وطنية – أحيت بشامون ذكرى الاستقلال باحتفال أقامه رئيس المجلس البلدي والاعضاء والمختار والهيئة الاختيارية وبيت الاستقلال وعموم اهالي، في باحة بيت الاستقلال في البلدة، حضره الوزير ارتيور نظاريان ممثلا الجمهورية اللبنانية، رئيس “الحزب الديمقراطي اللبناني” النائب طلال ارسلان، الوزير أكرم شهيب، الوزير السابق محمود عبد الخالق، النائب السابق مروان ابو فاضل، العقيد سامي طانوس ممثلا قائد الجيش، العقيد وليد شيا ممثلا رئيس الاركان، العقيد محمد الدستوقي ممثلا المدير العام لقوى الامن الداخلي، محافظ الجنوب منصور ضو، قائمقام عاليه السيدة بدر زيدان، رئيس المحكمة الدرزية العليا القاضي فيصل نصر الدين، رئيس الدائرة الثانية في الامن العام العقيد كمال صفا، رئيس بلدية بشامون حاتم عيد والمختار انور الحلبي، المندوب السياسي في جبيل في “الحزب السوري القومي الاجتماعي” حسام العسراوي ممثلا الحزب، رئيسا اتحادي بلديات الغرب وليد العريضي وجرد عاليه وبحمدون يوسف شيا، منفذ عام الغرب في “الحزب السوري القومي الاجتماعي”- جناح الوزير علي حيدر وفاعليات وحشد كبير من الحضور.
بعد النشيد الوطن ودقيقة صمت على أرواح الشهداء، تحدث معرفا المهندس رمزي ابو طربيه، ثم القت حفيدة صاحب بيت الاستقلال حسين الحلبي مي الحلبي طربيه كلمة قالت فيها: “في قرية بشامون بيت عريق ورجل شجاع كريم الاخلاق، رجل عزيمة وعزم، انه المرحوم الشيخ حسين الحلبي الذي أصر بعزم الرجال ان يكون منزله مقرا لأركان الدولة والحشود التي كانت برفقة ابطال الاستقلال الامير مجيد ارسلان والرئيس صبري حمادة والرئيس حبيب ابو شهلا، وفي هذا البيت رفع أول علم لبناني وصدرت منه أولى المراسيم والبيانات”.
شهيب
وألقى شهيب كلمة قال فيها: “في بيت الاستقلال نلتقي، وفيه نحيي الذكرى الثانية والسبعين لاستقلال لبنان وفاء للرجال الرجال. في بيت المرحوم الشيخ حسين الحلبي، الذي حفز الاستقلال اسما لبيت شهامة وفروسية في معقل الشهامة والفروسية، بشامون، بيت الوطن، بشامون الاهل، الحافظة بأبنائها وبناتها، ذكرى صانعي العزة والكرامة والحرية والاستقلال، رافعة على البيت أول علم لبناني، أملنا ان يبقى مرفوعا في دولة تواقة الى صدق ونهج الامير مجيد ارسلان والى فكر وعقل كمال جنبلاط لتستعيد الرمز الذي يكاد يضيع في زمن الانقسام والتعطيل، هذا التعطيل الذي نرجو ان نخرج منه سريعا لتستعيد الدولة هيبتها وثقة اللبنانيين الذين عطل الانقسام مصالهم وحقوقهم ويكاد يعطل كل مؤسسات وطنهم”.
أضاف: “لبيت الاستقلال الرمز واهله ولبيت الوطن بشامون واهلها، ولكل المواطنين المؤمنين بلبنان الحرية والعزة والاستقلال والازدهار والتقدم، تحية العيد الجامع للوطن والوطنيين، عسانا جميعا نعيد لبنان ألقا أراده رجال الاستقلال ويريده كل مؤمن بلبنان الوطن. وعسانا جميعا نحافظ على البيت الواحد الموحد للوطن بكل ابنائه. وحبذا لو كانت صورة الوطن، كما صورة هذا البيت، كما صورة هذا الجبل، وفاقا وتفاهما وتعاونا وعيشا واحدا ليبقى الجبل ميزان الوطن وليبقى لبنان جديرا بالاستقلال”.
وختم شهيب: “في هذا العيد وفي كل عيد تحية للجيش اللبناني وتحية للقوى الامنية كافة الساهرين على أمن هذا الوطن في ظل هذه الظروف”.
