بركات في احتفال عيد التحرير في حاصبيا: من هنا تُستعاد الكرامة والحق السّليب..

 

walid barakat hasbaya

نظّمت دائرة حاصبيا ومرجعيون في الحزب الديمقراطي اللبناني احتفالا لمناسبة عيد المقاومة والتحرير في السرايا الشهابية، بعنوان “لبنان المقاومة للكرامة عنوان”، برعاية رئيس الحزب الأمير طلال ارسلان وحضور ممثل ارسلان الأمين العام وليد بركات، النائب علي فياض، قائمقام حاصبيا وليد الغفير، مساعد الأمين العام في الحزب الديمقراطي اللبناني البروفيسور وسام شروف ومدير الداخلية لواء جابر، مدير مكتب الخريجين في الحزب محمد دياب، رئيس دائرة راشيا والبقاع الغربي مفيد سرحال ، رئيس دائرة الشوف بسام حلاوي، المير مفيد شهاب ، المسؤول السياسي في حركة أمل علي الصفاوي، رئيس هيئة ابناء العرقوب الدكتور محمد حمدان، ممثل النائب انور الخليل كمال ابو غيدا، وممثلي الأحزاب، عن التيار الوطني الحر غسان نهرا، منفذ حاصبيا في الحزب القومي لبيب سليقا، وكيل داخلية حاصبيا-مرجعيون في الحزب التقديم الاشتراكي شفيق علوان، مسؤول تيار العروبة المقاوم رياض خليفة، مسؤول حركة أمل الحاج اسعد يزبك، مسؤول حزب الله الشيخ فايز علوية، رئيس اتحاد الحاصباني منير جبر،ورؤساء بلديات، كوكبا كامل القلعاني،شويا وسام دعيبس،الفرديس أنيس سليقا، الماري يوسف فياض،كفرشوبا د.قاسم القادري، الخلوات فريد عامر،كاتب عدل حاصبيا وسيم زين الدين، إمام مسجد حاصبيا الشيخ مسعد نجم وعدد كبير من المشايخ ومخاتير حاصبيا والمنطقة، مدراء بنوك وحشد من الأطباء والمهندسين ومدراء المدارس وحشد شعبي من قرى حاصبيا والعرقوب.

بعد اناشيد لفرقة الرضوان، ألقى الصفاوي كلمة حيا فيها “المير طلال ارسلان على مواقفه الوطنية”، ولفت الى ان “الامام موسى الصدر هو الذي رفع شعار اسرائيل شر مطلق”، وقال: “انتم يا شعب المقاومة من حولتم لبنان قويا بقوته اي مقاومته، التي غيرت الواقع المهزوم وتسعى من خلال شعارات وطنية جامعة محاكاة كل الوطن، تارة بالسلم الاهلي والحوار والتلاقي وطورا بالدماء والشهداء على حدود الوطن. اليوم في هذه الذكرى تظهر اوجه شبه جديدة للشر، اذ تتكامل أوجه التكفير الارهابي مع الصهاينة والاميركيين”.

وكانت كلمة للنائب علي فياض قال فيها: “في ذكرى أيار الانتصار عام 2000، نحييها عاما بعد عام نتذكر فيها شهداءنا العظام الذين تركوا في رقابنا دينا لا يوفى وعهدا لا يسدد الا من خلال الوفاء لقيم واهداف الخط الذي استشهدوا من اجله..ونتذكر فلسطين التي كانت دوما حاضرة في صلب المقاومة،التي تقاتل في سبيل الدفاع عن الوطن وتحرير الارض.. ونتذكر موقف الامين العام لحزب الله في المناسبة الاولى للتحرير عندما اهداه لكل الوطن بكل مكوناته ولكل العرب والأمة الاسلامية بكل مكوناتها.. نتذكر الارتال من سيارات العملاء الذين استنجدوا العدو وهو ينسحب تاركا وراءه أذيال الخيبة..”
وتابع: “نتذكر لنقول اننا لا زلنا على موقفنا حاضرين للدفاع عن هذا الوطن.. المقاومة لا تزال حاضرة للتصدي للعدوان واي خطر قد يطرأ، مقاومتنا قادرة بصورة كاملة وواثقة من قدرتها على خوض معركتين في آن معا وخوض جبهتين..”

