حفل تكريم الأمير شكيب أرسلان بدعوة من القائم بالأعمال السعودي بحضور أرسلان

وطنية – عقد في دارة السفير السعودي في اليرزة، الملتقى الثقافي الرابع عن “شكيب ارسلان أمير البيان”، بدعوة من القائم بالأعمال السعودي المستشار وليد البخاري، في حضور رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني وزير المهجرين الأمير طلال أرسلان، رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط، وزراء: الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، الثقافة غطاس خوري، والتربية والتعليم العالي مروان حماده، والنواب: وائل أبو فاعور، غازي العريضي ونعمه طعمه.

حضر أيضا الوزيران السابقان ليلى الصلح حمادة ومروان خير الدين، النائب السابق فارس سعيد، قاضي المذهب الدرزي القاضي غاندي مكاري ممثلا شيخ عقل الموحدين الدروز، رئيس اللجنة الثقافية في المجلس المذهبي الدرزي الشيخ سامي أبي المنى، السيدة منى الهراوي، إلى جانب عدد من السفراء العرب وشخصيات فكرية.

البخاري
بداية، كلمة لمقدمة الاحتفال الإعلامية لينا دوغان، ثم القى البخاري كلمة رحب فيها بالحضور، وقال: “رحلة أمير البيان شكيب ارسلان الى البيت العتيق، بدأت من لوزان بسويسرا مرورا بنابولي التي أبحر منها على ظهر سفينة بريطانية، يصل الى مدينة جدة في يوم السبت 2 ذي الحجة 1347ه، 12 ايار 1929، بداية وقد وصفها بكتاب صدرت طبعته الأولى بعنوان “الإرتسامات اللطاف في خاطر الحاج الى أقدس مطاف” وأهداه الى الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود رحمه الله، تقديرا لنشره الأمن والعدل في ربوع بلاده، ولصيانته حق العروبة وحقائق الإسلام”.

أضاف: “نحتفي اليوم بشخصية رمزية وتاريخية رأت في الإسلام عقيدة جامعة والعروبة رابطة شاملة، ليأتي الملتقى الثقافي السعودي اللبناني الرابع بعنوان: شكيب ارسلان. امير البيان، ليظل عمق العراقة ممتزجا بعبق المهمة والرسالة، رسالة النهوض العربي، ورسالة الإسلام المستنير. ولا يزال اسمه حتى اليوم، محفورا في ذاكرة الأجيال، مرجعا إسلاميا وبطلا قوميا وقدوة في الإخلاص والتفاني”.

وتابع:” كان الأمير شكيب ارسلان يرى في الملك – عبد العزيز صورة القائد العربي النبيل القادر على تحقيق الآمال السياسية للعرب. كيف وهو القائل:”ان ابن سعود سخي اليد عظيم الحمية حافظ لتنشئة العرب الحقيقية”.

وختم: “كم نفتقد الأمير شكيب اليوم، رحمه الله، في فكره ونهجه وإخلاصه، ليبعث فينا روح العروبة وملامح الهوية الوطنية، ولنستلهم معا مواصلة المسير نحو ثقافة السلام والوئام”.

جنبلاط
ثم كانت كلمة للنائب جنبلاط شكر فيها بداية “المملكة العربية السعودية والقائم بأعمالها في بيروت على تنظيم هذا اللقاء وسعيها لإحياء ذكرى رجالات العرب والمسلمين”.

وقال: “كم تحتم الظروف القاتمة التي يمر بها العالم العربي والإسلامي العودة إلى فكر الأمير شكيب ارسلان الذي كان علما من أعلام الحداثة والتنوير. نستذكر في هذه المناسبة مسيرة الأمير شكيب في المجالات السياسية والفكرية والثقافية، وهو الذي ارتبط بعلاقة وطيدة مع الملك الراحل عبد العزيز آل سعود وقد حصلت بينهما مراسلات عديدة عكست الإحترام والفهم المتبادلين”.

