بدا واضحاً ان المواجهة انتقلت من مرحلة الاشتباكات المباشرة الى مرحلة المطاردات الصعبة التي باشرها الجيش في مناطق متاخمة لمحاور القتال واخرى بعيدة عنها تماما في جرود الضنية وعكار. وترافقت هذه المرحلة مع تساؤلات واسعة عن الامكنة التي قد يكون توارى فيها رؤوس المجموعات المسلحة ولا سيما منهم شادي المولوي واسامة منصور والشيخ خالد حبلص.
وبدا من التعزيزات التي استقدمها الجيش من المغاوير ومغاوير البحر انه اعد لمرحلة استكمال صعبة لعمليات التعقب والمطاردة في مناطق جبلية وعرة بعدما احكمت وحداته السيطرة تماما على طرابلس وبحنين والمنية، واتسعت عمليات التمشيط والدهم وتسيير الدوريات في المنية في اتجاه منطقة عيون السمك على امتداد مجرى النهر البارد.
ولعل البارز في هذا السياق ما كشفته قيادة الجيش من انها اوقفت 162 ارهابيا نتيجة عملياتها الاخيرة وأنها ماضية في هذه العمليات، نافية بشدة حصول اي تسويات مع المجموعات الارهابية ودعت فلول المسلحين الفارين الى تسليم انفسهم الى الجيش منذرة بأنها لن تتهاون في كشف مخابئهم ومطاردتهم.
ونفى سياسي متابع لتفاصيل الحوادث شمالاً أن تكون قيادة الجيش قامت بتسوية مع المجموعات المسلحة، ناقلاً عن قائد الجيش العماد جان قهوجي تشدده في رفض أي تنازل عن بسط سيطرة الجيش والأجهزة الأمنية.
وأوضح أن ما حصل ببساطة هو تلقي القيادة العسكرية اتصالاً من مرجعية دينية في الشمال فحواها أن المسلحين سوف يقدمون بادرة حسن نية بالإفراج عن المواطن المدني المتعاقد مع الجيش طنوس نعمة الذي كانوا يحتجزونه، وطلب وقفاً للنار إذا أمكن لمدة نصف ساعة أو ساعة لإخراج الجرحى والمدنيين. وعندما انتهت فترة وقف النار كان المسلحون قد اختفوا، والأرجح أنهم رموا أسلحتهم وتفرقوا كل في اتجاه وربما توارى بعضهم عن الأنظار في بعض المخابئ بعدما تبين لهم أنهم أصيبوا بخسائر جسيمة ولا يمكنهم الإستمرار في القتال.
كما أكد أن المزاج الشعبي في البيئة السنية بطرابلس والضنية وعكار وقف قبل المعركة وبعدها بقوة إلى جانب الجيش، مما ينفي صحة أي حديث عن وجود حاضنة للإرهاب.
وفي المقابل، أبدت مصادر وزارية بارزة لـ”النهار” اقتناعها بأن المواجهة لم تنتهِ، ولفتت إلى ما تضمنه بيان “جبهة النصرة” من إعلان انتصار سائلة: “هل كان المطلوب خروج المسلحين من طرابلس ومحيطها؟”.
وبعدما لفتت المصادر إلى أن الشمال كله منطقة واحدة تشملها ترددات المواجهة، خلصت إلى استبعاد أن تكون الجماعات التكفيرية قررت حصر حدود معركتها بما حصل، مضيفة أنها تشعر بأن ما جرى هو “جولة من جولات”.