فرض تصاعد المواجهات بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال الاسرائيلي المتواصلة في مختلف المناطق الفلسطينية والداخل المحتل، وخصوصًا في الضفة الغربية المحتلة والقدس، نفسه على صدارة الاهتمامات خلال الأيام القليلة الماضية، ليرسم علامة استفهامٍ كبيرة عمّا إذا كان يؤشر لانتفاضةٍ فلسطينيةٍ جديدة أم مجرّد تصعيدٍ محدودٍ.
وفي الوقت الذي يجري فيه الحديث عن تهدئةٍ للأوضاع خصوصاً من قبل “إسرائيل“، تبقى الأحداث المفروضة على الأرض خارج السيطرة وفي إطار “أكثر من تصعيد” كما يصفها مختصون، ويمكن أن تتصاعد بشكل أكبر في الأيام المقبلة.
مسؤوليّة نتانياهو
برأي مستشار شؤون القدس في السلطة الوطنية الفلسطينية أحمد الرويضي، فإنّ ما يحدث لا يُعتبَر انتفاضة بكلّ ما للكلمة من معنى، وهو يحمّل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو مسؤولية التصعيد الحاصل على الأراضي الفلسطينية، لأنه سمح للمستوطنين اليهود باقتحام المسجد الأقصى بشكل يومي مبرمج، إضافة إلى منع المسلمين من دخوله وفرض قيود مشددة عليهم.
وفي حديث لـ”النشرة”، يشدّد الرويضي على أن “ما يهمنا هو الدفاع عن المسجد الأقصى ومنع تقسيمه زمانياً ومكانياً، وهو ما تريده الحكومة الاسرائيلية التي تتحمل المسؤولية الكاملة لكل ما يحدث”.
ويوضح الرويضي أن تطور الأحداث يعتمد على نتانياهو وقوات الاحتلال التي تنتقم من الفلسطينيين وتهدم منازلهم وتعتقل أطفالهم وأبناءهم، في حين لم يُحاكَم الذين قتلوا الطفل محمد أبو خضير وغيره من الفلسطينيين ولم تُفتَح حتى محاضر تحقيق بهذه الجرائم.
أكثر من تصعيد
ويتفق اللواء والخبير العسكري الفلسطيني يوسف الشبراوي مع الرويضي بقوله أنّ الأمور لم ترتقِ بعد لمستوى الانتفاضة، واصفاً ما يحدث بأنّه “أكثر من تصعيد”، منبّهاً إلى أّنّ أيّ انتفاضة ليس لها قيادة “يمكن أن ندفع ثمنها مستقبلاً في ظل غياب التنظيم والإدارة الفاعلة على الأرض”.
ويلفت اللواء البشراوي إلى أنّ الفلسطينيين كانوا ينتظرون الخطاب السياسي الذي ثبت أنّه عقيم، وهو ما ترجم من خلال التحرك وحالة الغضب الموجودة منذ سنوات على الأرض. ويؤكد أنّه إذا استُغِلّ ما يحدث بطريقة صحيحة، وتم توجيهه وفقاً لأهداف وطنية، يمكن أن يفتح أفقاً لتصحيح الوضع الفلسطيني، وإذا فشل فسيكون محبطاً مستقبلاً للشعب الفلسطيني، مضيفاً: “لا بد أن يكون لهذه الانتفاضة قيادة تقود نضال الشعب الفلسطيني والا سندفع ثمنًا باهظًا”.
وعن إمكانية استمرار المواجهات المتزامنة مع حالة الغضب، يرى الشبراوي أن أحداً لا يمكنه أن يتنبّأ بمدى غضب الفلسطينيين ما يعني أنها يمكن أن تستمر وتأخذ اتجاهاً تصعيديًا، وهو الاحتمال الأقرب حتى الآن، في الوقت الذي يصر فيه العدو الإسرائيلي على قمع الانتفاضة من خلال ممارسته الإرهاب والقتل اليومي بحق الفلسطينيين، لأنه يدرك أن ما يحدث في الشارع بدون قيادة.
هل تهدأ؟
وفي سياق آخر، يرى الخبير العسكري الشبراوي أنّ الخطير في الموضوع هو أنّ الشارع هو الذي يقود الانتفاضة، وهي حالة غضب على جرائم الاحتلال بحق الفلسطينيين، في الوقت الذي يتضح أنها بدون قيادة وأهداف سياسية.
وفي المرحلة الحالية، يستبعد الشبراوي أن تتجه الأمور نحو الهدوء، مشيرًا إلى أنّ “الدم يؤجج الدم”، مشدداً على أنّه يجب أن يكون هناك أهداف سياسية وعنوان للانتفاضة في الوقت الذي لا أحد يستطيع السيطرة على الشارع إلى حد الآن.
ويعرب الشبراوي عن اعتقاده بأنّ من يلتقط هذه اللحظة هو الذي سيقود الانتفاضة، في الوقت الذي ثبت فيه أنه ليس للأحزاب تجربة سياسية “والشارع متروك من دون قيادة”، ويضيف: “الانتفاضة تكون منظمة وذات أهداف واضحة ومعروضة لكن إلى حد الآن لا يوجد تنظيم”.
ما يحصل لا يرتقي إذاً لمستوى الانتفاضة حتى الآن، فللانتفاضة شروطها ومقوّمها، ولعلّ القيادة والتنظيم هو الأساس فيها، فهل تتلقف مجموعة ما الفرصة، أم أنّ التصعيد محدود ومؤقت، وسرعان ما ينتهي؟