وأضاف: “إن مسألة سيادة لبنان هي قضية وطنية لبنانية، ويجب ان تتضافر الجهود لأن تكون الحدود الشرقية والشمالية نظيفة من اي وجود ارهابي تكفيري، والمسؤولية في ذلك تقع على عاتقنا جميعاً، الدولة يجب ان تكون عمادا في معالجة هذه المشكلة، وجميعا نقف معها لكي نصل إلى النتيجة المرجوة وهي امن واستقرار لبنان بكل مكوناته وقراه وحدوده، فمشكلة عرسال ليست مذهبية. وإن الموقف السياسي المقنع والوحيد هو توفير الغطاء السياسي من قبل الحكومة لمعالجة هذه المشكلة، فالموقف السياسي الوطني والمسؤول والمقنع هو تكليف القوى العسكرية والامنية اللبنانية ان تضع حدا لهذه الاستباحة من المجموعات التكفيرية..ففي مواجهة المجموعات التكفيرية لا عودة إلى الوراء، ولا انصاف حلول ولا تسويات ولا تهاون مع هذا الارهاب الذي يهدد الامن والاستقرار الوطني، هذا هو قرار شعبنا وقرار المقاومة..”

وألقى الأمين العام للحزب الديمقراطي اللبناني وليد بركات كلمة جاء فيها:

مرحى لكم يا عَصْبَة الأخيار. في كل خطوٍ من عطاياكم…

مَرحى لكُم : ها هُنا نَطَقَ الزَّهرُ وكبَّر.. وكتابٌ من ضياءِ النَّصْرِ، يَغرِسُ الفَيىءَ روضاً من قصيدْ، ودرساً من شَهيد، يومَ ناوَشَتِ الآلامُ فضاءاتِ صَمْتِنا، وأكَلَتِ النيرانُ صَقيعَنَا..

يومَ سيَّجَنا عنكبوتُ اليأسْ. وانفصَلْنا عن ذاتِنا.. يومَ سَكَنَ الغدْرُ أعْشاشَ العصافير، وحفَرَ الصّراخُ باطِنَ ضعْفنا، ونَهَشَ الموتُ لحْمَنا ونَهَبَ الجرادُ قمْحَنا، يومَ عِشْنا في كَفَنِ اللّحظةِ نتوجّسُ من الآهِ سدّاً.. أطلّتِ المقاومةُ من سَمْعِنا، من دمْعِنا، من أهدابِ عُيونِنا، من جُرْحِنا، من دَمِنا، ومن رمادِ عجْزِنا.. أطلّتْ كالبرْقِ الأسمرِ، كالرّعْدِ تُوقِظُ أحلامَنا، تَلِجُ حاضِرَنا المشلولِ بالقهْرِ، تُنَهْنِهُ جَفْنَ الرَّدى بِشَهْقَةِ الدّمْ، وربيعِ العشقْ، تجْتَرِحُ لهَباً من شُعاعِ الطَّلْقَةِ وصَهيلِ الجُرْحْ، باختصارْ انكسرتِ الشّرنقةُ السوّداءَ وانْهَزمتْ إسرائيل، وكان المَدى أيَّارْ…

فالحب موّارٌ في أرضِ الحرائِرِ والأحرار، ينزَلِقُ من الأرواحِ المُتَمرِّدةْ، حيث الهَوى جَنوبيْ، والعِزُّ جَنوبيْ، فألفُ تحيّة من حاصبيا للجنوب وكلَّ الشهداء على دربِ الجنوبْ، المنذورِ دوماً لمجدِ لبنانْ، وسيادة وعروبةِ لبنانْ…