وقال: “لقد أيد الأمير شكيب صراحة جهود الملك عبد العزيز لتوحيد الأراضي السعودية وأعلنها بوضوح في عبارته الشهيرة “هوانا مع آل سعود” وزار الحجاز مرات عدة متنقلا بين مكة المكرمة وجدة وسواهما من المناطق. نسج علاقات صداقة مع أعلام ذاك العصر من أمثال الإمام محمد عبده وجمال الدين الأفغاني والدكتور يعقوب صروف وأمين الريحاني ورياض الصلح والمجاهد الليبي بشير السعداوي وأمير الشعراء أحمد شوقي ومحمد علي الطاهر والملك محمد الخامس والحبيب بورقيبة وسعدالله الجابري والإمام يحيى ومحمد رشيد رضا وفارس نمر وعارف النكدي ومحمد كرد علي وشبلي الملاط وعارف الزين وسواهم في العالم العربي والإسلامي”.

وقال: “في كتابه الشهير بعنوان: “لماذا تأخر المسلمون ولماذا تقدم غيرهم؟ إعتبر شكيب ارسلان أن أسباب الإنحطاط هي الكسل والجبن والبخل وفساد الأخلاق والجهل والعلم الناقص والجمود. أوليست هذه الأسباب ذاتها تؤثر في مجتمعاتنا اليوم وتؤدي إلى تأخرها؟”.

وأردف:”من هنا، وفي هذه المناسبة، أدعو إلى التفكير ببعض الخطوات العملية للخروج من حالة التردي والإنحطاط التي نعيشها في عالمنا العربي والإسلامي:

أولا: وقف الحروب والنزاعات المسلحة في العالم العربي، وإفساح المجال أمام الحلول السياسية لتأخذ مداها في مختلف المناطق المشتعلة في العالم العربي. لقد أثبتت التجارب أن الحروب لم تكن سوى الخيار الأكثر كلفة للوصول إلى السلام. فلماذا لا نوفر على الأجيال الطالعة المزيد من التشريد والتسرب والإنكسار؟

ثانيا:التأكيد على أهمية التعليم ومحو الأمية لأنها الطريق الأمثل لمواجهة الجهل والتطرف والإنغلاق والتقوقع والتخلف، ولعلنا في هذا المجال نلفت أيضا إلى حتمية تجديد الفكر الديني من خلال تبني، على سبيل المثال، وثيقة الأزهر لمواكبة متغيرات العصر وتحدياته المتصاعدة ولتجنيب الشباب من الغرق في متاهات هي أبعد ما تكون عن الإسلام وتعاليمه.

ثالثا:التنمية هي حاجة ملحة في كل دول العالم العربي والإسلامي، فمكافحة الفقر يفترض أن تقع في رأس الأولويات. حلقة الفقر والتطرف والإرهاب مترابطة ومتراصة وكسرها يكون بإنتزاعها من جذورها الإجتماعية.

رابعا:وهو الأهم الحريات التي من دونها لا يتطور الفكر والمجتمع. فالتطور الحتمي نحو الحريات يؤسس للتكامل السياسي والإقتصادي العربي الذي نادى به كمال جنبلاط منذ زمن بعيد وهو يبدو خيارا ضروريا لإخراج المجتمعات العربية من دوامة التراجع المستمر. بقليل من الإرادة والتصميم والتنظيم يتحقق ذلك”.

وختم بالقول:”هذه كانت بعض الأفكار العامة. فلنعد إلى الأمير شكيب ارسلان، فذلك يساعد على الخروج من زمن القحط الفكري الذي نعيشه”.

ارسلان
ثم كانت كلمة للوزير ارسلان قال فيها:”عندما زارني سعادة القائم بالأعمال الأخ وليد البخاري، وطلب مني أن ألقي كلمة في هذا الحفل التكريمي، وتمنى ألا تتخطى الكلمة الثلاث دقائق، أدركت أنني لن أستطع إختصار الأمير شكيب ومسيرته بهذه الدقائق، وأعتذر سلفا عن أي تقصير قد يحصل، وليس غريبا على هذه الدار الكريمة أن تقدم على مبادرة فيها تحية الى أمير البيان، الامير شكيب ارسلان وما يمثله الامير النهضوي من قيم ثقافية – حضارية عربية وإسلاميه، جسدها على أرض الواقع فكرا وجهادا”.

