حين تفتقت عبقرية الشاب التشيكي فيت جيديكا بتأسيس “جمهورية أرض الحرية” “ليبرلاند” في منطقة محايدة بين صربيا وكرواتيا، لم يكن يعلم انه رمى بحبل الأمل الى آلاف العرب الهاربين من شلالات دم “الربيع العربي” والباحثين عن طرق أخرى غير “قوارب الموت”، الى أرض الاحلام و”الجمهورية الفاضلة” في قلب أوروبا.
القصة بدأت أشبه بنكتة او”كذبة نيسان”، عندما قرر شاب ناشط سياسي (31 سنة) من تشيكيا الإفادة من أرض بمساحة سبعة كيلومترات مربعة غرب نهر الدانوب تتنازع عليها كرواتيا وصربيا منذ العام 1947، ليُعلن قيام دولة مستقلة فيها باسم “Liberland”، قائلاً ان الوقت “لا يتأخر أبداً كي يؤسس المرء دولته المستقلة على رقعة صغيرة من الأرض”. هي “دولة ذات سيادة” اختار جيديكا لها اسم “جمهورية أرض الحرية” واعتمدت التشيكية والانكليزية لغتين رسميتين للدولة بنظام حكم “جمهوري دستوري تُطبق فيه كل مبادئ الديمقراطية” قائمة على أسس “الحرية السياسية والاقتصادية والشخصية”. هذه “الحرية” ليست مكفولة بقوة السلاح والشرطة السرية والجيش العقائدي، بل لأن “السياسيين لا يمكنهم التدخل في حريات الشعب”… غير الموجود بعد.
فخامة “الرئيس” اختار لـ”جمهوريته” علمها الخاص وهيئتها القيادية (ثلاث شباب وفتاة)، ورسم حدود هذه “الدولة” كي يتجنب مطالب جغرافية من جارتيه الكبريين: صربيا وكرواتيا. ووضع شعارها بـ”عش ودع غيرك يعيش”، الذي هو أشبه بالنشيد الوطني. وباتت جميع أسس الدولة موجودة للحصول على اعتراف الدول والامم المتحدة بهذا الكيان الذي تزيد مساحته على الفاتيكان وإمارة موناكو. هناك رئيس وحدود وعلم وشعار ومبادئ… وبقي الشعب، فما كان من “الرئيس” إلا ان أعلن مناقصة لقبول مواطنين من كل انحاء العالم. وكي يصبح المرء “ليبرلاندياً”، عليه ان “يحترم الآخرين وآراءهم على اختلاف أصولهم وأعراقهم ودياناتهم وان يحترم الملكية الخاصة وعدم المساس بها وألا يكون له تاريخ نازي أو شيوعي أو يتبنى في الماضي أي فكر متطرف وألا يكون عوقب عن جرائم ارتكبها”.
خلال أيام من إعلان تأسيس هذه “الجمهورية”، وصل الى مكتب “الرئيس” نحو 20 ألف طلب جنسية مع توقع ان يصل العدد الى مئة ألف خلال أسبوع. كما قفز مشتركو صفحة “الجمهورية” على موقع “فايسبوك” الى 60 الفاً خلال أيام، اضافة الى 500 مشترك بالنسخة العربية لهذه “الجمهورية”. وكان الإقبال العربي على الطلبات لافتاً، إذ أظهر منتدى الحوار الموجود على صفحة “الجمهورية” في الانترنت، وجود 318 عربياً يشاركون في النقاش مقابل ألف شخص يتحدثون بالانكليزية وسبعة هولنديين. وكتب شاب عربي: “سأكون ليبرلاندياً حتى النخاع”، فيما سأل آخر عما اذا كانت ستكون في هذه الدولة “اجهزة استخبارات وسجون”. وعندما قال سمير انها بمثابة “باب للهجرة الشرعية”، أمل آخر بوداع “قوارب الموت” التي تنقل العرب من جحيم الحروب. واضاف: “ليبرلاند لا تنسوا انها تقع في أوروبا، لذا يجب علينا نحن العرب ان نعيش فيها بعقلية اوروبية من حيث الحرية والاحترام المتبادل والنقاش الراقي”. أما أحد الإسلاميين، فكانت “أمنيته” ان يكون “لنا الشرف لبناء أول مسجد ومكتبة اسلامية” في الارض الموعودة.
المحبط في الأمر للباحثين عن أرض الأحلام، ان فخامة “الرئيس” لن يقبل سوى حوالي 3500 مواطن.