وإذا بي كما غيري من مُحبّي هَذه الأرضِ الطّيّبةْ، أحُجُّ إلى الجنوبِ خاطِفاً بَهُدْبِ العيْنِ قَمَرَ مشْغرة ليَلْثُمَ بالسَّنا تِلالَ العرقوبْ، الطّالعاتِ كالسُّيوفِ السّمْهرياتْ، وأحمِلُ مَناديلَ النَّدى من كِفافِ السَّحائبْ عنْ جبينِ حَرَمونْ لأعْصُبَ جَبينَ مارون الراسْ، وأُذَرْذِرَ الضَّوْعَ فوقَ ربوعِ بنت جبيل، وصَيْحاتِ النَّجيعِ في عيتا الشعب.. وأُكَفْكِفَ دمْعَ الليطاني ليَسْتحيلَ سُبَّحَةً في كَفِّ قلعةِ الشّقيف، وأُطوِّقُ خَصْرَ شَتْلاتِ التّبْغِ العَنيداتْ، وكُلِّ المَطارِحِ العَصِيّاتْ من العُرْقوبِ المشبَعِ بالكرامةِ والإباءْ.. أعرِّجُ على الهبّاريّةِ وكفرشوبا وكفرحمام وراشيا الفخّار والفرديس والماري، أقرعُ أجراسَ مرجعيونْ وكوكبا، وأُصلّي في مِحْرابِ البطولةِ في الخيامْ…

وبعد… أحُجُّ إلى حاصبيا والخلوات وشويا وعين قنيا وميمس والكفير في ذكرى التحريرْ لأقْرَأَ في كِتابِ الأمير مجيد أرسلان، رِسالةَ يَعْرُبيّة في النّاصِرة والمالكيّة.. ومنَ الدّوْحَةِ الأرسلانية سيفٌ يَعرُبيٌّ أبيّْ، وَرَثَ الإباءَ والشّهامةَ ونُبْلَ الزّعامةِ، كابِراً عن كابِرٍ مُذْ كانَ أسلافُهُ سيوفُ العربِ والمسلمينْ، يزودونَ عن الثُّغورِ بالمُهَجِ والدِّماءْ، مُقاومونَ أحرارْ يصْنعونَ استقلالَ الجبلْ وصورةَ لبنان المُشْتَهى.. عنَيْتُ بهِ أميرَ الثّباتِ والمَكْرُماتِ الصّادقِ موْقِفاً ورؤيَةً وإيماناً ساطعاً بلبنانْ العربي المقاومْ.. إنّهً رئيس حزْبنا وحبيبَنا الأمير طلال مجيد أرسلان ..

أحُجُّ إلى سوحِ موسى الصدر متسلّحاً بِهامةِ وعمامَةِ البيّاضةِ الطّاهرة، وبينَ قامَةٍ وهامَةْ وَعَمامةٍ وعَمامَةْ أستَلُّ سَيف الوَحدة، والعقلِ النبيهْ بوجهِ صهيونْ وكلِّ أعناقِ التِّيهْ..

أحُجُّ إلى زمنٍ مَحْبِيٍّ كالسّيفِ، هنا الغارْ وقوافِلِ النارْ، هنا الصلاةْ والصَّليَةُ، هنا يَسْري الجنوبُ المقدّسُ في الجوارِحِ والعروقْ…

هنا شَهْقَةُ النّصْرِ فوقَ المدىَ مِثْلَ البروقْ، هنا شلالُ الشهادة من فمِ النّبْعِ الدّفوقْ، هنا رؤيا الغروبِ ومُلْتقاهُ مع الشّروقْ، هنا نصر الله، وقاماتٍ تَمْتَطي صَهْوَةَ الأرضْ، هنا السَّماحة سُحْنَةُ وَطَنٍ أبى الخُنوعْ، فالجنوبُ عادَ محرّراً.. ومُطَهَّراً أضحى خَصيبَا جَرَّ الصّهاينةُ الذُّيولْ.. تَكَبّدوا ذُلاً عَصيبَا، ها هُمْ رِجالُ الله…في لبنان أَصْلَوْهُمْ صَبيباَ، مهما تَمادى المُعْتَدي..يُسْقى هَزيمتُهُ لَهيبَا…فاشْمَخْ جنوبَ النارِ فخْراً..فالسَّنا لا لنْ يغيبَا…