كلمات
وألقى الشاعر غسان ابو علي قصيدة من وحي المناسبة. ثم القى حاتم الحلبي كلمة عائلة الحلبي فنوه بصاحب البيت وعائلته الذي قدم المنزل لابطال الاستقلال رغم الخطر. كما ألقى نسيب الشامي كلمة شهيد الاستقلال سعيد فخر الدين.
وتحدث رئيس بلدية بشامون، فقال: “انها مناسبة عيد الاستقلال، المناسبة الغالية على بشامون وعلى كل لبنان. في هذا اليوم المجيد نجتمع لنكرم دماء وتضحيات كل الابطال الذين أوصلونا الى الحرية والى العيش في وطن يشترك جميع ابنائه في ادارته ونهضته وازدهاره. لقد أبت هذه البلدة الوديعة ان ترزح تحت الاستعمار، فانتفضت مع الابطال الذين نذروا أنفسهم للدفاع عن الوطن وعن كرامة أرضه وأهله. في هذا البيت العريق التقى الثوار من بشامون مع أركان ورجالات الاستقلال، الامير مجيد ارسلان والاستاذ حبيب ابو شهلا والرئيس صبري بك حمادة، وانضم اليهم مجموعة كبيرة من المفكرين والادباء والمقاومين الذين قدموا الدماء في سبيل الاستقلال وأخص بالذكر الشهيد سعيد فخر الدين من بلدة عين عنوب، البلدة الجارة والشقيقة لبلدتنا بشامون”.
أضاف: “في هذا البيت العريق كان القرار الشجاع بإعلان الاستقلال وتم رفع العلم اللبناني فوق أركانه، العلم الذي رسم باليد ليبقى راية خفاقة عالية على مر الازمان. وصور الامير مجيد ارسلان يقبل العلم اللبناني يومها. تبقى في ذاكرتنا راسخة وحاضرة نورثها الى الاجيال القادمة. يوم الاستقلال يوم فخر واعتزاز وهو محطة لمراجعة ما تم بناؤه وإنجازه في هذا الوطن، وطن الأجداد، وطننا، وطن الابناء والاحفاد والاجيال اللاحقة، فلنعمل بجد واخلاص كل في مجاله لانه يستحق منا كل التضحيات”.
وتابع: “المناسبة ليست بمناسبة عابرة تمر مرور الكرام، لذلك نرى معنا ابطالا من زمننا الحاضر يتقاسمون معنا فرحتنا، فرحة استقلال الوطن. ابطال ورثوا التاريخ حافظا عليه، لا بل هم قادرون على صنعه من جديد لانهم ابطال كلمة وموقف وقرار شجاع وفي طليعة من أعنيهم بكلامي ابن بطل الاستقلال الامير طلال مجيد ارسلان، ابن البيت العريق والذي بفضله وسعيه الدؤوب معنا تم إدراج اسم بشامون من ضمن القرى والاماكن المعنية رسميا بذكرى الاستقلال، وهكذا أصبحنا نحتفل كل عام بهذه المناسبة بحضور رجالات الدولة المحترمين. ومن رجالات الزمن الحالي أخص بالذكر المخلص والوفي لبشامون وكل لبنان سعادة النائب والوزير أكرم شهيب الذي يسعى دوما للوصول الى لبنان أفضل، الوطن يستمر بكم يا أهل الوفاء والتضحية”.
وختم: “من بيت الاستقلال بالتحديد لا يسعنا سوى الشكر والتقدير لابناء المغفور له محمد حسان الذين قاموا مقام الدولة في اعمال الترميم والتحديث من مالهم الخاص لكي يبقى هذا البيت منارة ومقصدا ومتحفا يليق بلبنان وأجياله القادمة. على أمل اللقاء في السنة القادمة أشكر كل من شاركنا في هذا اليوم المجيد ونتمنى للجميع كل الخير والمحبة”.
ارسلان
بعد ذلك ألقى ارسلان كلمة قال فيها: “الحديث عن الإستقلال، في هذا الزمن الرديء الذي يعيشه وطننا المفدى لبنان، والعالم العربي بأسره، يحتم الصدق أولا في تحديد ظروف الإستقلال والقيم التي يحملها، لا سيما وأن الإنحطاط العام على صعيد الإنتماء والثقافة حمل تزويرا بنيويا لمفهوم الإستقلال ولرواية الحدث الإستقلالي بما لا يخدم مصلحة لبنان الوطن، وبما يطعن الحقيقة التاريخية في الصميم، فجاء هذا التزوير ليخدم، عن قصد أو عن جهل وعن غير قصد، الإستعمار الذي نراه اليوم يستنهض قواه ويجدد شبابه”.
