يتوقّع أن يحلّ رئيس الحكومة السابق سعد الحريري ضيفاً في الساعات القليلة المقبلة في مقرّ الرئاسة الثانية في عين التينة، ليلتقي رئيس المجلس النيابي نبيه بري. ستكون الرئاسة الشاغرة البند شبه الوحيد في اللقاء الذي ستشكّل نتائجه عاملاً حاسماً على صعيد الاستحقاق الرئاسي.
أعادت عودة الحريري الى بيروت رفع نسبة التفاؤل الرئاسي في أوساط الرابية. هناك من يردّد، من المقرّبين من العماد ميشال عون، كلمة “خلصت”. يشير مصدر قريب من “الجنرال” الى أنّ التفاؤل الرئاسي الحالي يختلف عن سوابقه. “الكذب علينا هذه المرّة ستكون له عواقب وخيمة على الجميع” يقول. ويضيف: “لن يكون وصول العماد عون انتصاراً لفريقٍ على آخر، لأنّ وصوله سيكون بتسوية سياسيّة وبتوافق يحفظ الدستور والميثاق بتوازناته ويحدّ من أضرار الفريقين المحلّي والخارجي اللذين كانا يعارضان انتخابه”.
وفي ظلّ عدم ترجمة التفاؤل “العوني” الى مواقف علنيّة حتى الآن، برز “غزلٌ” برتقالي هو الأول منذ فترة طويلة بالحريري العائد الى بيروت، عبر مقدّمة نشرة الـ “أو تي في” التي أملت “أن تكون عودته بداية لعودة الاعتدال الوطني، والاعتدال الإيماني، والاعتدال السياسي والمؤسساتي والدستوري والميثاقي”. وسألت: “أيّ تغيير ستحمله عودة الاعتدال الحريري، على الموعد الرئاسي المقرر بعد ثلاثة أيام في 28 أيلول، أو على ما بعده، أو ما بعد ما بعده؟ فهل تكون عودته إلى العاصمة اللبنانية، هي الخطوة ما قبل الأخيرة؟ تليها خطوة- مفاجأة ما، في مكان مفاجئ ما، لتكرس اتفاقا ميثاقيا تاريخيا يعصم كل لبنان؟”.
والأبرز، في المقدّمة إيّاها، الإشارة الى أنّ عودة الحريري تأخّرت ثلاثة أيّام عن موعدها المقرّر، ما يعني، تحليلاً، وجود تواصل مع الرابية أو من يمثّلها شمل موعد العودة.
في مقابل تفاؤل الرابية يبرز صيفٌ وشتاءٌ رئاسيّ فوق سماء “بيت الوسط” الذي استعاد حركته يوم أمس. أبدى الحريري، أمام بعض من التقاهم كما أثناء تأديته لواجب العزاء في منزل أصدقاء له في العاصمة، ليونة كبيرة تجاه عون بلغت حدّ الكلام عن تغليب مصلحة البلد إذا اقتضت انتخاب الأخير رئيساً.
هذا صيفاً، أمّا شتاءً فكرّرت أوساط في تيّار المستقبل الكلام السابق عن أنّ لا شيء تغيّر في الموقف الرئاسي الداعم للنائب سليمان فرنجيّة، في ظلّ توقّعات أن يكون حصل أو سيحصل تواصل هاتفي بين الحريري وفرنجيّة هنّأ فيه الأول الثاني على زفاف نجله.
وتوقّف أحد السياسيّين المقرّبين من “المستقبل” عند وجود تناقضٍ واضح في مقاربة التيّار الأزرق للاستحقاق الرئاسي بين مصادر تؤكّد انفتاحاً تجاه عون، وأخرى تصرّ على أنّ لا بديل عن فرنجيّة. علماً أنّ بعض من التقى أو تواصل مع الأخير لمس لديه ارتياحاً بأنّ لا تطوّرات رئاسيّة قريبة.
ولكن، وسط حالة الضياع الرئاسي هذه، تبدو الأنظار متّجهة نحو “الأستاذ”. يملك نبيه بري قدرة تفوق غيره من اللاعبين السياسيّين على “الحلّ والربط” رئاسيّاً. يرفض رئيس المجلس انتخاب عون بشكلٍ قاطع، أقلّه حتى الآن. هناك من يتوقّع أن يقوم بري بشدّ أعصاب الحريري المستعجل رئاسيّاً، أكثر من أيّ وقتٍ مضى. وهناك من يقول إنّ اصطدام رئاسة عون بحائط بري ستؤدّي الى توتّر في علاقة الرابية بحزب الله غير القادر على تعديل موقف حليفه. وهناك من ينسف ما سبق كلّه ليؤكّد أنّ لا رئاسة لبنانيّاً قبل الانتخابات الرئاسيّة الأميركيّة وتعديل موازين القوى في سوريا وحصول تواصل بين الرياض وطهران؟
ولكن، إن صحّ ذلك، هل سيقلب عون الطاولة، حتى على بعض الحلفاء؟