أيّها الإخوة والأخوات،

نقف اليوم في حاصبيا ، ارض الكرامة والشهامة والكبرياء ، أرض الشهادة والمقاومة والفداء ، ارض العمائم والطهارة والنقاء . نقف واياكم لنحيّي شهداءنا رافعي لواء عزّتنا وكرامتنا ، لنثبّت وإياكم مفاعيل نصرنا الكبير ، على آلة القتل والطّغيان وتحرير ارضنا من رجس ذاك الاحتلال . نقف وقفة العرفان بالجميل لهؤلاء الأبطال المجاهدين، رجال الله في الميدان ولهذه المنطقة العزيزة الكريمة وأهلها الأوفياء، لكل ما قدّمته من محطات عزّة وكرامة ، على امتداد تاريخها الناصع النقي نقاء عماماتها ، منذ ما قبل نشوء دولة لبنان الكبير . واذا شئنا إنصاف حاصبيا واهلها الميامين ، لا يسعنا الا الاعتراف بأن مشروع الدولة اللبنانية بدأ من هنا من وادي التيم ، ليتلاقى مع إمارة سن الفّيل ، ليضع حجر الأساس وتحقيق حلم قيامة الوطن اللبناني . نعم من هنا تأسّس لبنان الكبير ، من مقاومتكم المستمرة والمتواصلة على مر التاريخ ، مقاومة جبل عامل ووادي التيم والعرقوب منذ الاستعمار التركي وبعده الاستعمار الفرنسي . بدأ التصدّي من هنا ومن هنا تُستعاد الكرامة والحق السّليب ، من هنا وقفَت المالكية مع الامير مجيد أرسلان ، ومن هنا ثار سماحة الامام المغيب السيّد موسى الصدر . من هنا من هذه السرايا الشهابية التي قدّمت للبنان اول رئيس حكومة، من هذه الأرض التي أحبّها طلال أرسلان من حاصبيا عرين الأرسلانيين وقلعتهم الصلبة على مر التاريخ من عرقوب عبد الناصر من الخيام الأبيّة الصامدة من مرجعيون المحرّرة من رجس الإحتلال من هنا من أحفاد سلطان باشا الأطرش، من أرض التَرك والفقر والحرمان ، من هذه الارض التي باعتها الدولة واستغنت عنها في اتّفاق القاهرة ، وتركتها لمصيرها لتصارع كل انواع الظلم والاستبداد ، فصارعت إهمال الدولة وتهميشها . إن هذه المنطقة العزيزة التي أرادوا لها ان تكون خارج الوطن ، إنتفضت واستعادت الوطن ، أرادوا لها مسيرة عذاب متواصل ، لكنها استطاعت ان تحوّل تلك العذابات الى امجاد وبطولات ، وسطّرت ملاحم البطولة واحتضنت المقاومة الفلسطينية والمقاومة الوطنية اللبنانية ، وافواج المقاومة اللبنانية أمل بقيادة الرئيس نبيه بري والمقاومة الإسلامية البطلة بقيادة السيد حسن نصر الله . هذه المنطقة التي أعطت المثال الصالح لكل لبنان ، فهنا العيش المشترك الحقيقي هنا لبنان بكل أطيافه.

نعم ، انها المنطقة الوحيدة من لبنان التي لم تشهد اي خلاف طائفي ، واي تهجير مذهبي وأي صراع سياسي، وهنا تكمن عظمتكم ، فبالرغم من عذاباتكم الكبرى التي بدأت منذ ما قبل سبعينيات القرن الماضي ، استطعتم التعالي على الدسائس والفتن ، ودحر جميع المؤامرات التي حيكت لهذا الوطن . وجاء التحرير ثمرة جهدكم وتضحياتكم الجسام ، فالمقاومة ليست مقاوماً يحمل السلاح فقط ، المقاومة ثقافة وجمهور وبيئة حاضنة ، وكنتم نعم الجمهور والبيئة الحاضنة ، فبورك لكم التحرير وبوركت لكم الكرامة وقد اثبتّم فعلا أنكم أهلها .