أضاف: “كان المنارة الجذابة بين منارات الصحوة القومية والاصلاح الديني يدق نواقيس الخطر محذرا من الانحرافات الخطيرة الحاصلة في المجتمعات الاسلامية ومن أشدها سوءا تلك التي تغلب الطقوس على النصوص القرآنية الكريمة المنزلة. كما أطلق حملات النقد البناء دفاعا عن اللغة العربية التي تنتهك قواعدها وأصولها على يد العرب أنفسهم ولم يترك ميدانا من ميادين الحياة الثقافية والاجتماعية والسياسية والوطنية والدينية إلا وتناوله”.

أضاف: “كان المكافح من أجل الاستقلال والتحرر من الاستعمار يخوض الغمار بنفسه تماما كما حصل حين قاد تلك القافلة العملاقة التي تجاوزت ستمئة بين جمل وناقة عبر صحاري مصر وليبيا لإيصال السلاح الى المجاهدين الليبيين المقاومين للاحتلال الإيطالي، فقطع المسافات في الرمال الملتهبة وهو مريض يصارع الحمة الشديدة، فقدم نموذجا لما يفترض أن يكون عليه سلوك المثقف الملتزم وطنيا”.

وقال:”كان ينظر الى البلدان العربية نظرة المواطن الى وطنه بقلق شديد وحماس شبابي يديرهما توازن عقلي أمثل. وكل ذلك في حياة حكم عليه فيها بالتشرد من منفى الى منفى نتيجة اشتباكه المتواصل مع السلطات الاستعمارية المتعددة الجنسيات. كتاباته منذ 100 سنة ونيف صالحة تماما ليومنا هذا. وهنا قوة أفكاره وسلوكه القويم. كما لا ننسى بأنه هو صاحب فكرة إنشاء جامعة الدول العربية”.

وتابع: “نكرر الشكر لمبادرتكم الكريمه ونقدر معناها كل التقدير وهي تأتي في سياق تاريخنا المشترك الحافل بالتفاعل الاخوي النبي منذ عهد المؤسس جلالة الملك عبد العزيز آل سعود صديق الأمير شكيب ارسلان، واستمرت العلاقة مع المغفور له الأمير مجيد أرسلان، وهو تاريخ فعال وعلينا أن نحرص على صونه واستمراره وتطويره باذن الله. ويجب ألا ننسى وصية الأمير شكيب وهو على فراش الموت عندما توجه إلى العرب جميعا قائلا: “أوصيكم بفلسطين”.

وختم: “أختم بقول الشاعر العربي الأصيل الشيخ أحمد تقي الدين الذي قال للأمير شكيب: بجامع قرطبة قد جلست تناجي به الخلفاء العظاما، ولو قدر الشرق أفراده لكنت خليفته والإماما”.

خوري
والقى الوزير خوري كلمة قال فيها: “الإحتفاء بالرواد الكبار بمن يتجاوزون حدود الوطن، بأصحاب الرؤى، بالمجاهدين المناضلين من أجل أهداف كبرى، مثل هذا الإحتفاء يحزنا لنسير على خطاهم، لنجعلهم قدوة حية تنير دروبنا، لنربي أجيالنا القادمة على هداهم، لعلنا، لعلنا نرتقي ونتقدم، ننتج جديدا مفيدا لأوطاننا ولشعبنا”.

وقال:”هنا أود أن أشكر صاحب هذه الدار، الجامع للكبار في الثقافة والعلم والسياسة، حيث تتلاقح الأفكار، وتتثاقف لتنتج إن شاء الله”.

