كتب راجح خوري في جريدة النهار:التقسيم بسكّين “داعش” وتوقيع أوباما؟

 

قبل ان ينهي باراك اوباما حديثه عن استعادة البشمركة سد الموصل، كانت “داعش” قد بثت على وسائل الاتصال فيديو يصوّر قطع رأس اميركي وينتهي بتهديد باللغة الانكليزية: “سنغرقكم جميعاً في الدم”.
يجيء هذا بعدما قطعت مسيرة الذبح مسافة كبيرة بين سوريا والعراق، بينما كانت اميركا والدول الغربية توغل في التعامي والصمت وربما التشجيع على اغراق الاقليم في الفظاعات، فالقتل في جميع الإتجاهات. النظام السوري يذبح معارضيه، وحكومة نوري المالكي تنكّل بمعارضيها، والإرهابيون يتقاطرون الى اراضي الدم وسط غليان من المشاعر المذهبية والأحقاد الدفينة التي تم إيقاظها.
قبل انهيار الجيش العراقي الكرتوني، كانت “داعش” التي أُخرِجت نواتها من السجون السورية ثم من سجن ابوغريب العراقي، قد مضت بعيداً في حز الرقاب وقطع الرؤوس. فعلت هذا في سوريا قبل العراق، وفي العراق سيبقى السؤال:
كيف يمكن ان ينهار جيش أنفق عليه 120 ملياراً من الدولارات امام آلاف من الارهابيين الذين استولوا على الودائع في المصرف المركزي في الموصل وكل المصارف في زحفهم الذي بات يسيطر على مئة ألف كيلومتر مربع بين العراق وسوريا، بما فيها من آبار للنفط الذي قيل ان النظام السوري كان يشتريه من “داعش”؟!
اين كان اوباما في ذلك الوقت، ولماذا استيقظ فجأة ليستند الى “قرار صلاحيات الحرب” ويأمر بشنّ غارات على “داعش” التي اقتربت من أربيل واتّجهت للسيطرة على سد الموصل؟
المراقبون المفجوعون بتغاضي الغرب ثلاثة اعوام عن المجازر، يجمعون على انه استيقظ بعدما اقتربت “داعش” من المصالح الاميركية النامية في اربيل بما يفتح امامها الطريق الى كركوك ايضاً!
لم تتدفق دماء الايزيديين المذبوحين وحدهم في جبل سنجار، قبلهم ذبح الكثيرون في طريق “داعش” الى الموصل، لكن اوباما الذي يخاف الآن من ان تغرق مياه سد الموصل السفارة الاميركية في بغداد، لا يتنبه الى ان سمعة اميركا الاخلاقية والسياسية قد غرقت في انفجار سدود الدماء منذ ثلاثة اعوام ونيف.
احد المسؤولين الكبار في اربيل يقول لو ان اوباما نفذ طلعة جوية واحدة ضد النظام السوري بعد مذبحة الغوطتين لما كنا في ما نحن عليه الآن!
على خلفية هذه المواقف الغربية المعيبة، لا يتردد الكثيرون في النظر الى الصراخ الاميركي والاوروبي الذي يتعالى الآن “سلّحوا البشمركة”، من زاوية الشكوك في ان الدافع في العمق ليس اخلاقياً بل انه تثبيت على الارض للدولة الكردية، يفتح الطريق امام الدولة السنية، والدليل ان اميركا تتجه الى تسليح العشائر والفصائل السنيّة في الأنبار، اما الدولة الشيعية فهي قائمة تقريباً في الجنوب!