أضاف: “أول التزوير الذي تفشى عبر الثقافة الزائفة التي واكبت عملية طعن الإستقلال، تمثل بالقول أن الإستقلال كان هبة وهدية من المستعمر. وهذا خطأ كبير بحق الإستقلال وكفاح شعبنا لنيل الإستقلال، وبالتالي بحق الوطن ومبدأ الوطنية والإنتماء. فالإستعمار ليس في قاموسه تقديم الهدايا للشعوب. الإستعمار لم يكن في يوم من الأيام جمعية خيرية يوزع الهدايا على الشعوب، بل إن طبيعته تقضي بالفتك والقتل وتهديم الثقافات وإلغاء الهويات الوطنية. إن استقلال لبنان انتزع انتزاعا من بين أنياب المستعمر، رغم أنف المستعمر وإرادته. وحقيقة الأمر، وهذا ما يجب التركيز عليه، أن المستعمر حين وجد أنه لم يعد في مقدوره الإحتفاظ بالسيطرة على بلادنا، أذعن للأمر الواقع، فكان الإستقلال. كيف حدث ذلك؟ كانت جيوش الجمهورية الثالثة الفرنسية تحتل بلادنا وتعطي شرعية دولية لهذا الإحتلال من خلال صك الإنتداب علينا بقرار من عصبة الأمم، استمر هذا الإحتلال قرابة العشرين سنة، إلى أن وقعت الدولة الفرنسية بدورها تحت الإحتلال الألماني”.
وتابع: “نتج عن ذلك أن فرنسا انقسمت على نفسها، بين مؤيد للاحتلال ومتعامل معه، أي حكومة فيشي، وبين رافض للاحتلال ومقاوم له، أي حكومة فرنسا الحرة بقيادة الجنرال ديغول. ومع انقسام فرنسا على نفسها وقيام شرعيتين، انقسمت الجيوش الفرنسية على نفسها على امتداد مناطق الإحتلال، ومنها لبنان وسوريا. فنشأت صدامات بين جيش فرنسا الحرة وجيش فرنسا فيشي، وانقسام الجيوش على نفسها مصدر ضعف وليس مصدر قوة. وفي تلك الأثناء كانت قد تولدت قناعات في الأوساط الوطنية في لبنان كما في سوريا، كما في العراق وفلسطين، تقول بضرورة الإستفادة من انشغال الفرنسيين ببعضهم البعض، وكذلك إنشغال الإنكليز بالحرب لانتزاع الإستقلالات في لبنان وغير لبنان، من الإستعمارين الفرنسي والبريطاني”.
وقال: “بات علينا الإستفادة من هذا الظرف والضغط لانتزاع الإستقلال فورا، لأن الفرصة مؤاتية وقد لا تتوفر في مرحلة ما بعد انتهاء الحرب. ولقد واكب ذلك اتصالات وتنسيق ما بين القوى الوطنية في لبنان وسوريا والعراق وفلسطين لكي تحصل الضغوط في آن معا، بينما تستفحل المواجهات ما بين دول المحور والدول الحليفة. هذا الضغط والإصرار على الإستقلال والإصرار على مواجهة تسلط الإحتلال، هو الذي أدى إلى الإستقلال، لأن المستعمر تأكد في ضوء هذه الضغوط والتي كانت منارتها الكبرى في الثورة السورية العظيمة في العشرينات بقيادة المجاهد الكبير سلطان باشا الأطرش، تأكد المستعمر أنه لم يعد قادرا على الإحتفاظ باحتلال لبنان وسوريا.
أضاف: “هنا أهمية بشامون وحكومة بشامون. من هذه الأرض بالذات، معقل بطل الإستقلال المغفور له الأمير مجيد أرسلان الذي تربى أساسا على العداء للإستعمار، أيا كانت هوية الإستعمار. هنا بلغت الحركة الإستقلالية ذروتها بالقرار الحاسم الذي اتخذه الأمير مجيد في المواجهة. وقد لبى الوطنيون وفي مقدمتهم أبناء هذا المعقل الوطني، النداء. فكان الخيار، الإنتصار بانتزاع الإستقلال أو الإستشهاد. حاولت القوات الفرنسية مرارا اقتحام هذا المعقل الذي تحول بسرعة مدهشة إلى منارة تستقطب المجاهدين، بما في ذلك منهم من شارك في الثورة السورية الكبرى وتدفقوا بالعشرات ثم بالمئات لتلبية نداء الواجب، فأيقنت قوات الإحتلال أن تكلفة المضي في المواجهة ستشعل في وجههم الجبل بأكمله وأن النيران ستمتد في وجه المستعمر المنقسم على نفسه، لتشمل سوريا حيث لم تكن دماء آلاف الشهداء قد جفت بعد”.
