يبدو أحد المعنيين الأساسيين بالملف الرئاسي مستنفرا في الايام القليلة الماضية، فهو مقتنع أنّه بعد مرور سنة ونصف على شغور سدة الرئاسة، قد انتقل الموضوع أخيرا ومع طرح رئيس تيار “المستقبل” سعد الحريري ترشيح رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية، من الغيب الى الأفق، وأن بوابة قصر بعبدا فُتحت ولن تغلق قريبا الا بعد انتخاب رئيس جديد للبلاد.
ومع مرور الأيام على المفاجأة الحريرية المدوية لجهة الاعراب عن استعداد التيار الأزرق دعم فرنجية، تتلاشى حظوظ زعيم بنشعي على وقع الفيتو المسيحي المتفاعل والذي في حال استمر يقطع الطريق كليا على الزعيم المسيحي الشاب الذي لا يزال يعقد آمالا كبيرة جراء جرعات الدعم الدولية المستمرة التي يتلقاها بشكل شبه يومي.
أما الموقف الذي لا يزال فرنجية ينتظر سماعه من “حزب الله” بشأن ترشيحه، فلن يكون كما يتمنى. اذ تؤكد مصادر مطلعة أنّ الحزب لا يزال ماضيًا بترشيح رئيس تكتل “التغيير والاصلاح” العماد ميشال عون للرئاسة، “ولا تغييرات مرتقبة بالأفق في هذا الاطار”، لافتة الى انّه “لا يمكن لفرنجية استبدال الغطاء المسيحي غير المتوافر بغطاء اسلامي فقط”.
ولا يبدو أنّ “حزب الله” حاليًا بصدد استرجاع الطابة الرئاسية التي رماها في ملعب الرابية منذ فترة، اذ تؤكد المصادر أنّه “لن يكون هناك اي تداول او حديث عن مرشحين جدد للرئاسة طالما العماد عون متمسك بترشيحه”، قائلة: “حين يرتئي هو التراجع أو التنازل لصالح مرشح آخر فعندها لكل حادث حديث”.
وبعكس “التيار الوطني الحر”، يتردّد “حزب الله” بالحديث عن “مناورة حريرية” بدعم رئاسة فرنجية للجمهورية، وتشير المصادر المطلعة على موقف الحزب الى ان “الطرح الاخير لزعيم “المستقبل” قد يكون جدّيا ويحظى بغطاء اقليمي ودولي، الا أن الحزب غير ملزم بالتعامل معه طالما لا يزال غير رسمي وغير علني”.
ولعل عدم طرح المتحاورين من ضفتي “حزب الله” و”المستقبل” خلال الجلسة الأخيرة المبادرة الحريرية على طاولة البحث، أكبر دليل على عدم نضوج الأمور وان ترشيح فرنجية لا يسير كما تشتهي سفنه. وقد أظهر البيان الأخير الصادر عن المكتب الاعلامي لتيار “المردة” بعد لقاء فرنجية بوزير الخارجية جبران باسيل، حجم الاحتقان الذي يخّيم على بنشعي، اذ عبّر عن امتعاض الزعيم الشمالي الشاب الواضح من رفض الأقطاب المسيحيين السير به حين قال: “الحديث عن رفض الأقطاب لترشيح فرنجية نناقشه اذا كان هناك عذر مسيحي او وطني، أما اذا كان على قاعدة “ليش انت مش انا” فالأمر مختلف تماما وغير مقبول”.
ويتطلع فرنجية لأن تكسر بكركي حلقة الصمت الذي تنتهجه منذ فترة، بالتذكير بالاتفاق المسيحي الذي تم تحت سقفها حول وجوب السير بأحد الأقطاب الـ4 للرئاسة وبالتالي اعطائه جرعة الدعم المطلوبة والغطاء المسيحي المفقود. الا أن مقربين من بكركي يؤكدون ان البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي “يتفادى الدخول في البازار الرئاسي الحاصل لأن ما يعنيه ملء سدة الشغور وبأسرع وقت ممكن ولو بأي رئيس كان حرصا منه على موقع ودور الرئاسة الاولى”.
وحتى اتمام فرنجية مهمته بتحقيق تفاهم مسيحي-اسلامي، اقليمي-دولي حول اسمه، لن ينجرّ أي من الأفرقاء الأساسيين المعنيين بالملف الرئاسي وعلى رأسهم البطريركية المارونية و”حزب الله”، الى حلبة الصراع الرئاسي المحتدم والذي يتأكد يوما بعد يوم أن احدا من الاقطاب الـ4 لن يتمكن من حسمه لصالحه، وان كرسي الرئاسة ستذهب بالنهاية الى خارج دائرتهم.
“حزب الله” لن يتبنى ترشيح فرنجية وهو أبلغه بأولوية “الغطاء المسيحي”
0
بولا أسطيح – خاص النشرة