فاز الزعيم اليساري ألكسيس تسيبراس في الانتخابات اليونانية المبكرة الأحد، فتقدّم بثلاث نقاط على الاقل على اليمين المعارض بزعامة فانغيليس مايماراكيس، بعد اقتراع حاسم أي بنسبة 36% مقابل 28% للمحافظين.
على الرّغم من الإجراءات التقشّفيّة في تموز شهر الماضي الأكثر تشددًا في البلاد وهي الثالثة لليونان في خمس سنوات مقابل الحصول على خطة انقاذ مالية ليبقى في منطقة اليورو، نجح وتمكّن من فرض شروطه على الإتحاد الأوروبي من خلال الدّيون وحصل عليها شرط ألا يخرج من السّوق الأوروبية المشتركة .
ألكسيس تسيبراس هو زعيم حزب اليسار المعروف بقربه من روسيا، فضلاً عن ان الشّعب اليوناني الورثوذكسي قريب من الشّعب الروسي الأورثوذكسي، فالأورثوذكسية تجمعهما.
غير أن التساؤل يطرح كيف يلتقي اليسار مع الأورثوذكس؟
في الواقع، يعتبر هذا اليسار إشتراكي وليس شيوعي وبالتّالي روسيا لم تعد دولة شيوعيّة.
والجدير بالذّكر أن الإدارة الأميركية طلبت من اليونان عدم السّماح للطائرات الرّوسية من المرور بالأجواء اليونانية غير ان اليونان رفضت.
من هو أليكسيس تسيبراس الذي يريد أن يتحدى أوروبا ومؤسساتها بل يهدد الاتحاد الأوروبي بأكمله في حال نجحت اليونان خارجه؟
يعتبر تسيبراس (40 عامًا) أصغر يوناني يشغل منصب رئيس الحكومة، بعد فوزه في الانتخابات التي جرت أمس الأحد، وقد أدى اليوم اليمين الدستورية مساء اليوم الإثنين وبدأ مشاوراته لتشكيل الحكومة.
ورغم أنه لاينتمي لعائلة سياسية على غرار احتكار عائلات معروفة للسلطة في اليونان إلا أنه شغف بالنشاط السياسي في مرحلة مبكرة ولعبت زوجته دورا كبيرا في ذلك.
ودفعته صديقته بيتي بتزيانا (التي أصبحت زوجته) لينضم إلى جمعية الشبيبة الشيوعية. وعندما اقترحت الحكومة خصخصة التعليم في عام 1990، قاد تسيبراس البالغ من العمر 16 عامًا الاحتجاج في مدرسته الثانوية لمعارضة تلك الإجراءات.
فقد اكتشفه اليونان ممثلا لحركة طلابية في برنامج تلفزيوني عام 1990، مؤكدا بحزم رغم أعوامه الـ17 “نريد الحق في اختيار متى ندخل المحاصصة السياسية في الحكومة”. وهو معجب كثيرا بالمناضل تشي غيفارا إلى درجة أنه أطلق على ابنه اسم أرنستو”.
معروف عن تسيبراس أيضا، تأييده الشديد للقضية الفلسطينية ومناهضته للسياسات والممارسات الاستيطانية “الإسرائيلية” في الأراضي الفلسطينية، وتأييده لقيام دولة فلسطينية، ومعارضته للتعاون العسكري بين بلاده والكيان “الإسرائيلي”.
وفي ذلك كان آخر نشاط له قيادته لمظاهرة في أثينا ضد الحرب العدوانية الأخيرة على قطاع غزة.
ذعر في إسرائيل مع فوز اليوناني أليكسيس تسيبراس الذي طالب بالحرية لغزة
كما شارك تسيبراس أيضا في الأسطول البحري «الفلوتيلا» لكسر الحصار عن غزة في أيار/ مايو 2010.
دخل الحزب الشيوعي اليوناني وعمره لم يتجاوز 17 سنة ومنذ ذلك اليوم لم يغادر معسكر اليسار. أب لولدين، التحق في 2004 باللجنة المركزية لحزب “سيريزا” قبل أن يتولى منصب الرئيس في 2008.
في عام 2009، وبمناسبة الانتخابات التشريعية، حصل حزبه على 4.6 بالمئة من الأصوات، أي 13 مقعدا فقط في البرلمان اليوناني وفقا لفرانس 24.
دوليا، يبقى أليكسيس تسيبراس غير معروف جدا بالرغم من أنه بدأ في الظهور على الساحة السياسية الأوروبية بفضل انتقاداته اللاذعة التي وجهها للمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل وللرئيس فرانسوا هولاند الذي كان يرى فيه الاشتراكي الذي كان قادرا على التأثير على السياسة الألمانية.
شاهد أليكسيس تسيبراس البؤس الذي حل بمن حوله من اليونانيين بسبب سياسات الحكومة التي رضيت بشروط الاتحاد الأوروبي، فأصبح من أبرز المناهضين لسياسة التقشف التي فرضها الاتحاد الأوروبي على اليونان منذ 2010. وهو يريد أن يجري محادثات جديدة لإعادة جدولة هذه الديون (أكثر من 300 مليار يورو) أو تقليصها. زعيم “سيريزا” يحلم بأوروبا متضامنة وشريفة وليس بأوروبا الليبراليين والمؤسسات المالية”.
وقال غداة فوزه في الانتخابات التشريعية بـ149 مقعدا من أصل 300: “اليونان سيترك وراءه سياسة التقشف التي سببت لنا مشاكل عدة وسيترك أيضا وراءه الخوف وخمس سنوات من الإذلال”.
وأكد أن أولويته تكمن في إعادة التفاوض مع الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي على جزء كبير من دين بلاده العام (175% من إجمالي الناتج الداخلي) من أجل الانتعاش ووضع حد للتقشف، الأمر الذي يقلق الدائنين والأسواق.
ارتفاع رصيد “سيريزا” الانتخابي
بدأ أليكسيس تسيبراس بفرض نفسه على الساحة السياسية اليونانية منذ خمس سنوات تقريبا، لكن في غضون ثلاث سنوات، ارتفعت حصيلة سيريزا الانتخابية خمسة أضعاف.
ففي انتخابات 2012 التشريعية حل ثانيا خلف “الديمقراطية الجديدة” برئاسة أنتونيس ساماراس (يمين)، وتصدر الانتخابات الأوروبية في الربيع الفائت.
منذ هذه الانتخابات حيث تصدر لائحة اليسار الأوروبية، بدأ تسيبراس يصقل صورته دوليا. فبعد تحسن كبير في إتقانه اللغة الإنكليزية، كثف رحلاته إلى الخارج، وزار رئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراغي ووزير المالية الألماني وولفغانغ شاوبله المدافع عن سياسة التقشف التي يرفضها، وكذلك البابا فرنسيس. نشأ وترعرع في عائلة متوسطة، والده كان يملك شركة للبناء عمل فيها كمهندس. ولد أليكسيس تسيبراس في عام 1974 بعد ثلاثة أيام فقط من سقوط دكتاتورية.