) من الحدود اللبنانية السورية في جرود السلسلة الشرقية، بينها نحو 450 كيلومتراً داخل الجرود اللبنانية نفسها، وبطول 56 كيلومتراً.
يبلغ عدد المسلحين في الجرود نحو ثلاثة آلاف مسلح يتغذون بمسلحين آخرين من مخيمات النازحين في عرسال وخارجها. ويمكن تعداد أبرز الألوية والكتائب تبعا لمبايعتها لأحد تنظيمي “داعش” و”النصرة”، على الشكل الآتي:
ـ “كتائب الفاروق” بايعت “داعش” وهي بقيادة موفق الجربان (أبو السوس) الذي يحتل أيضا منصب نائب مسؤول “داعش” العسكري المؤقت في القلمون “أبو عمر اللبناني”. وقد وصل عديد كتائب الفاروق في ذروته، وتحديداً خلال معارك القصير، إلى نحو خمسة آلاف عنصر، ولكنها لا تتعدى عشرات العناصر حالياً.
ـ “لواء فجر الإسلام” يبايع “داعش” وكان يتزعمه عماد جمعة الذي تم التذرع باعتقاله من الجيش اللبناني لشن غزوة عرسال في 2 آب 2014.
ـ “الكتيبة الخضراء” مسؤولها المدعو “الشيخ نبيل”، وتبايع “داعش”.
ـ “لواء الحق” مسؤوله المدعو “ابو جعفر عامر”، يبايع “داعش”
ـ “لواء التركمان” مسؤوله المدعو “ابو قاسم”، يبايع “داعش”.
ـ “الفرقة 11” مسؤولها أبو حسن الرفاعي من رأس المعرّة، وهي من أبرز الفرق المبايعة لـ “النصرة”.
ـ “لواء الغرباء” المنتشر في جرد الجبة وعسال الورد، ومسؤوله الحالي “ابو حسن التلي”، يبايع “النصرة”.
ـ “مجموعة العمدة”، تبايع “النصرة”.
ويبلغ عدد عناصر “الجيش السوري الحر” من المبايعين لـ”داعش” و”النصرة” نحو 1500 عنصر (من أصل 3 آلاف)، بينهم نحو 750 عنصراً بايعوا “النصرة”، و800 بايعوا “داعش”.
وهؤلاء كلهم هم من فلول المقاتلين المهزومين في معارك سابقة بدءاً من القصير وريفها (بما فيها تل مندو) وفي منطقة القلمون. وتعني “البيعة الكاملة” أن المبايعين سلموا أمرهم الشرعي والقيادي وتلقي الأوامر والقرار لـ”داعش”، بينما تقتصر “بيعة العمل” على تسليم القرار والقتال والأوامر لـ”النصرة”، وتقضي بغض النظر عنهم شرعياً.
مناطق السيطرة
وقد شكلت معركة السيطرة على بلدة طفيل اللبنانية في أيار 2014 مفصلاً رئيسياً في فصل جرد الزبداني في الريف الدمشقي عن جرود السلسلة الشرقية، وبالتحديد بدءاً من جرود حام ومعربون اللبنانيتين على حدود سرغايا السورية، وصولاً إلى جرود عرسال ورأس بعلبك والقاع في البقاع الشمالي.
ومع هذا الفصل، انحصرت الجرود التي يسيطر عليها “داعش” و”النصرة” من جرود عسال الورد في القلمون السورية، وعلى الحد مع جرد طفيل، وصولاً إلى أعالي جرود عرسال ورأس بعلبك والقاع، بطول 56 كيلومترا.
تتوالى سيطرة المسلحين، بعد جرود عسال الورد، على جرود الجبة ورأس المعرّة وفليطا وجراجير، فطلعة موسى وقرنة صدر البستان الجنوبية وصدر البستان الشمالية عند مثلث جرود نحلة وعرسال وسوريا.