وتابع: “باختصار، أيقن المستعمرون أن عليهم الخضوع للإرادة الوطنية، فخضعوا لها مكرهين. لقد كان اختيار الأمير مجيد لهذه النقطة بالذات من الجبل ناجم عن التصميم الحاسم. بالذهاب حتى النهاية في معركة الإستقلال مهما كانت النتائج. فالطبيعة الجغرافية لبشامون حيث لم يكن يوجد سوى ممر واحد للوصول إليها، مما يعرقل عسكريا تقدم الإقتحام أمام القوات الفرنسية، كان خيارا ناجحا للغاية بدليل فشل محاولات الإقتحام، وسقوط أعداد من القتلى والجرحى الفرنسيين في وجه الإستبسال المشرف الذي أظهره المدافعون عن هذا المعقل المنيع، ووقوف كل أبناء الجبل، من الشويفات إلى رجال الأرياف الداخلية وقفة الأسود في خوض معركة الكرامة والإستقلال، بدليل أنه مقابل عشرات القتلى والجرحى في صفوف القوى المهاجمة سقط شهيد واحد من المجاهدين. شهيدنا الحبيب المجاهد سعيد فخر الدين الذي نحيي دماءه الزكية، شهيد واحد يختصر أعدادا كان يمكن أن يرتقوا شهداء للوطن، بالمئات وربما بالآلاف، لو لم يخضع المستعمر للأمر الواقع، فيحد سلفا من الخسائر التي كانت بانتظاره لو استمر في عناده”.
وقال: “في سياق إصرارنا الدؤوب على تصحيح رواية الإستقلال، لا بد من إعطاء كل ذي حق حقه. إن أبناء بشامون والمنطقة الأشراف الشجعان شكلوا الدرع الفولاذي الوطني للبنان بأكمله، إذ ظن الإستعمار أن في وسعه أن يكرر في هذه النقطة بالذات ما سبق أن فعله قبل أعوام في ميسلون، حيث وقف وزير الدفاع يومها المجاهد البطل يوسف العظمه وقفة الكرامة، فكان الشهيد الرمز الذي تعرفون. ومنذ ذلك التاريخ راحت أقلام وأصوات فلول الإستعمار تطلق حملات التضليل بخبث ما مثله خبث، لتسخيف وقفة بشامون ومعركة الإستقلال وتصويرها على أنها هدية من المستعمر. وإذ نعيد الأمور إلى نصابها، لا بد من أن نذكر باحترام شديد الموقف المشرف لكل من الرئيس صبري بك حمادة والوزير حبيب أبي شهلا، وقد وضع كل منهما دمه على كفه أسوة بأبناء المنطقة بكاملها، وأبديا الإستعداد الكامل للذهاب في المواجهة حتى النهاية. حكومة بشامون وقفت سدا منيعا أمام محاولات الفرنسيين لزرع إسفين بينها وبين رجالات الإستقلال وبالأخص منهم من كانوا معتقلين في قلعة راشيا، فرفضت الحكومة أي حوار مع المستعمر وكانت كلمتها واحدة: إذهبوا وحاوروا رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة والوزراء والقادة الوطنيين المعتقلين في راشيا، فنحن منهم وهم منا ولن يفرق بيننا أحد، ومطلبنا واحد، الإستقلال، الآن، الإستقلال، فورا. هكذا انتزع الإستقلال انتزاعا. ويا ليت أهل السياسة اليوم يقتدون بوطنية أهل السياسة وشجاعتهم في الأمس، فيغلبون التضامن الوطني على خياراتهم الشخصية. مسؤوليتنا اليوم هي في استعادة دولة الإستقلال، ولا يكون ذلك إلا بإقامة دولة العدالة والقانون وركيزتها الأولى إلغاء نظام التمييز العنصري بين اللبنانيين، هذا التمييز العنصري المعيب المسؤول الأول عن الفساد والإفساد الذي يعم في بلادنا ويجعل من الدولة مجرد دولة افتراضية مشرعة الأبواب والنوافذ أمام كل أنواع التدخلات الخارجية”.
بعدها جولة في بيت الاستقلال.