 

أيها الإخوة والأخوات أيّها المقاومون، أنتم الأيقونة الشريفة المعلّقة على صدر الوطن ، وانتم من استعاد كرامة هذه الأمة المستباحة من عدو غاصب، لقد سجّلت هذه المقاومة البطلة أعظم انتصار على الصهاينة وأرست دعائم الإستقرار، ليس في الجنوب وحسب بل في كل لبنان، ولم تطلب أي شيء ثمناً لها ولنصرها، لقد حرّرت الارض والانسان . وأرست مفهوم توازن الرعب ، وجعلت عدوّنا يفكّر الف مرة قبل الإقدام على اي عمل طائش ، لأنه يعرف حق المعرفة ، ان سواعدَنا وعزائمَنا وبنادقَنا ستكون له بالمرصاد .

hasbaya2

أيها الإخوة والأخوات، لقد كانت الأمة العربية بأسرها مرعوبة من الصهاينة ومن آلتهم العسكرية ، اما اليوم فقد اصبح الصهاينة هم المرعوبون ، وما الهجرة المعاكسة التي تشهدها الاراضي المحتلة الا خير دليل على ما نقول ، كنا نخاف من اجتياح لبنان ، اصبحوا يخافون من اجتياح الجليل . كنّا نخاف منهم أصبحوا يخافون منكم. أصبح الجنوبي يشعر بالأمان والاستقرار والصهاينة قلقون . انظروا حولكم تشاهدون القصور والمشاريع السكنية والسياحية والتجارية على امتداد الجنوب من الناقورة إلى شبعا، ورشة بناء ونهوض شامل على كل المستويات، اليس هذا نابع من ثقة الناس بالمقاومة؟ إن من يضع جنى عمره في الجنوب ويستثمر امواله في الجنوب ، يكون فعلا واثقاً بالمقاومة وبقدرتها على حمايته وحماية ممتلكاته ، الثقة بالمقاومة هي الأساس ، هذه المقاومة التي أعطت دون ثمن ودون منّة. نعم، أعطت النصر والتحرير دون مقابل . وكان جل ما تتمنّاه هو التلاحم المصيري، بين كل أبناء الوطن بقاعدته الذهبية الشعب والجيش والمقاومة . وكل من يرى خلاف ذلك هو واهم ، ان لم نقل متآمر ، فقوة لبنان بمقاومته وليس بضعفه، قوة لبنان بشعبه الحاضن للجيش والمقاومة ، هذا الجيش الذي رُسم له في السابق ان يكون حرس حدود ، وجرى التآمر عليه ، ولا زالت المؤامرة مستمرة بعدم تسليحه بما يجعله قادراً على مواجهة الآلة العسكرية الاسرائيلية والتكفيرية في آن . الصهاينة والتكفيريون وجهان لعملة واحدة ، ان لم نقل صناعة صهيونية . لأن تشويه صورة الإسلام الحقيقي لا يخدم الا إسرائيل ، وتقاتل المسلمين فيما بينهم لا يخدم الا الصهاينة ، وإضعاف الجيوش العربية وإلهائها بالقتال العربي العربي لا يخدم الا الصهاينة . وما سُمِّيَ بالربيع العربي وثوراته لا تخدم الا إسرائيل . واذا استعرضنا ما حصل طيلة السنوات الخمس الماضية ، في جميع الدول العربية ، نتأكّد ان كل ما حصل ويحصل فيها ليس الا خدمة للصهاينة . إن مقاومة داعش والتكفيريين والصهاينة هو واجب جهادي مقدّس ، ولهذا ترون رجال المقاومة الإسلاميّة يقاتلون اليوم في سورية ، إنهم يدافعون عن وحدتها وعروبتها ودورها القومي وليس دفاعا عن نظام الرئيس بشار الاسد ، كما يحاول البعض التسويق. نعم، يدافعون عن سورية بكل مقوّماتها ونسيجها الاجتماعي وطوائفها ومذاهبها ، التي لم نكن نسمع بها قبل الربيع العربي ، كنا نسمع بالثورة السورية الكبرى ، كنا نسمع بسلطان باشا الاطرش ، وابراهيم هنانو والشيخ صالح العلي وغيرهم من ثوار سورية ، كانت سورية الملاذ الآمن لجميع اللبنانيين ، في كل ويلاتهم ومصائبهم ، واهل الجنوب أدرى بما نقول ، سورية قلب العروبة النابض، سورية الجامع الأموي ، وسوق الحميديّة وبصرى وتدمر ، سوريا حضارة ستة آلاف عام يتم تدميرها الآن . حزب الله يقاتل في سورية ويحرّر جرود القلمون وعرسال ، دفاعاً عن تلك القيم والمبادىء والحضارة ، يقاتل دفاعاً عن حاصبيا وراشيا وبنت جبيل ومرجعيون والنبطية والعرقوب ، يقاتل دفاعا عن بيروت والبقاع والشمال والجبل ، يقاتل دفاعاً عن الإسلام وحمايةً له من مشوّهي صورة الإسلام ، دين العدل والرحمة ، وليس دين الذبح والهتك والفتك وشق الصدور وأكل القلوب ، يدافع عن السّنة قبل الشيعة ، وعن الدروز قبل الشيعة وعن المسيحيين قبل الشيعة. إن المسلمين السّنة تعرّضوا لتنكيل داعش وأخواتها قبل غيرهم ، نعم لقد نكّل التكفيريون بالسّنة قبل الأيزيديين والمسيحيين وباقي الطوائف والمذاهب . انظروا ماذا حصل في العراق وتدمر وعرسال.

