من يحاسب “داعش” السياسية؟

 

في ظل ما يجري من مواجهاتٍ بطولية يخوضها الجيش اللبناني، في منطقة عرسال البقاعية، بوجه عناصر تنظيم “داعش”، قد يكون السؤال الأبرز الذي يُطرح على الساحة اللبنانية اليوم، هو عن الجهة التي عليها محاسبة عناصر “داعش” السياسية، أي أولئك الذين يطعنون المؤسسة العسكرية في ظهرها في أصعب الظروف، بدل أن يكونوا سندها لمنع المصطادين بالماء العكر من تحقيق أهدافهم.
ما يشهده لبنان في هذه الأيام هو من المشاريع الأخطر التي رُسِمت له على مرّ التاريخ، والهدف منذ ذلك جرّه إلى وحول الحرب التي تشهدها باقي دول المنطقة، ولا يمكن الرهان إلا على المؤسسة العسكرية وباقي الأجهزة الأمنية من أجل إنقاذه، وبالتالي أي تحريض عليها يصب في خانة خدمة الجماعات الإرهابية لا أكثر، وبالتالي من المفترض التعامل معها بكل حزم كما يتم التعامل مع الإرهابيين.
من غير المقبول، بعد كلّ ما جرى ويجري، أن تتحصّن بعض الشخصيات السياسية والدينية بالحصانات الممنوحة لها، لاستهداف الجيش اللبناني في هذه المرحلة، ومن غير المقبول أن تمر هذه الأفعال أيضاً من دون محاسبة، لأن ذلك يساهم في تماديها أكثر في المستقبل، فالجميع يذكر أن مواقف هؤلاء لم تتغير منذ المواجهة الأولى التي حصلت.

خاص النشرة: ماهر الخطيب
في هذا السياق، من الضروري التنبه إلى التماهي الحاصل بين العبارات التي تستخدم من قبل بعض النواب، خصوصاً كل من محمد كبارة وخالد الضاهر ومعين المرعبي، وتلك التي تستخدم من قبل الجماعات الإرهابية المسلحة في هجومها على المؤسسة العسكرية، ومن الضروري السؤال عن الأسباب التي تدفع هؤلاء إلى أخذ هذه المواقف في هذا الوقت، وما يقدمون عليه أقل ما يقال فيه أنه جريمة بحق الوطن من الضروري محاسبتهم عليها، ولا يمكنهم التحجج بالحصانة النيابية لأنها لا تخولهم إرتكاب الجرائم.
وعلى صعيد متصل، هناك مسؤولية كبيرة تقع على عاتق قيادة تيار “المستقبل” ورئيس الحكومة السابق سعد الحريري في هذا الموضوع، فهل هو يغطي النواب الثلاثة أم يرفض خطابهم؟ وفي حال كان يغطّيهم، فلماذا لا يتبنى مواقفهم بل يصدر بيانات تؤكد على دعم الجيش والأجهزة الأمنية؟ أما في حال كان يرفض ما يقومون به، فلماذا لا يتبرّأ من تصريحاتهم ويطردهم من كتلته؟
لا يجوز أن يستمرّ تيار “المستقبل” في إعتماد خطابين، واحد يدعم الجيش وآخر يحرض عليه عبر بعض نواب كتلته، ويخرج بعد ذلك زملاء لهم ليقولوا أنهم لا يمثلون رأي التيار الرسمي، فالمسؤولية الأساسية تقع على عاتقه لحماية قاعدته الشعبية أولاً، خصوصاً أن الجماعات الإرهابية تستغل خطابات الشخصيات التي تستهدف المؤسسة العسكرية من أجل خلق بيئة حاضنة لها.
في هذه الأيام، يخوض الجيش مواجهة بالنيابة عن كل المواطنين، وعلى جميع القوى أن تحدد مواقفها بكل وضوح، هل هي إلى جانب المؤسسة العسكرية أم ضدها؟ وبعد ذلك على السلطات القضائية المختصة أن تعمد إلى محاسبة كل المحرضين بجرم الخيانة الوطنية، فعندما يكون الجيش مستهدفاً يكون كل لبنان مستهدفاً، وبالتالي فإنّ تحصين الداخل اللبناني ومنع السيناريو السوري أو العراقي من التسرّب إليه لا يكون إلا بالرهان على المؤسسة العسكرية والوقوف بجانبها.