وتابع:”تحتفون بشكيب ارسلان؟ انه أمير البيان وأمير السياسة، وقت كانت السياسة مبادىء وأفكارا ومطالعات ودراسات ومواقف. أمير البيان، شاعر وصحافي ومؤرخ وأديب، سحر ببلاغته علماء عصره وكل عصر. وأمير السياسة، محترف، عنده رؤية مبنية على حقائق، تولد المبادىء، فإذا هو مناضل في سبيلها، وقد كلفته مبادؤه النفي بعيدا، فإذا به، من منافيه، يسعى بقوة أكبر للمناداة بقضاياه والكتابة فيها، مستفيدا من ثقافات الآخرين حيث كان، يقرأ ويحاور ويتعلم، ليجدد في أشكال نضاله، وأساليب سياسته. وهكذا فهم شكيب ارسلان الإسلام، موحدا، راقيا وموقظا. وفهم القضية العربية تضامنا لتوليد قوة توازي ما كان يقابلها من قوى آنذاك، وفهم القضية الفلسطينية، وهي عنده حق، ووقف عربي تاريخي من الصهيونية المعتدية. أحيي ولنحيي معا صيام أسرى فلسطين المناضلين الأحرار”.

وأردف: “لقد ربط شكيب ارسلان، بفهم واع وعمق وتقدمي، بين الإسلام والعصر: ثقافيا واجتماعيا وسياسيا، فكتب في “مدينة الإسلام” و”في اليقظة الحقيقية للأمة” مشيرا بدقة العالم الى ان الإسلام، الثورة الكبرى، بشهادة الجميع، تجعل من المسلمين ضعفاء إذا لم يحاربوا الجهل وفساد الأخلاق”.

وأضاف:”ترى هل نعيد سؤاله اليوم، ونفتش معا عن جواب؟ وهنا أتوجه الى حفيد أمير البيان الصديق وليد بك جنبلاط لنعمل معا من خلال فهم الأمير شكيب ارسلان للاسلام كدين اعتدال وفهم الآخر وفهمه للقضية العربية كقضية مركزية لكل العرب قضية توحيد وتشبيك وترابط بين العرب أجمعين”.

تابع:”لقد كان للمصالحة التاريخية في الجبل، التي بادرتم الى اطلاقها برعاية الكاردينال الماروني نصرالله صفير، تأكيد من أبناء الجبل كل الجبل على أهمية العيش معا لنبني معا. ومن هذا الباب نؤكد اننا معك كأبناء جيل في أي قانون للانتخابات يحقق آمال وتطلعات أبنائه. مثل هذا الأمير الكبير، مثل إنتاجه العظيم، هو ما يستفزنا لنفكر، ويدفعنا لنعمل، ويشجعنا لنتبنى المبادىء ونناضل دفاعا عنها، لنجعل أمتنا أفضل، وأوطاننا أسعد، ومستقبلنا أنور، وشبابنا أكثر ثقافة وأوسع علما، وأعمق إيمانا في عقولهم وقلوبهم، ليكونوا خير أمة أخرجت للناس”.

وختم: “شكيب ارسلان، أيها اللبناني العربي الإنسان، أيها الكبير، أيها الرائد القدوة في نهضتنا العربية الحديثة، ستبقى نورا لا ينطفىء بيانا وفكرا ونضالا”.

كما كانت كلمات للمؤرخ رضوان السيد والدكتور سعود المولى تحدثا فيها عن صفات المحتفى به ووصيته الدائمة فلسطين، ومناداته بالاسلام الوحدوي وبناء دولة قومية. واحدة لكن على اساس استقلال كل وطن بحدوده. كما اشارا الى عمل ارسلان الدؤوب للتقريب بين الاديان وتدخله لتحقيق المصالحات بين الدول العربية.

بعد ذلك، قدم البخاري درعين تكريميتين للوزير ارسلان والنائب جنبلاط. بعدها اخذت صورة تذكارية ومن ثم اقيم حفل عشاء للمناسبة.

=======================أ.أ.