وتعتبر قرنة صدر البستان الأعلى (2590 متراً عن سطح البحر)، وهي الأعلى في السلسلة بعد جبل الشيخ، تليها طلعة موسى (2580 مترا). وتحاذي القمم الثلاث جرد فليطا السورية على الحد مع عرسال. كما يسيطر المسلحون على جبل الباروح (2460 متراً) وهو النقطة الأعلى في جرد رأس المعرة، ويقع جنوب طلعة موسى.
وتطل السلسلة من جرود عسال الورد إلى رأس المعرة فالحد مع عرسال على جرود مناطق بريتال وبعلبك ونحلة ويونين، وطبعا هي مفتوحة حدودياً وعسكرياً على جرود عرسال، وصولاً إلى أعالي جرود رأس بعلبك والقاع، حيث ينتشر عناصر “حزب الله” على مساحة الحد الفاصل بين هذه الجرود وجرود المناطق اللبنانية الواقعة في السهل.
ويتوزع المسلحون في هذه المساحة على 21 تجمعاً يحتوي كل منها على عدد من نقاط الانتشار، وكانوا يتغذون من معابر الشيخ علي وجراجير (باتجاه فليطا) ومرطبيا والزمراني (على حدود قارة) ووادي ميرا (بين قارة والبريج) وهي ما تزال تحت سيطرتهم ولكن التغذية من منطقة القلمون توقفت.
وتسيطر “داعش” على هذه المعابر حالياً، بعد معارك خاضتها ضد “النصرة” في الجرود أدت إلى عقد اتفاق بين مسؤول “داعش” أبو عائشة البنياسي (قبل مقتله) وبين مسؤول “النصرة” في القلمون أبو مالك التلي، بتقسيم الجرود إلى منطقتي نفوذ.
وعليه، تسيطر “داعش” اليوم على الجرود الممتدة من خربة يونين في جرود عرسال إلى قرنة شعبة القاضي على الحدود اللبنانية السورية، وتمتد أيضاً داخل الجرود السورية في خراج فليطا وجراجير. وتسيطر “داعش” أيضاً من خربة يونين شمالاً شرقاً إلى حدود قارة السورية، امتداداً إلى تلة البعكور في جرود رأس بعلبك مروراً بمراح المخيريمة في رأس بعلبك أيضاً، وصولاً إلى قلعة معالف على الحد بين جرود رأس بعلبك والقاع.
وتقضم “داعش” من جرود القاع أيضاً خربة الدمينة، مروراً بجبل حورته وصولاً إلى خربة بعيون (جرود القاع) على الحدود مع جرود جوسيه وصولاً إلى “جبلة حسيه” على الحدود مع جرود البريج والرحيبة شمال قارة في الجرود السورية.
وأدت المعركة التي خاضها “حزب الله” لحماية قرى رأس بعلبك والقاع والهرمل من الصواريخ، واستمرت 24 يوماً وانتهت مع بداية العام 2014، إلى تحرير نحو 300 كيلومتر من الجرود السورية (بالتعاون مع الجيش السوري) واللبنانية بعمق يصل إلى 20 كيلومتراً من الجرود في أعالي القاع ورأس بعلبك من ايدي المسلحين. وتقع هذه المنطقة تحديداً من جرد جوسيه إلى جمراح داخل سوريا، وصولاً إلى حدود بعيون مروراً بخراب الدمينة والحمرا في الجرود اللبنانية.
خطوط تماس
تمتد خطوط التماس بين “داعش” والجيش اللبناني من أعالي حاجز الحصن على أطراف عرسال مروراً بمنطقة وادي حميد (بعد حاجز الجيش) وقرون صيدة في عرسال المواجهة لحاجز المصيدة غرباً، وصولاً إلى تلة البعكور في جرد رأس بعلبك، فخربة الدمينة في جرود القاع.
وتشكل خربة يونين في جرود عرسال خط تماس بين “داعش” و “النصرة”. وتقع خطوط التماس بين “النصرة” والجيش اللبناني ما بعد خربة يونين بما فيها وادي الحقبان، فضهر عقبة الجرد ووادي عطا في عرسال مروراً بوادي طلعة الفخيت فوادي سويد ووادي الرعيان.
