التحذيرات الغربيّة جدّدت المخاوف.. وسياسيّو “اللائحة السوداء” عادوا الى المربعّات ألامنيّة
في باريس يتنزه الرئيس سعد الحريري مع اصدقائه والمقربين منه في شوارع العاصمة الفرنسية بمواكبة واشراف امني خجولين وكذلك يفعل عدد من القيادات الآذارية الذين يقصدون باريس او الدول الاوروبية للتحرر من عقدة الخوف من الاغتيال التي تلازمهم في تنقلاتهم اللبنانية، وفي لبنان لا مانع لدى النائب وليد جنبلاط من الانتقال الى بلدة عرسال كما غرّد على «تويتر» منذ يومين لمحاورة خاطفي العسكريين وايجاد حل ناجع للقضية بعدما ثبت عجز الدولة باسرها في هذه القضية وبدون ان يخشى جنبلاط «النصرة» وتهديداتها إما لأنه تجاوز قطوع الاغتيالات كما يعتقد واما ايماناً منه بان القضية لا تشهد المعالجة الصالحة لها وانه وحده القادر على فتح ثغرة في جدار الملف القائم مع الارهابيين بعدما ثبت نجاح وسيطه الوزير وائل ابو فاعور في مهمة ايقاف الاعدام الاخير لعلي البزال اكثر من مرة. ولكن وفي كلا الحالتين فان حرية الحريري الباريسية وشجاعة وليد جنبلاط بالانتقال الى الجرود لا تلغي كما تقول اوساط سياسية مطلعة عودة شبح الاغتيالات للظهور وليفرض نفسه على الساحة الداخلية بالترابط مع التحذير الأميركي للمواطنين الاميركيين من الانتقال الى لبنان خوفاً من تفجيرات امنية او خربطة قد تحصل في الايام المقبلة وفق تقارير تملكها مخابراتها واجهزتها الامنية.
يروي احد السياسيين في فريق 14 آذار في مجالسه الخاصة كلفه خطة أمنية مبكلة اقتضت تغيير سيارات في محطات متعددة وتسيير مواكب وهمية و«تمويه» أمني كبير، فالسياسي ذاته هو في الإقامة الجبرية منذ فترة طويلة، يكاد لا يخرج من مقر إقامته إلا نادراً واستثنائياً وعند الضرورة القصوى، بحيث اضطر الى إلغاء جزء اساسي من حياته السياسية وحتى الشخصية والاستعاضة بمتابعة كل التفاصيل اليومية عبر وسائل الاتصالات المتطورة او من خلال استقبال الزوار لديه. حالة هذا السياسي تكاد تشبه الواقع اليومي الذي يعيشه مجمل السياسيين الموضوعين على «بلاك – ليست» التفجيرات، او الذين سبقوا وتلقوا تحذيرات من أجهزة أمنية وعواصم غربية واوروبية تحظر عليهم التنقل والخروج الى دائرة الخطر، وهم بمجملهم من قيادات 14 آذار الذين يجاهرون بتلقيهم النصائح الإقليمية بضرورة توخي الحذر، وتضاف إليهم تشكيلة من سياسيي 8 آذار مثل الرئيس نبيه بري الذي ينقل عارفوه انه لا يغادر عين التينة إلا في الحالات القصوى، او رئيس الاصلاح والتغيير ميشال عون الذي يتخذ تدابير أمنية خاصة منذ عودته من المنفى وبعد محاولة اطلاق النار على موكبه في زيارته الجزينية.
بدون شك فان التقارير التي تصل الى القيادات السياسية ربطاً بالاحداث الامنية المتنقلة وتجارب الاغتيالات فضلاً عما يتم تداوله انتقال ارهابيين الى مخيم عين الحلوة ساهم في خلق وتجدد حالة الخوف من عودة الاغتيالات، فمن تمكن من اغتيال رفيق الحريري واللواء الشهيد وسام الحسن قادر على القيام باي اغتيال وفي التوقيت الذي يريد، فاغتيال الحسن كشف 14 آذار أمنياً، فالشهيد كان الذراع الأمني لقيادات 14 آذار، وكون الحسن كان الرقم الصعب في لائحة القيادات الآذارية الموضوعة على لائحة التصفية الجسدية.
يؤكد العارفون ان بعض السياسيين عادوا مؤخراً الى سجونهم الكبيرة داخل مقراتهم التي حصنوها وحولوها الى مراكز عملهم وحياتهم اليومية لا يخرجون منها إلا عند الضرورة القصوى حتى لا يقال ان بعضهم قرر ألا يغادرها أبداً «إلا بعد جلاء الصورة الإقليمية او سقوط ذلك النظام….» هكذا تبدو قلعة معراب التي حولها سمير جعجع الى قلعة أمنية محصنة، لا يغادرها الا استثنائياً، ويقول العارفون في المجال الأمني ان الاغتيالات التي حصلت في لبنان منذ اغتيال رئيس الحكومة رفيق الحريري الى اليوم كشفت ان في دنيا الامن والاستخبارات ثمة أساليب ذكية معتمدة تفوق بكثير ما تتخذه الضحية من بدائل احترازية حفاظاً على سلامتها الشخصية، كما ان مراقبة الشخص المستهدف والوصول إليه أصعب بكثير من التقنية المعتمدة للتنفيذ. ويرى العارفون في الأمن ان التعمق بالاغتيالات ودراستها من كل جوانبها اثبت ان المنفذين اعتمدوا كل الوسائل حتى للوصول للأهداف التي لا تتحرك كثيراً او تغادر مواقعها، مع الإقرار بالصعوبات التي تعيق الوصول الى الهدف الثابت اي المقيم الدائم بحيث لا ينتقل إلا عند الضرورات القصوى وبالتالي يستحيل اختراقه ومراقبته او حتى بلوغه.
وبدون شك ترى اوساط سياسية بان الحوار الذي سينطلق قريباً بين تيار المستقبل وحزب الله لاحداث اختراق في الملف الرئاسي والبحث في قانون الانتخابات ولتداري الفتنة السنية ـ الشيعية قد يكون احد العوامل الدافعة لعودة الاغتيالات من الجهات المتضررة من التقارب الداخلي ومن وحدة الموقف اللبناني خصوصاً مع تنامي الظواهر الارهابية ومع تردد عن مخططات لارباك الساحة الداخلية وتوتير الامن في اكثر من منطقة ترابطاً مع تعقيدات ملف العسكريين المخطوفين وما يتم تسريبه من معلومات حول دخول عناصر ارهابية وتكفيرية الى اكثر من منطقة لبنانية للقيام بعمليات ارهابية تستهدف الجيش واليونيفيل وربما القيام بتفجيرات او عمليات انتحارية تؤثر على السلم الداخلي وعلى الحوار بين حزب الله والمستقبل، وما تقوم به القوى الأمنية ومخابرات الجيش من كشف لشبكات وتوقيف ارهابيين ومقربين منهم يتجولون في المناطق اللبنانية ويتنقلون حيث يريدون على غرار زوجة البغدادي، يدل على ان الساحة اللبنانية لن تكون بمنأى عن خضات امنية محتملة رغم الجهود الامنية الجبارة، وربما تكون التحذيرات التي تلقتها قيادات في 14 آذار في محلها بضرورة العودة الى المربعات الآمنة وتخفيف تحركاتها، وهذه التحذيرات شملت سياسيين وحزبيين واعلاميين وفريق اساسي في 14 آذار.