أيها الإخوة والأخوات، إنّ المقاومة تقاتل في سورية اليوم قبل ان تضطر للقتال في لبنان ، تقاتل بسبب نظرتها الثاقبة وبعدها التحليلي للخطر القادم ، اذا ما تم التقاعس في مواجهته . تقاتل لانها تعتبر ونعتبر أن التكفيريين والصهاينة يشكّلون نفس الخطر . ولا يعتبرنّ احد في لبنان انه بمنأى عن هذا الخطر . إن قتال التكفيريين وداعش واجبٌ ديني ووطني وقومي، لذلك ندعو جميع اللبنانيين وجميع العرب والمسلمين والشرفاء في أمّتنا لمواجهة هؤلاء الذين يعيثون في أرضنا قتلاً وفتكاً وتشريداً وفساداً ويشوّهون صورة ديننا الإسلامي. إن المقاومة كما قامت بتحرير لبنان ، ستدحر التكفيريين وتزيل خطرهم عنا وعن باقي الأمة ، ولو تنكّر الناكرون وتعاموا عن رؤية الحقيقة ، فليس بالامكان حجب نور الشمس . وليس بإمكاننا التنكّر لما قامت به سورية بقيادة الرئيس الأسد تجاه لبنان ، وآلاف الشهداء من الجيش العربي السوري الذين سقطوا دفاعاً عن لبنان ، وتسليح المقاومة الذي صنع التحرير ، ومن هنا جاء موقف المقاومة في الدفاع عن سورية ، لدورها الرائد في دعمها في لبنان ولدورها أيضاً في دعم المقاومة الفلسطينية التي انتصرت في غزّة على الاحتلال الاسرائيلي . وقد شكل هذا الدور أحد أهم أسباب الحرب على سورية . ومن هنا ايضا جاء موقف الامير طلال ارسلان الرافض للحرب على سورية تحت ذريعة إسقاط النظام ، لأنه مدرك تماماً لحجم الكارثة الحقيقية فيما لو اهتزّت الدولة السورية، التي تشكّل ضمانة لجميع مواطنيها.


hasbaya 3

وخلال استقبال الأمير طلال أرسلان وفداً من أهلنا في جبل العرب قال لهم حرفياً :” نحن لم ننسَ ولن ننسى أهلنا في جبل العرب، الذين ربينا على محبتهم وعلى التواصل معهم لاسيما اننا في هذا البيت، لطالما حفظنا درساً قومياً يمثّل الدستور القومي لهذه الأمة بقول واحد نورّثه لأبنائنا من جيل الى جيل الا وهو قول البطل سلطان باشا الأطرش “الدين لله والوطن للجميع”. هذا الشعار الذي رفعه سلطان باشا الأطرش عام 1925 هو الذي حدد بوصلة التحرر القومي في الثورة السورية العربية الكبرى والذي تبناه ودافع عنه وقاتل من أجله الأمير مجيد أرسلان في بشامون عام 1943. فاليوم وبعد تسعين عاماً، أثبتت كل التجارب في هذه الأمة المنكوبة ان لا شعار يصلح ولن ينجح إلاّ شعار سلطان باشا الأطرش، الذي يجب ان يكون قبلة للوطنيين والقوميين ليس في سوريا ولبنان فحسب بل في كل الوطن العربي- أو ما تبقى منه”.