وتمتد سيطرة “النصرة” أيضاً على جرد عرسال وصولاً إلى بركة الفختة الواقعة في الجرد نفسه على الحد مع رأس المعرة في سوريا ومنطقة الكيشك على حدود جرود عرسال مع نحلة. وتتواصل سيطرة “النصرة” بعد الحدود اللبنانية السورية إلى جرود عسال الورد على الحد مع طفيل اللبنانية.
أما خطوط المسلحين من “نصرة” و “داعش” مع مناطق انتشار الجيش السوري و “حزب الله”، فتمتد من الجنوب (بعد طفيل اللبنانية) من ضهر العريض في جرود عسال الورد إلى جرود رأس المعرة وفليطا ثم قرنة البستان بالقرب من الجراجير، تليها خربة الحمرا أو تل المصيدة شمالاً بالقرب من البريج وصولاً إلى جرود قارة وجوسيه.
وبعد جرود قارة وجوسيه، تبدأ خطوط تماس المسلحين مع “حزب الله” وحده وبالتحديد من بعيون في جرود القاع إلى خربة الدمينة شمالاً في الجرود نفسها. وتبدأ خطوط تماس أخرى بين المسلحين و “حزب الله” في أعالي جرود يونين ونحلة وبعلبك وصولاً إلى بريتال وطفيل.
تغذية المسلحين
بعد سيطرة الجيش السوري على منطقة القلمون حوصر المسلحون في جرود القلمون الفوقا لتنقطع خطوط إمدادهم عن قرى ومدن القلمون بالكامل، خصوصاً بعد السيطرة على طفيل اللبنانية، وفصل جرد الزبداني عن جرود بريتال وعرسال وصولاً الى القاع ومشاريع القاع. وعليه، لا يمكن الحديث عن تغذية لآلاف المسلحين من القلمون السورية. ربما ينجح راع أو مسلح متسلل من الإفلات من النقاط العسكرية المنتشرة بكثافة بين قرى القلمون، بدءاً من عسال الورد (سوريا) على الحد مع طفيل (لبنان)، وصولاً إلى البريج والرحيبة على حدود جرود القاع، ويأتي ببعض الإمدادات الفردية، ولكن لا إمكانية نهائياً لتغذية بالجملة لآلاف المسلحين.
وعليه، تبقى المعابر غير الشرعية نحو عرسال، وتحديداً المخيمات الواقعة خارج حواجز الجيش اللبناني، والتي تصلها الإمدادات، هي خط التغذية الرئيسي للمسلحين. ويبلغ عدد المخيمات التي تقع خارج سيطرة الجيش اللبناني نحو 14 مخيماً بعضها صغير والبعض الآخر متوسط الحجم.
الأسلحة
يمتلك المسلحون تشكيلة واسعة من الأسلحة الثقيلة والخفيفة، تتنوع ما بين رشاشات ثقيلة من عيار 23 ملم و14.5 ملم و12.7 ملم (دوشكا)، ويبلغ عددها نحو 150 رشاشاً ثقيلاً.
ويمتلكون أيضا المئات من الصواريخ المضادة للدروع (موجهة)، منها “كورنيت” بمدى خمسة كيلومترات، و “فاغوت” بمدى أربعة كيلومترات، و “تاو” وهو صناعة أميركية يصل مداه الى 4 كيلومترات، و “رد آرو” (3.5 كيلومتر) وهو صناعة صينية الأصل قامت باكستان بتقليده، وهذان سلاحان لا يمتلكهما الجيش السوري نفسه.
ولدى المسلحين عدد قليل من الدبابات وناقلات الجند، ومدافع هاون وصواريخ بصناعة محلية وصواريخ 107 (ميني كاتيوشا) يصل مداها إلى نحو سبعة كيلومترات، و “غراد” بمدى 22 كيلومتراً، بالاضافة الى جرافات وشاحنات كبيرة.(وطنية)