وأضاف:”إن أهل جبل العرب يمثّلون كرامتنا ووجداننا ولاهوتنا القومي وعروبتنا ودمنا الذي يجري في عروقنا، نحن وهم كرامة واحدة والباقي تفاصيل. لطالما وقفوا وقفة حق مع لبنان في كل الحقبات الماضية، وواجب الوفاء يرتّب علينا الوقوف الى جانبهم في معركتهم دفاعاً عن سوريا وعن النسيج الوطني الإجتماعي السوري وعروبة سوريا بقيادة الرئيس الدكتور بشار الأسد.

موقفنا اليوم يمتد من الجولان الى جبل العرب الى شواطئ لبنان.. هو موقف واحد وهو ما يمليه علينا ضميرنا الوطني والإستقلالي والقومي، وعلينا أن نؤدّيِ هذا الدور وفاءً لذكرى سلطان باشا الأطرش والأمير مجيد أرسلان، في وجه القوى التكفيرية الإرهابية التي تهددنا يومياً بوجودنا وبهويتنا وعروبتنا وتهدّد وحدة وجغرافية بلادنا ونسيجنا الإجتماعي الإسلامي – المسيحي في هذه الأمة، ووفاءً لذكرى شهداء كل العائلات المعروفية ولأجل نصرة سوريا، بحيث لا يمكن أن نفرط بهذه الأمانة التاريخية ولا يسعنا سوى أن نحافظ عليها وعلى بلادنا.

نحن اليوم في خندق واحد من شواطئ بيروت الى جبل العرب الى الجولان، مع المقاومة، هذه المقاومة الذي يتّهمها البعض المريض بالتدخّل في الشّأن السوري، في حين انها لا تدافع فقط عن سوريا بل تدافع عن لبنان من خلال وجودها في سوريا، وبوقوفنا نحن مع إخواننا في جبل العرب ندافع عن أنفسنا هنا في شواطئ بيروت، لأن المؤامرة التي تتعرّض لها هذه الأمة تهدّد الوجود العربي القومي من المحيط الى الخليج، فالرئيس الأسد في حربه ضد الإرهاب يدافع عن كل العرب وليس فقط عن سوريا. فلقد تعدّى حجم المؤامرة الحدود السورية وحدود الدول العربية وأصبح يشكل تهديداً للسلم العالمي. ومن سخرية وعار هذا الزمن ان بعض الأعراب هم أشد كفراً ونفاقاً كما قال الرسول (ص) ويحاولون جهداً إقناع الرأي العام ان إيران هي العدو واسرائيل هي الحمل الوديع .

لو أن هؤلاء الأعراب يملكون ذرة كرامة وشرف لكانوا تمثّلوا بأهلنا في الجولان الذين يقاومون بإسم سوريا ووحدة سوريا منذ أربعين عاماً، ورفضوا الهوية الإسرائيلية ويرفعون العلم السوري وصورة سلطان باشا الأطرش عند كل استحقاق. فنتمنى أن لا يعطينا أحد دروساً في الوطنية، فنحن من علّمنا هذه الدروس من خلدة الى القريّة من جيل الى جيل وسنستمر على هذا المنوال حتى النصر القريب، كما سنبقى أوفياء لسلطان باشا الأطرش طالما يجري الدم في عروقنا .. هذه هي مدرسة الأمير مجيد أرسلان..” هذا ما قاله حرفياً المير طلال لأهلنا في جبل العرب.

hasbaya 4

أيّها الإخوة والأخوات، الرهان عليكم يا ابناء حاصبيا وراشيا والجنوب وكل لبنان في دحر ذاك المخطط الرهيب ، وكما دحرتم العدوان الغاصب وحررتم الارض ، سوف يتحطّم مشروعهم التفتيتي تحت أقدامكم يا أهل الجنوب يا أهل العرقوب يا أهل العزة والكرامة . نعم إن الامير طلال ارسلان الذي أنقل لكم تحياته وتبريكاته بهذا اليوم العظيم يوم التحرير ، يراهن عليكم لتكونوا كما كنتم دائما السد المنيع والحصن الحصين ، لحماية هذا الوطن والذود عن حماه ، وصيانة نسيجه الاجتماعي والوطني والديني ، وكما هي منطقتنا اليوم خالية من التكفيريين والعابثين بالأمن والأمان ، ستبقى دائما عصيّة على الفتن والدسائس والمؤامرات ، وستبقى هذه المنطقة كما كانت مع الامير مجيد ارسلان ، في كل محطاته النضالية ، ومع الأمير طلال أرسلان الثابت على مواقفه الوطنية والقومية، وكما واكبت ثورة الإمام موسى الصدر ، وسارت واحتضنت المقاومة الوطنية اللبنانية وشهدت على ولادتها بكل أحزابها ومكوّناتها ، وتابعت مسيرة المقاومة الإسلامية المظفّرة ، التي نرفع لها اليوم اسمى آيات التقدير والاحترام ، والشكر على التحرير النظيف الذي لم تشوبه شائبة . والشكر الكبير لسماحة الامين العام السيد حسن نصرالله ، على سهره ورعايته الدائمة للمقاومة والمقاومين الابطال ، والتحيّة كل التحيّة للرئيس نبيه بري على دوره الوطني الجامع، وتحية الاكبار والاجلال لارواح شهدائنا الأبرار الميامين الذين سقطوا دفاعاً عن الأرض والعرض وفي سبيل إعلاء كرامة لبنان وعزّة الانسان . التحيّة كل التحيّة للجيش اللبناني وشهدائه الذين سقطوا دفاعاً عن عزّة وكرامة لبنان. وأريد هنا أن أكون صريحاً معكم أن أي مسّ بأمن واستقرار بلداتنا وقرانا لن نسمح به من أي جهة كانت وسنواجهه مهما كان الثمن. لا مجال لاستخدام أرضنا وقرانا قواعد للإرهاب وللتكفيريين ولن نسمح بأن تستخدم أرضنا وجبالنا وبلداتنا ممراً أو مقراً للتكفيريين. وندعو الجيش اللبناني الذي نحيّيه إلى مواصلة جهوده ودوره الفعّال في إقفال كل المعابر وحماية حدودنا من الإرهابيين والتكفيريين . وإنني أعتبر أن الاستمرار في عقد اجتماع القوى السياسية ورؤساء البلديات والمخاتير والمجتمع المدني في هذه المنطقة ضرورة وطنية لمواجهة كل الاحتمالات ولتعزيز العلاقات بين أبناء هذه المنطقة. وأنا أقول لكم بكل صدق من موقعي السياسي والوطني والديني أنه لا يوجد بيئة حاضنة في منطقتنا للتكفيريين والإرهابيين ولا يجوز أن تكون، فبوصلة الجميع يجب أن تكون نحو فلسطين، نحو العدو الإسرائيلي الذي يتربّص بنا، نحو التكفيريين والإرهابيين الذين يريدون تخريب مجتمعاتنا وخلق الفتنة بين أبناء الصف الواحد والمذهب الواحد والوطن الواحد.

hasbaya1

إنني أدعو من حاصبيا الحكومة اللبنانية إلى رفع الإهمال عن منطقتنا وإلى تعزيز قدرات الجيش والأجهزة الأمنية فيها، وإلى الإلتفاف حول المقاومة والوقوف معها وإلى جانبها لصدّ أي عدوانٍ قد تتعرّض له بلداتنا من إسرائيل أو من التكفيريين.

كل عام وانتم بخير ، كل عام ومقاومتنا بألف خير ، عاش الجنوب عاشت المقاومة، عاش لبنان.

hasbaya5